روبرت آرمسترونغ - هاكيونغ كيم - آيدن رايتر
تصاعدت المطالب الموجهة إلى الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لخفض معدلات الفائدة، عقب النتائج المخيبة التي كشف عنها تقرير الوظائف لشهر يوليو.
وقد تكون المعضلة أكثر تعقيداً إذا كان الخلل في جانب العرض لا الطلب.
وفي هذا السياق، يشير دافال جوشي من «بي سي إيه للأبحاث» إلى أن حجم القوى العاملة المتاحة في الولايات المتحدة يقل بملايين عن إجمالي الطلب على العمالة، الذي يشمل الوظائف القائمة والشواغر المعلنة والعمال المسرحين مؤقتاً.
وبحسب جوشي، فإن تباطؤ خلق الوظائف يعود أساساً إلى شح العمالة، لا إلى ضعف الطلب.
ومن ثم، فإن خفض الفائدة في الوقت الراهن قد يزيد الطلب على العمالة دون أن ينعكس ذلك في زيادة فرص العمل الفعلية، بل وقد يفاقم الفجوة بين الطلب المتنامي والعرض المحدود، وهو أمر من شأنه إعادة إشعال التضخم، وسيكون خطأً استراتيجياً في السياسة النقدية.
كما يرى مات كلاين من منصة «ذا أوفارشوت» أن انخفاض صافي الهجرة تحت إدارة ترامب تسبب في ما وصفه بـ«صدمة عرض» في سوق العمل، مشيراً إلى أن تراجع وتيرة خلق الوظائف يعكس بدرجة كبيرة انخفاض تدفقات المهاجرين.
ويؤيد «ريان وانغ» الخبير الاقتصادي في «إتش إس بي سي» هذا التوجه، مؤكداً أن «الاتجاه الهبوطي يعكس تباطؤاً في الطلب على العمالة».
ونحن من جانبنا نرجح فرضية تراجع العرض، نظراً لضعف المؤشرات على انخفاض الطلب خارج بيانات التوظيف مع التأكيد أن مستوى الثقة بهذا الاستنتاج ليس قوياً.
وبالانتقال إلى ظاهرة تباطؤ النمو الأساسي لأرباح كبرى الشركات الأمريكية، يبرز التساؤل: ما الذي يقف وراء هذا التراجع؟ هل هو ضعف الطلب؟ أم ارتفاع التكاليف؟ أم الرسوم الجمركية؟ أم عوامل خارجية لم تؤخذ بعين الاعتبار؟
لكن هذه المعطيات ليست حاسمة، فالأرقام تعكس قيمة المبيعات الاسمية، أما نمو المبيعات الحقيقي، والذي يقل عن 5%، فلا يمكن اعتباره قوياً.
في المقابل، تظهر قطاعات المواد الأولية والصناعات والمرافق العامة علامات ركود، بينما يبدو قطاع السلع الاستهلاكية الكمالية في وضع سيئ للغاية.
ولنبدأ بأضعف القطاعات، السلع الاستهلاكية الكمالية، حيث تراجعت الأرباح التشغيلية للشركات الأربعين المدرجة ضمن مؤشر «إس آند بي 500» التي أعلنت نتائجها للربع الثاني بنحو 4.3 مليارات دولار مقارنة بعام 2024.
ويمكن تصنيف الشركات الأكثر تأثيراً في هذا التراجع ضمن ثلاث فئات رئيسية: • الأولى شركات صناعة السيارات: ويرتبط هذا التراجع في الغالب بالرسوم الجمركية، فبينما ارتفعت مبيعات جنرال موتورز من السيارات، فقد عانت الشركة من انخفاض أرباحها في الربع الثاني بمقدار 1.8 مليار دولار مقارنة بالعام الماضي، ويعزى 1.1 مليار دولار من هذا التراجع إلى الرسوم. كما تراجعت أرباح فورد بمقدار 1.4 مليار دولار، منها 800 مليون بسبب الرسوم الجمركية.
وقد انخفضت الأرباح التشغيلية المجمعة للشركتين بنحو 1.8 مليار دولار خلال الربع المذكور.
وقد صرح بول رومانوسكي، الرئيس التنفيذي لشركة «دي إتش هورتون»، بأن «الطلب على المنازل الجديدة لا يزال متأثراً بالمعوقات المستمرة للقدرة الشرائية وبحذر المستهلكين». . ورغم كل هذه المؤشرات، فإن الصورة لا توحي عموماً بوجود تراجع واسع في الطلب داخل الاقتصاد الأمريكي ككل.
