جيمس بوليتي - إيمي ويليامز
تغنى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من داخل المكتب البيضاوي، بما اعتبره نجاحاً لعهده الجديد القائم على فرض تعريفات جمركية أعلى على معظم دول العالم.
فقد تمكن بعضهم، مثل الاتحاد الأوروبي واليابان، من انتزاع استراحة مؤقتة عبر اتفاقات متأخرة مع واشنطن، خفضت الرسوم المزمعة على معظم منتجاتهم، لكن بلداناً أخرى — بينها البرازيل والهند وسويسرا — لم تحظ بهذه المعاملة، إذ وجدت نفسها أمام تعريفات جمركية أعلى، ما أثار استياءها ودفعها إلى حالة من الحيرة بشأن كيفية الرد.
وهو يدرك جيداً أن الولايات المتحدة لديها قوة اقتصادية طاغية. وهكذا، فقد باتت التعريفات الجمركية أداة ضغط ووسيلة لإظهار الهيمنة».
وبالنسبة للهند، فقد قرر ترامب زيادة التعريفات الجمركية الأمريكية المعتزمة من 25% إلى 50%، رداً على شراء نيودلهي للنفط الروسي، وجاء ذلك بينما هو يحاول التوسط في عقد اتفاق سلام في الحرب الأوكرانية.
وخلال الأسبوع الماضي، أعلن ترامب أن مسعى كندا الرامي إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية سيجعل من التوصل إلى اتفاق في المفاوضات التجارية العالمية أمراً «شديد الصعوبة»، مع زيادته للتعريفات الجمركية المفروضة على السلع الكندية غير المشمولة بإطار الاتفاقية بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا إلى 35%.
ويقول العديد من خبراء التجارة حول العالم، إن الربط الصريح للسياسة الاقتصادية بالنتائج السياسية سيزيد من عدم اليقين المتعلق بسياسات ترامب التجارية، بما أن بإمكانه رفع أو خفض الرسوم الأمريكية بصورة لا يمكن التنبؤ بها وفق الأهداف التي يسعى وراءها في الوقت الراهن، سواء تم التوصل لاتفاق تجاري أم لا.
وتابع: «يمكن أن تظل هذه الاتفاقيات قائمة طوال بضعة أسابيع، لكن هل يمكن لمنطق جديد أن يظهر فتبرر إدارة ترامب بموجبه زيادة التعريفات المفروضة على بلد ما، أو إلغاء الاتفاق؟ لا أحد يعلم الإجابة، أليس كذلك؟».
ففي فترته الأولى، هدد ترامب المكسيك بفرض تعريفات جمركية مرتفعة لإجبار البلاد على كبح تدفقات المهاجرين.
وفي أوائل فترته الثانية، تعهد الرئيس الأمريكي بفرض تعريفات على الواردات الكولومبية ما لم تقبل البلاد بالمرحلين من الولايات المتحدة.
وتأتي الرسوم الجمركية الإضافية التي فرضها على كل من الهند والبرازيل على قمة تحركات ترامب الساعية إلى فرض تعريفات إضافية ضد الصين، وكندا، والمكسيك، وهم الشركاء التجاريون الثلاثة الأبرز للولايات المتحدة، بحجة أن البلدان الثلاثة لم تفعل ما يكفي لوضع حد لتجارة مخدر الفنتانيل.
وفي أواخر يونيو الماضي، وجه ترامب هجماته ضد إسبانيا لمقاومتها زيادة الإنفاق الدفاعي، محذراً من أنه سيتحتم على البلاد «سداد ضعف هذا» على التجارة بسبب موقفها.
وفي تصريحات صحافية، شدد ناريندرا مودي، رئيس الوزراء الهندي قائلاً: «لن تتنازل الهند أبداً عن رفاهية مزارعيها، أو قطاع منتجات الألبان، أو الصيادين، وأعلم على المستوى الشخصي أني قد أدفع ثمناً غالياً بسبب ذلك».
وأشار إلى وجوب التوصل على رد منسق من جانب دول مجموعة «بريكس»، خصوصاً البرازيل، والهند، غير أن أياً من البلدين لم يشِر إلى أي تصعيد جديد ضد واشنطن.
وبالنسبة لمسؤولي إدارة ترامب، فما زال الدافع الاقتصادي من وراء التعريفات الجمركية يحتل الأولوية، ويتمثل في إعادة صياغة العلاقات التجارية للولايات المتحدة مع بقية دول العالم.
وفي أوائل أبريل الماضي، وصف ترامب الأمر بأنه «إعلان الاستقلال الاقتصادي» للولايات المتحدة.
كما حدد سكوت بيسينت، وزير الخزانة الأمريكي، إطاراً لنظام التعريفات بواسطة مصطلحات اقتصادية، في محاولة لـ «إعادة التوازن التجاري لصالح الولايات المتحدة».
وقال مسؤول في البيت الأبيض: «تعد التعريفات أداة اقتصادية بإمكانها خدمة أغراض اقتصادية متعددة في مختلف السياقات».
وأضاف: «في حالة الهند والبرازيل، يتمثل الغرض منها أيضاً في تنفيذ مختلف أهداف السياسة الخارجية والأمن القومي».
ففي أبريل، اضطر ترامب إلى تعليق التعريفات التي فرضها مؤقتاً بعد الاضطرابات الحادة التي لحقت بأسواق الأسهم العالمية والبيع الكثيف الذي شهدته سندات الخزانة الأمريكية.
لكن تعافت مؤشرات الأسهم منذ ذلك الحين، على الرغم من انخفاض قيمة الدولار الأمريكي مقارنة بعملات أخرى.
وفي المقابل، مع ذلك، هناك إشارات على أن تعريفات ترامب الجمركية بدأت في التأثير على الاقتصاد بصورة أوسع نطاقاً، مع تباطؤ نمو التوظيف على نحو حاد في الولايات المتحدة.
لكن بعض من الاتفاقيات الأخيرة التي أبرمها ترامب وصفت بأنها ليست أكثر من مجرد منشور على وسائل التواصل الاجتماعي.
