تزايد الحاجة إلى إعادة النظر في السياسات المناخية العالمية

خلال الأسبوع الماضي، وللمرة الثانية خلال ثمانية أشهر، أخفق العالم في التوصل إلى معاهدة دولية لمكافحة التلوث البلاستيكي. وقبل ذلك، لم يحرز اتفاق عالمي للحد من فقدان التنوع البيولوجي إلا بعد محاولتين شاقتين.

أما قبل تسعة أشهر، فقد شهدت أذربيجان واحداً من أكثر مؤتمرات المناخ التابعة للأمم المتحدة إثارة للجدل.

وجاء ذلك قبل أن يضاعف دونالد ترامب جهوده لإطالة أمد عصر الوقود الأحفوري، في وقت سجلت فيه البيانات ارتفاعاً قياسياً في درجات الحرارة العالمية إلى مستويات لم يعرفها البشر من قبل.

وهكذا، لن يتذكر التاريخ السنوات الأولى من العقد الحالي على نحو حسن عندما يتعلق الأمر بالجهود العالمية الرامية إلى حماية بيئة تخضع لهجمات واسعة النطاق، لا سيما من التداعيات المتزايدة للتغير المناخي.

ولا عجب أنه، قبل نحو تسعين يوماً من انعقاد نسخة هذا العام من مؤتمر الأطراف «كوب»، كانت الضغوط لإعادة النظر في السياسات التي ميزت الأعوام الثلاثين الماضية غير قابلة للتجاهل.

وتعد بعض الأفكار الرامية للإصلاح غير ذات جدوى، وهناك أفكار أخرى تدريجية، غير أن بعضها يسهم في رفع الروح المعنوية لـ 80% من الناس حول العالم ممن يرغبون في اتخاذ إجراءات حكومية أكثر صرامة لمعالجة التغير المناخي.

لكن من المرجح أن تكون كل الأفكار المطروحة متأخرة على مؤتمر هذا العام الذي ينعقد في البرازيل، وهو أمر مؤسف، فقد سادت حالة من الارتياح في عام 2023 حينما اختيرت البرازيل لاستضافة المؤتمر، خصوصاً في ظل تعهد الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا آنذاك بأن يجعل السياسة المناخية أولوية لإدارته.

وجاء ذلك رغم أن القرار الصادر في عام 2023 لم يكن يتيح لدبلوماسييه المناخيين سوى عامين فقط لتنظيم قمة بإمكانها اجتذاب ما يصل إلى 83.000 من المشاركين.

وقد تسبب خلاف سياسي مطول حول حقوق الاستضافة في أن تكون أذربيجان المضيف المفاجئ لمؤتمر عام 2024.

ومع ذلك، فإن قرار لولا بتنظيم المؤتمر في مدينة بليم الواقعة في حوض الأمازون ولا يتوفر بها إلا 18.000 سرير أرهق كاهل دبلوماسييه بأشهر من الصعوبات اللوجستية.

على صعيد آخر، فإن ميل مؤتمرات «كوب» إلى اتخاذ القرار بالإجماع قد تسبب في أن أستراليا وتركيا ما زالتا تتصارعان على تنظيم القمة المناخية للعام المقبل في خلاف كان من المفترض أن ينتهي قبل عام من اليوم.

وتسبب هذا الوضع السيئ في أن تكون الإجابة عن السؤال الأعمق الذي يحيط بمفاوضات المناخ التي ترعاها الأمم المتحدة أكثر صعوبة منذ الإعلان عن اتفاق باريس في عام 2015: ما الغرض أصلاً من مؤتمرات «كوب»؟

من الناحية الفنية، يفترض بهذه المؤتمرات أن تسهم في تقييم البلدان للجهود الرامية إلى الوفاء بمستهدفات اتفاق باريس والإبلاغ عنها، وهي والتي تضع نصب أعينها الحد من الاحتباس الحراري للأرض.

لكن الوتيرة السيئة للتقدم أثارت مطالبات بفعل شيء لم تؤسس الأمم المتحدة لفعله، وهو تسريع التدابير الرامية إلى خفض الانبعاثات الكربونية على نحو جذري.

وكانت النتيجة أن دولاً مستضيفة طموحة لمؤتمرات كوب، كالمملكة المتحدة في عام 2021 أو الإمارات في عام 2023، تعهدت إما بوقف فقدان الغابات أو مضاعفة سعة الطاقة المتجددة بثلاث مرات، بينما كان الزخم يضعف في العام التالي عندما تتولى دول مضيفة غير مبالية زمام تنظيم المؤتمر.

ولهذا السبب، يرغب الكثيرون من دعاة الإصلاح، وبصورة مبررة، إلى تتبع يتسم بطابع رسمي أكبر لتنفيذ تعهدات «كوب» أو استبعاد الدول المضيفة لمؤتمرات «كوب» التي تقاوم اتخاذ تدابير مناخية ذات مغزى. ويرغب آخرون في استخدام نظام الأمم المتحدة للتفاوض على اتفاقيات جديدة بين الدول الأصغر الضالعة في مجموعات خارج العملية الرسمية لمؤتمرات «كوب»، مثل ما يفعله «تحالف ما وراء النفط والغاز».

وثمة ما يبرر مثل هذه الأفكار، لكنها تظل غير كافية. لذا، هناك صعوبة في الاختلاف مع الدعوات لمزيد من التحركات الجذرية لمواجهة الحواجز السياسية الجوهرية التي تعيق التقدم.

تقدم عالمة السياسة، جيسيكا غرين، طرحاً مثيراً عن مثل هذه التحركات في كتابها المنتظر «سياسة وجودية». ويشير الكتاب إلى أن النهج الحالي المتبع يسفر عن سياسات معقدة وفنية، مثل تعويض الكربون أو تسعيره، وهي آليات يمكن التلاعب بها بسهولة.

وينظر العلماء، مثل غرين، إلى القواعد الضريبية والتجارية القائمة بالفعل، والسياسات الصناعية الخضراء، وتدابير أخرى تستهدف تعزيز القوة السياسية للأطراف التي توجد لديها أصول للطاقة النظيفة، كما أنها تضعف نظراءهم ممن يعتمدون على مصادر الطاقة الملوثة.

وهناك مثال على ذلك، كإنهاء «الفتور التنظيمي» لقواعد اتفاقيات الاستثمار التي تثبط العمل المناخي المحلي عن طريق السماح لشركات النفط والغاز بمقاضاة الحكومات للحصول على تعويضات كبيرة.

فهل يمكن لمثل هذه الحواجز السياسية التي تعيق مؤتمرات «كوب» أن تبطئ مثل هذه الإصلاحات؟ ربما. هل أضعفت إدارة ترامب باستمرار العزيمة لمحاولة خوض غمار هذه المحاولات؟ ربما. لكن أي خطوة من شأنها معالجة الجوانب السياسية ومجابهة الأموال الموجودة في صميم المشكلة المناخية هي خطوة تأخرت كثيراً.