أتراكتا موني - أليس هانكوك
تصدر الاتحاد الأوروبي وأستراليا وجنوب أفريقيا والهند قائمة كبار الدول الملوثة التي لم تلتزم بالموعد النهائي الذي حددته الأمم المتحدة لتقديم أهدافها المناخية الجديدة، وذلك في ظلّ قيود اقتصادية وضغوط سياسية متزايدة أعقبت انتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة.
وبموجب اتفاق باريس للمناخ، الذي وقّع عليه ما يقرب من 200 دولة قبل عقد من الزمن، يتعيّن على هذه الدول تقديم خطط مناخية جديدة للأمم المتحدة بحلول أوائل الأسبوع المقبل.
وتهدف هذه الخطط إلى تحديد أرقام خاصة بكل دولة لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة بحلول عام 2035.
وهناك تأخر واضح للعديد من البلدان بالفعل عن أهدافها التي حددتها لعام 2030، مع استمرار تزايد الانبعاثات، على الرغم من تحذير العلماء من وجوب خفض الانبعاثات بحوالي النصف بنهاية العِقد الجاري عن المستويات المُسجلة في عام 2019 للحد من الاحتباس الحراري.
وفي حين نجحت حفنة من الدول، بينها المملكة المتحدة، في تقديم أهداف مُحدّثة، إلا أن الكثير من أكبر الاقتصادات على مستوى العالم أخفقت في الوفاء بالموعد النهائي.
وتقدّمت اليابان بأهدافها التي كانت ألمحت إليها في العام الماضي بعد مضي أسبوع من الموعد النهائي. وتعتمد أهداف اليابان على إعادة إحياء الطاقة النووية التي تخلّت عنها كمصدر للطاقة في أعقاب كارثة فوكوشيما في عام 2011.
وتسبب قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بانسحاب بلاده من اتفاقية باريس للمناخ التي تهدف إلى الحد من الاحتباس الحراري العالمي إلى ما يقل عن درجتين مئويتين، في تقويض التحركات المناخية.
وقال نيك مابي، الشريك المؤسس لمركز إي ثري جي البحثي في مجال المناخ، إن ما يتراوح بين ربع وثلث اقتصادات مجموعة العشرين فقط كان مُتوقعاً لها تقديم أهدافها في الموعد المُحدد.
وأسهب: «لا يوجد اهتمام كبير بهذه المسألة من القادة، بسبب الصدمة التي أحدثتها الرئاسة الأمريكية والمشكلات الأخرى».
وبالرغم من عدم وجود عقوبة على الإخفاق في تلبية الموعد الذي كان محدداً بـ 10 فبراير الجاري وفق برنامج عمل للأمم المتحدة، إلا أن ذلك يعمق المخاوف بشأن التراجع العالمي عن العمل المناخي.
وذكر مسؤولون في الاتحاد الأوروبي، أن التكتل سيتأخر في تقديم خطته، والمعروفة بالمساهمات المُحددة وطنياً، وسط مخاوف من أن جدول أعماله الأخضر الطموح سيكون اختباراً لاقتصاده.
كما تسبب ازدياد التوترات السياسية بشأن قواعد الاستدامة الخاصة بالاتحاد الأوروبي في إرجاء تحديد هدف مؤقت للحد من الانبعاثات لعام 2040، وهو الهدف الذي سيحدد بموجبه التكتل الأرقام التي سترِد في أهداف عام 2035.
تُعد بولندا، التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، واحدة من الحكومات الأكثر تشككاً في الأهداف المناخية، ومن غير المُرجح أن تمضي قدماً في أجندتها قبيل الانتخابات الرئاسية التي ستُجرى في شهر مايو المقبل.
وصرح مسؤول أوروبي: «تُعد الجودة أكثر أهمية من سرعة تقديم الخطة». ويقدم الاتحاد الأوروبي خطة مساهمة وطنية مُحددة تشمل كافة الدول العضوة في التكتل.
وأعلن مسؤولون مكسيكيون، بعدما تولت حكومة جديدة بقيادة عالمة المناخ كلوديا شينباوم زمام الأمور في العام الماضي، أن البلاد ستسعى إلى تقديم أهدافها بحلول منتصف العام.
وأفادت جنوب إفريقيا بأنها تستهدف إعلان خطة مناخية جديدة بحلول سبتمبر.
ولفتت مصادر على اطلاع بالمناقشات في الصين، إلى الدولة الملوثة الأكبر في العالم سنوياً، ما زالت تعمل على تقييم التطورات الجيوسياسية بعد انتخاب ترامب.
ولم تستجب اقتصادات كبرى أخرى في مجموعة العشرين لطلب التعليق، لكن وزير الطاقة الإندونيسي شكك في جدوى اتفاق باريس المناخي بعد انسحاب الولايات المتحدة.
وينظر مسؤولون بالأرجنتين في مُقترح للانسحاب من اتفاق باريس للمناخ، لكن أشخاصاً على اطلاع بالمناقشات أشاروا إلى أن دولاً أخرى وهيئات مالية تحاول إقناع الدولة الأمريكية اللاتينية بعدم الانسحاب من الاتفاق.
وقال نيك مابي إن تأجيل تقديم الخطط بما يتراوح بين ثلاثة وستة أشهر «ليس مشكلة كبيرة»، لأن التأجيلات ستضمن خروج البلدان بخطط قوية.
ولفت إلى أنه: «سيكون من الأفضل لو كانت هذه الخطط طموحة قدر الإمكان، وأن ترتبط بوضوح بإجراءات وطنية تنفيذية ودعم دولي».
ووصف سايمون ستيل، الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، الخطط بأنها أكثر الوثائق السياسية أهمية هذا القرن.
كما أكد مسؤول بالأمم المتحدة بأن جودة الخطط المناخية هي الاعتبار الأكثر أهمية، وأن الدول يجب عليها أن تأخذ وقتاً كافياً لإعلان أفضل الخطط من أجل دعم طفرة الطاقة النظيفة التي بلغت قيمتها تريليوني دولار أمريكي في العام الماضي.
واستطرد: «نحن على دراية بالضغوط التي تُمارس على حكومات مختلفة، خاصة الدول منخفضة الدخل التي تواجه قيوداً هائلة على القدرات، وأزمات ديون، وارتفاع تكاليف رأس المال».
