حينما تنخفض أسعار السلع الأساسية، يوقف المنتجون الإنتاج. لذلك، قامت جمهورية الكونغو الديمقراطية، مقر إنتاج ثلاثة أرباع الكوبالت في العالم، بفرض تعليق ثلاثة أشهر على الصادرات. ولكن من غير المرجح أن يؤدي هذا الإجراء إلى عكس الضربات التي تعرض لها المعدن الأزرق.
ويتم استخدام الكوبالت، الذي يحمل اسم الأرواح الشريرة التي اعتقد عمال المناجم القدامى بأنها مسؤولة عن الأبخرة الضارة في خاماتهم، في الهواتف ومحركات الطائرات وبطاريات السيارات الكهربائية.
وكانت حالة التفاؤل في شأن المركبات الكهربائية أدت إلى رفع الأسعار إلى نحو 40 دولاراً للرطل في سنة 2022، ما أدى إلى انطلاق مرحلة رائعة لشركات التعدين مثل «جلينكور» المدرجة في لندن، والتي ظلت تحكم المكان حتى تم دفعها جانباً من قبل شركة «سي إم أو سي» الصينية في سنة 2023.
وبطبيعة الحال، مع توقعات زيادة الطلب، فقد ازدهر العرض. وكونه منتجاً ثانوياً لتعدين النحاس، ارتفع إنتاج الكوبالت جنباً إلى جنب مع الإنتاج المتزايد للمعدن الأحمر.
ونشرت الشركة الأسلوب الصيني منخفض التكلفة وعالي الحجم بثقة، ما أدى إلى زيادة الإنتاج إلى 114000 طن في العام الماضي. وترك ذلك شركة جلينكور متخلفة كثيراً. وهذا العام - قبل توقف التصدير – كان هناك توجه إلى إنتاج ما يصل إلى 120000 ألف طن. كما ارتفعت مخزونات الكوبالت. ففي ديسمبر، كانت المستودعات تحتوي على 128 طناً مترياً، وفقاً لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، ومن المرجح أن يكون معظمها في الصين.
وحتى الأسعار المنخفضة، التي تبلغ الآن نحو ربع ذروة سنة 2022، لم تضع حداً لطموحات شركة «سي إم أو سي» فهي شركة تشغيل منخفضة التكلفة، فالتكلفة الإضافية لإنتاج الكوبالت إلى جانب النحاس ضئيلة. ولننظر إلى شركة سي إم أو سي باحتسابها عملاقاً متكاملاً رأسياً.
والمسهِم الرئيس فيها شركة كاتل، وهي أكبر شركة مصنعة لبطاريات السيارات الكهربائية في العالم. وإضافة إلى حيازتها غير المباشرة التي تبلغ نحو 25 % في شركة «سي إم أو سي»، استحوذت الشركة المصنعة للبطاريات أيضاً على حصة 25 % في أحد المناجم.
ويشكل تعليق الصادرات أحد الروافع القليلة التي تستطيع جمهورية الكونغو الديمقراطية أن تستغلها، ولكنها ضعيفة. والواقع أن فرض القانون هو أحد الأسباب فالحدود مسامية، وخاصة حينما يشتعل الصراع مع رواندا المجاورة. وحتى مع افتراض وجود الحراسة المشددة، فإن المزيد من التعدين ينتعش بقوة، ومن ذلك في كندا.
وهناك أيضاً إندونيسيا، التي تنتج الكوبالت من النيكل، ولديها قدرات كبيرة. وعلى جانب الطلب، تتغير التكنولوجيا. فقد بدأت شركات تصنيع السيارات بالتحول من بطاريات الكوبالت المصنوعة من النيكل والمنجنيز إلى بطاريات الليثيوم والحديد والفوسفات الخالية من الكوبالت، والتي تتمتع بدورات حياة أطول ومشكلات بيئية أقل.
وفي الوقت الحالي، تحتوي هذه البطاريات على طاقة أقل ولكن مع تحسن التكنولوجيا، سيتبع المزيد منها أمثال الحافلات الكهربائية في لندن التي تعمل ببطاريات الليثيوم والحديد والفوسفات.
وهذا يشير إلى أن الصورة لن تتغير كثيراً بالنسبة لجمهورية الكونغو الديمقراطية. ويُظهِر التاريخ أن أولئك الذين يقومون بالاستخراج يفوزون عادةً حينما يتعلق الأمر بالصراعات على الموارد. وكان للاستخراج تاريخ طويل في الجنوب العالمي؛ وهذا شيء لم تفعل التكنولوجيا شيئاً لتغييره.
