روبرت أرمسترونغ
شهدت الأسهم الأمريكية بعض التراجع، الذي يُعزى– وفقاً لأوساط المتعاملين في الأسواق – إلى تراجع نتائج مؤشر مديري المشتريات للقطاع الخدمي الصادر عن معهد إدارة التوريدات، الذي انخفض إلى 50.1 نقطة، مع العلم أن أي قراءة دون مستوى 50، تشير إلى انكماش النشاط الاقتصادي.
وبينما تُظهر مؤشرات مديري المشتريات في القطاع الصناعي علامات ركود، فإن تراجع قطاع الخدمات يُعد مصدراً أكبر للقلق، نظراً لكونه يُمثل الجانب الأقوى في الاقتصاد الأمريكي.
والأهم من الرقم الرئيس، هو ما كشفته المؤشرات الفرعية، إذ تراجع مؤشر التوظيف، بينما ارتفع مؤشر الأسعار المدفوعة، في نمط مقلق، يتماشى مع ما أظهره مؤخراً كل من تقرير تضخم أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي، وتقرير الوظائف غير الزراعية.
وقد جاءت نتائج مسح قطاع الخدمات متسقة مع هذه الاتجاهات. وقد علقت ألكساندرا براون، الخبيرة في «كابيتال إكونوميكس»، على نتائج استطلاع الأسعار قائلة:
تتوافق النتائج مع ارتفاع تضخم الخدمات الأساسية، باستثناء مكون الإسكان – والذي يطلق عليه «التضخم الأساسي الفائق» – ليصل إلى نحو 4 % بحلول نهاية العام، مقارنة بـ 3.3 % حالياً.
وبوجه عام، فإن التأثيرات الناتجة عن التعريفات الجمركية، تتزايد حدة في قطاع الخدمات، الذي يشمل قطاع التشييد، وفقاً لتصنيف معهد إدارة التوريدات.
وليس هناك مؤشر يمكن النظر إليه باعتباره دليلاً موثوقاً عن الاتجاه الذي يسير إليه الاقتصاد، أو حتى وضعه القائم. ومع ذلك، تدق عدة مؤشرات الناقوس المزعج ذاته، مثلما فعلت استطلاعات معهد إدارة التوريدات.
ويعلم كثيرون بالفعل أن قطاع التكنولوجيا والقطاعات المرتبطة به، مثل الاتصالات، تحقق مكاسب واضحة. لكن ربما تكمن المفاجأة في مواجهة قطاع الاستهلاك التقديري لبعض الصعوبات، على الرغم من إضافة شركة «أمازون» أرباحاً تشغيلية بقيمة 4.5 مليارات دولار في الربع الثاني. هناك أيضاً مفاجأة في الضعف الشديد الذي يعتري القطاعات الدورية، مثل الصناعات والمواد الخام.
والأمر لا يقتصر على سوء أوضاع هذا الربع الأخير فحسب، وإنما الاتجاه العام يتسم بالسوء هو أيضاً، وأعني بذلك تباطؤ نمو الأرباح التشغيلية على مدى ربعين.
وتصبح الأوضاع أكثر إثارة للإزعاج، عند إمعان النظر في أداء كل قطاع بسوق الأسهم. ورغم تمتع كافة القطاعات بعوائد جيدة، فإن قطاع الرعاية الصحية يعاني مشكلات سياسية حادة، وربما يمكننا أيضاً أن نستثني من هذه المعادلة قطاع السلع الاستهلاكية الأساسية.
ويأتي قطاعا الصناعات والاستهلاك الشخصي من بين أفضل القطاعات أداء، على الرغم من إعلانهما انخفاض الأرباح هذا الربع.
ورغم وجود الكثير من الأسباب وراء هذا الانفصال بين نمو الأرباح وأداء الأسهم، إلا أن الأمر يظل غريباً ومثيراً للقلق. وتشهد السوق أداء جيداً بصفة عامة، وعلى نطاق واسع أيضاً، لكن الأرباح ليست مُوزّعة هي الأخرى على نطاق واسع.
وتشي البيانات بأن الأرباح تساعد قطاع التكنولوجيا والقطاعات المرتبطة به، بينما يساعد تزايد التقييمات الرابحين الآخرين. ويثير هذا بعضاً من الأسئلة الطبيعية عما إذا كان الارتفاع، أو الارتفاع واسع النطاق، الذي يمتد إلى ما هو أبعد من قطاع التكنولوجيا، لديه فرصة الاستمرار.
ويشير محللون إلى أن جزءاً من السبب وراء توسّع تقييمات بعض القطاعات، يتمثل في أنها كانت مُقوّمة بأقل من قيمتها، نسبة إلى بقية السوق في بداية العام. كما يشيرون إلى أن المحرك الرئيس وراء نمو الأرباح، هو «التكنولوجيا وأصدقاؤها».
ويتطلع الكثير من المستثمرين إلى اتساع رقعة المكاسب. لكن كثيرين لا يشعرون بالارتياح لمسألة أن غالبية النمو تأتي من مثل هذا الجزء الضئيل من الأسواق.
ولذلك، يتردد التحذير من رد فعل تلقائي تجاه السوق الضيقة، وسيكون ذلك عن طريق، إما شراء أسهم القيمة، أو أسهم الشركات الصغيرة. ولا تحظى هذه القطاعات من السوق بزخم، لكن هناك عموماً تفضيل لأسهم الشركات الكبيرة وأسهم القيمة، مع التطلّع إلى الأسواق الخارجية.
من ناحية أخرى، نقلت «بلومبرغ»، عن مارك روان الرئيس التنفيذي لـ«أبوللو»، قوله عن تداول الأصول الخاصة: «لقد انتعشت الأعمال على نحو مهول في كل قطاع ترسّخت فيه شفافية التسعير، وتوفرت فيه الأسعار اليومية».
وقد يكون هذا صحيحاً، لكنه لا يقلل من تناقض الادعاء بوجوب أن تصبح الأصول الخاصة أكثر تداولاً. وقد تحدثنا عن هذا الأمر من قبل. ومن المُرجح أن يؤدي دفع أصول الأسهم الخاصة أو الائتمان الخاص إلى التداول بصورة أكثر نشاطاً، وإعلان أسعارها أمام السوق إلى تقويض قيمتها بطريقتين:
الأولى، سيجعل هذا الأمر من الأصول الخاصة أكثر ارتباطاً بالأسواق العامة، لأن كل شيء مُتداول، يميل إلى أن يكون مرتبطاً ببعضه بعضاً، في الأوقات التي تعم فيها الاضطرابات الأسواق. كما أن ضعف ارتباط هذه الأصول بالأسواق العامة، يُعد عنصراً أساسياً من عناصر جاذبية الأصول الخاصة.
الثانية، تقلل قابلية الأصل للتداول من العلاقة الخاصة والاعتمادية المُتبادلة بين شركة ما ومقدّم الأسهم أو الائتمان الخاص. وتحمي هذه العلاقة الخاصة الشركة من المشكلات في الأوقات العصيبة بالسوق.
وأعتقد أن هذين الأمرين هما أبرز صفتين للأصول الخاصة. وما زلنا بانتظار من يساعدنا في حل هذه المفارقة، وفي تفسير ميزة أن تكون الأصول الخاصة أكثر قابلية للتداول.