التضخم البريطاني يعود للارتفاع.. فهل يهدد سياسة الفائدة؟

سام فليمنغ - إيان سميث - كيت دوغويد
تنفّس صانعو السياسة في بنك إنجلترا الصعداء، حين تراجع التضخم دون المستوى المستهدف البالغ 2 % العام الماضي، مسجّلاً 1.7 % في سبتمبر 2024، غير أن المسار الأخير للتضخم، يسير في الاتجاه المعاكس تماماً.

ومن المرجّح أن تكشف البيانات الرسمية المقرر صدورها غداً الأربعاء، عن استمرار ارتفاع أسعار المستهلكين على أساس سنوي إلى 3.7 % في يوليو، مقارنة بـ 3.6 % في يونيو، وفقاً لاستطلاع لـ«رويترز».

كما يُتوقّع أن يسجّل تضخم قطاع الخدمات – الذي يحظى بمتابعة دقيقة من بنك إنجلترا، باعتباره مؤشراً على الضغوط السعرية الأساسية – زيادة، إلى 4.8 %، مقابل 4.7 % سابقاً.

وكان البنك رجّح خلال معظم العام أن يكون انتعاش التضخم مؤقتاً، إلا أن نبرة الخطاب تغيّرت بعض الشيء في الاجتماع الأخير للجنة السياسة النقدية، حيث جرى خفض سعر الفائدة الرئيس إلى 4 %، بفارق تصويت ضئيل (5 مقابل 4).

واعترف ديف رامسدن نائب محافظ بنك إنجلترا، بأن «استمرار التضخم جاء مفاجئاً بالنسبة لي»، فيما يتزايد قلق صانعي السياسة من أن تسارع الأسعار قد يرغمهم على وقف مزيد من خفض الفائدة.

ويتمثل القلق في أن المملكة المتحدة بدأت تبدو وكأنها منفصلة عن نظرائها، في ضوء مشكلة التضخم لديها، التي تتسم بكونها عنيدة.

ومن المُقرر أن تتابع السوق عن كثب البيانات التالية التي ستصدر عن مكتب الإحصاءات الوطنية.

من ناحية أخرى، قلل الاتفاق التجاري الذي توصل إليه الاتحاد الأوروبي مع الولايات المتحدة الشهر الماضي، من عدم اليقين الذي يلقي بظلاله على علاقة التكتّل بأكبر سوق تصدير لديه، لكن الاتفاق لم يُثِر إعجاب الكثيرين، إذ اشتمل على تعريفات جمركية قدرها 15% على غالبية صادرات الاتحاد الأوروبي.

ومن المُقرر أن تصدر قراءات مؤشرات مديري المُشتريات لشهر أغسطس، الخميس، حيث يمكن أن توفر لمحة عن الكيفية التي تنظر بها الشركات العاملة بمنطقة اليورو إلى الاتفاق.

ويتوقع خبراء الاقتصاد الذين استطلعت «رويترز» آراءهم، تسجيل المؤشر المُركّب 50 نقطة، أي الحد الفاصل بين النمو والانكماش، مقابل 50.6 نقطة في يوليو.

ومن المُرجح تسجيل مؤشر مديري المُشتريات التصنيعي، الذي يحظى بمتابعة عن كثب، 49.5 نقطة، ما يعني تسجيله مستويات أعمق داخل المنطقة الانكماشية، بعد أن كان قد سجل 49.8 نقطة في يوليو.

وفي إشارة إلى إضرار التعريفات الجمركية بالثقة، فقد انخفض مؤشر «زيو» الألماني لمعنويات الشركات، والذي نشر بياناته في يوم 12 أغسطس، بما يتخطى تقديرات خبراء الاقتصاد.

وقال محللون لدى «بانثيون ماكرو إكونوميكس»: «من الواضح أن المستثمرين ما زالوا غير مقتنعين بأن الاتفاق إيجابي لألمانيا، أو منطقة اليورو الأوسع نطاقاً».

وأضافوا بالقول: «ما زال علينا أن ننتظر لبعض الوقت، لمعرفة التأثير الحقيقي للاتفاق التجاري» من خلال البيانات الاقتصادية الفعلية، لافتين إلى أن مؤشرات مديري المُشتريات ستوفر «أول لمحة عما يحدث».

وتراهن السوق على بلوغ المصرف المركزي الأوروبي نهاية دورة خفض أسعار الفائدة تقريباً، مع تسجيل الفائدة على الودائع 2% حالياً. ومن شأن تدهور المعنويات جراء الضغوط التجارية، أن يُخضع هذا الافتراض للاختبار.

من جانبهم، سيمحص المستثمرون البيانات الدالة على صحة الشركات الأمريكية هذا الأسبوع، بحثاً عن مؤشرات على الهشاشة في أكبر اقتصاد على مستوى العالم، مع تقييمهم للمسار المُحتمل الذي سيسلكه مجلس الاحتياطي الفيدرالي مستقبلاً.

ومن المُنتظر أن تُصدر «إس آند بي غلوبال»، بياناتها لمؤشرات مديري المُشتريات الأمريكية، يوم الخميس، والتي تقيس نشاطي التصنيع والخدمات.

كما ستوفر هذه المؤشرات لمحة عن أداء الشركات الأمريكية، مع بدء دخول التعريفات الجمركية التي أقرها دونالد ترامب حيز التنفيذ.

وستكون بيانات مؤشرات مديري المُشتريات قياساً حقيقياً للزخم الاقتصادي، مع اقتراب الربع الأخير من العام، وفيما تقترب أسواق الأسهم من أعلى مستوياتها القياسية.

وسيركّز المتعاملون في الأسواق، ليس فقط على الأرقام الأساسية، وإنما كذلك على المكونات الفرعية، لا سيما مكوّن الطلبيات الجديدة، والتوظيف، وأسعار المُدخلات، مع بحثهم عن مؤشرات على وجود ضعف مُحتمل.

ومن شأن صدور قراءة تفوق التوقعات، خصوصاً لقطاع الخدمات، أن يعزز الموقف الحذر لجيروم باول رئيس الفيدرالي، في ما يتعلق بأسعار الفائدة، وسيؤكّد التوقعات بأن خفض الفائدة المُتوقع في سبتمبر، سيكون محدوداً عند ربع نقطة مئوية.

ومن المُقرر أن يسفر أي ضعف للنشاط، خاصة إذا أوضح تراجع الطلبيات الجديدة أو التوظيف، عن تزايد التقديرات بخفض الفيدرالي للفائدة بنسبة أكبر، قدرها نصف نقطة مئوية.

كما ستراقب السوق عن كثب، مكونات التضخم في بيانات مؤشرات مديري المُشتريات، إذ إن عودة تكاليف المُدخلات إلى التسارع، ستثير مخاوف جديدة بشأن ضغوط الأسعار.

ومن المُرجح إجراء المستثمرين مقارنة بين القراءات الأمريكية للمؤشرات، وقراءات مديري المُشتريات لاقتصادات كبرى أخرى، من المُقرر صدورها هذا الأسبوع.

ومن شأن التباين بين مؤشرات مديري المُشتريات الأمريكية والأوروبية أو الآسيوية، أن يؤثر في أسواق العملات، خاصة إذا كانت ستؤثّر في فروقات أسعار الفائدة.