أليس هانكوك - باولا تمام - جيمس بوليتي
يشير مسؤولون في الاتحاد الأوروبي إلى أن إصدار الوثيقة التي تستهدف إضفاء الطابع الرسمي على الاتفاق المُبرم خلال الشهر الماضي مع واشنطن، مؤجل حتى الآن، لخلافات بشأن الصياغة المستخدمة في الحديث عن «الحواجز غير الجمركية».
وسعى الاتحاد الأوروبي لمنع الولايات المتحدة من استهداف قواعده الرقمية المميزة، في ظل خلاف متصاعد بين الجانبين حول الصياغة النهائية لبيان مشترك كان من المفترض أن يُضفي الطابع الرسمي على الاتفاق التجاري الذي توصل إليه الجانبان الشهر الماضي، لكنه تأجل إصداره حتى الآن.
ويؤكد مسؤولون أوروبيون أن الخلافات تتعلق بتعريف «الحواجز غير الجمركية»، وهي التي تعتبرها واشنطن شاملةً للقواعد الرقمية الطموحة التي يعتمدها التكتل.
وكان من المنتظر صدور البيان عقب إعلان رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اتفاقهما بشأن التعريفات الجمركية، في 27 يوليو الماضي بإسكتلندا.
وأشار اثنان من كبار مسؤولي الاتحاد الأوروبي، إلى أن واشنطن تسعى إلى إبقاء الباب مفتوحاً أمام تنازلات محتملة بشأن «قانون الخدمات الرقمية»، الذي يُلزم شركات التكنولوجيا الكبرى بمراقبة منصاتها الرقمية بصرامة أكبر، وهو ما أكدت المفوضية أنه يمثل خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه.
ومن جانبه، قال مسؤول أمريكي: «ما زلنا نعالج حواجز التجارة الرقمية في محادثاتنا مع شركائنا التجاريين، وقد وافق الاتحاد الأوروبي على معالجة هذه الحواجز حينما توصلنا إلى اتفاقنا المبدئي».
وكانت المفوضية تتوقع من ترامب توقيع أمر تنفيذي يخفض التعريفات الجمركية المفروضة على السيارات التي يصدّرها الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة الأمريكية، من 27.5 % إلى 15 % بحلول 15 أغسطس الجاري، لكن مسؤولاً أمريكياً شدد على أن هذا لن يحدث حتى يتم الاتفاق على بيان مُشترك.
وتابع المسؤول الأمريكي: «سيأتي تعديل أي نسبة للتعريفات الجمركية، مثل القسم الخاص بالسيارات، عقب الانتهاء من البيانات المُشتركة مع الشركاء التجاريين الذين توصلنا إلى اتفاقيات تجارية معهم».
ولذلك، فإنه رغم مرور عدة أسابيع، ما زالت مسودات البيان تتناقلها الأيدي بين بروكسل وواشنطن، ولم يصدر بعد أي قرار بشأن السيارات، وهي قطاع تصديري مهم بالنسبة لألمانيا بصفة خاصة.
وعلى النقيض من ذلك، كانت الولايات المتحدة قد قامت بنشر «الشروط العامة» لـ «اتفاق الرخاء الاقتصادي» مع المملكة المتحدة، باليوم ذاته الذي توصل فيه الطرفان إلى الاتفاق في مايو الماضي، غير أن تنفيذ أحكام الاتفاقية استغرق أسابيع، فيما لا تزال المفاوضات بشأن الصلب وصادرات أخرى جارية.
ويحدد الاتفاق التجاري مع بروكسل، الذي اعتبرته المفوضية الأوروبية واحداً من أكثر الاتفاقيات منفعة، التي وقعها الرئيس الأمريكي منذ إطلاقه أولى رصاصات الحرب التجارية، حداً أقصى للتعريفات الجمركية المفروضة على غالبية السلع التي تستوردها الولايات المتحدة من الاتحاد الأوروبي عند 15 %.
كما حصلت بعض صادرات الاتحاد الأوروبي على إعفاء من الرسوم، بما في ذلك قطع غيار الطائرات، وأدوية بعينها، ومعادن حيوية.
ومع ذلك، ينظر محللون وساسة في دول التكتل، إلى الاتفاق على أنه سلبي للاتحاد الأوروبي، الذي اضطر إلى القبول بتعريفات جمركية أعلى، في الوقت الذي ألزم نفسه فيه بإنفاق مئات المليارات من الدولارات على صادرات الطاقة الأمريكية، وعلى استثمارات في الولايات المتحدة.
هناك أيضاً، حسبما يشير مسؤولون في بروكسل، عائق آخر يحول دون توقيع البيان المُشترك بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وهو يتعلق بالجداول الزمنية.
فقد طلبت إدارة ترامب مزيداً من الوضوح بشأن الموعد الذي سيكون فيه للأسماك الأمريكية، ومنتجات غذائية مثل الكاتشب، والبسكويت، والكاكاو، وزيت فول الصويا، وصول أفضل إلى الأسواق الأوروبية، وعن الموعد الذي سيقلل فيه الاتحاد الأوروبي تعريفاته الجمركية المفروضة على السلع الصناعية الأمريكية.
وقد أشار التكتّل المُكوّن من 27 دولة، إلى استحالة تحديد جدول زمني مُعيّن لإجراءات الموافقة الداخلية، خاصة في ضوء عدم اتخاذ قرار بعد، بشأن كيفية إجراء التعديلات القانونية الرامية إلى خفض الحواجز البيروقراطية التي يواجهها المستوردون الأمريكيون.
وقال أحد مسؤولي الاتحاد الأوروبي: «لقد قدمنا التزامات سياسية نعتزم الوفاء بها، مع افتراض أن الولايات المتحدة ستفعل الأمر ذاته أولاً، وفق هذا الترتيب».
وأوضح مسؤول أمريكي لصحيفة «فاينانشال تايمز»، أنه «كما كانت الحال مع المملكة المتحدة، فقد اتفقت إدارة ترامب والاتحاد الأوروبي على إطار عمل لاتفاق شامل. وكان كلا الطرفين واضحاً وقت التوصل إلى اتفاق، أن الكثير من التفاصيل سيتم العمل عليها في وقت لاحق».
وأضاف المسؤول: «تعمل الإدارة بصورة وثيقة مع الاتحاد الأوروبي، للانتهاء من هذه التفاصيل بأسرع ما يمكن، لتعزيز وصول الصادرات الأمريكية إلى الأسواق الأوروبية».
وأكد أولوف غيل، الناطق بلسان المفوضية الأوروبية، أن البيان تم إرساله إلى الاتحاد الأوروبي من جديد للمراجعة. وقال: «نحن نركّز تماماً على التوصل إلى هذا البيان المُشترك»، لافتاً إلى أن «الشوط الأخير دائماً ما يكون هو الأصعب».