ويل شميت - إيان سميث - إميلي هربرت
رغم الضغوط الشديدة التي يمارسها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لخفض أسعار الفائدة، من المرجح أن يُبقي مجلس الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه غداً الأربعاء، في وقت تتجه فيه أنظار المستثمرين إلى تصريحات رئيس المجلس، جيروم باول، وإلى أية تلميحات قد يُدلي بها بشأن وتيرة التيسير النقدي المحتمل في المستقبل.
وتُقدّر الأسواق حالياً احتمالية خفض الفيدرالي للفائدة في يوليو بأقل من 3%، في حين يتوقع اقتصاديون، استطلعت وكالة رويترز آراءهم، خفضاً واحداً على الأقل بمقدار ربع نقطة مئوية قبل نهاية العام، وتُرجّح أسواق العقود المستقبلية خفضاً وحيداً، مع احتمال مرتفع لخفض ثانٍ بحلول ديسمبر.
ويتعرض الاحتياطي الفيدرالي لضغوط غير مسبوقة من الرئيس دونالد ترامب، الذي يواصل هجماته العلنية على جيروم باول، وفتح مؤخراً جبهة جديدة بتركيز هجماته على تكاليف تجديد مقر البنك المركزي في واشنطن.
وكان ترامب، الذي عيّن باول في عام 2017، قد وصفه في الأسابيع الأخيرة بـ «الأحمق»، علماً بأن ولاية باول على رأس المجلس، تنتهي العام المقبل.
وقد انقسم أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة مؤخراً، بشأن توقيت وجدوى خفض أسعار الفائدة، حيث أظهر «الرسم النقطي» في يونيو، تفضيل 10 من صانعي السياسة النقدية لخفض واحد على الأقل بحلول نهاية 2025، بينما فضّل 7 منهم، عدم إجراء أي تخفيضات هذا العام.
وقال جريجوري داكو كبير الاقتصاديين في إي واي-بارثينون: «سيكون من المثير للاهتمام، مراقبة ما إذا كان باول سيُلمّح لتيسير محتمل للسياسة النقدية قبل نهاية العام، أم سيمتنع عن تقديم أي توجيه صريح، في ظل الانقسام الحاد داخل اللجنة»، مضيفاً أنه يتوقع خفضين بمقدار ربع نقطة في 2025، وما يعادل 4 تخفيضات مماثلة في 2026.
وقالت جيسيكا رينديلز، المحللة في «غولدمان ساكس»، إنها وزملاءها لا يزالون يتوقعون ثلاثة تخفيضات، بمقدار ربع نقطة مئوية، واحدة في كل من اجتماعات سبتمبر وأكتوبر وديسمبر المقبلة، إضافة إلى خفض إضافي بنصف نقطة خلال عام 2026.
من ناحية أخرى، كشفت كريستين لاغارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي، أن صانعي السياسة النقدية يتبنون استراتيجية «الترقب والانتظار»، خلال الأسبوع الجاري، سعياً وراء مؤشرات قاطعة عن انعكاسات الاضطرابات التجارية العالمية على اقتصاد منطقة اليورو.
وسيجد صناع القرار أنفسهم أمام فيض من البيانات للدراسة الأيام المقبلة، مع صدور سلسلة إحصاءات تحمل دلالات حاسمة حول اتجاهات النمو والتضخم.
وبعدما شهد الربع الأول نمواً قوياً، نتيجة لقيام الشركات بتسريع عملياتها قبل فرض الرسوم الجمركية، يُتوقع أن تُظهر بيانات الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني، التي ستُنشر غداً الأربعاء، تباطؤ النمو السنوي إلى 1.2%، بحسب استطلاع أجرته «رويترز» لآراء اقتصاديين.
ويرى بيرت كوليجن الخبير الاقتصادي في بنك «آي إن جي»، أن بيانات الناتج المحلي الإجمالي، ستمثل «اختباراً للواقع» بالنسبة لأوروبا، مؤكداً أن «تداعيات المستجدات الأمريكية على اقتصاد منطقة اليورو، ستكون على الأرجح سلبية».
وستلي بيانات النمو أرقام التضخم المقرر صدورها يوم الجمعة، والتي يُتوقع، بحسب استطلاع «رويترز»، أن تُظهر تراجع معدل التضخم في يوليو إلى 1.9%، انخفاضاً من 2% في يونيو.
ومن شأن هذين المؤشرين أن يعيدا تشكيل رؤية المستثمرين حول مقاربة البنك المركزي الأوروبي لبقية العام.
فقد دفعت تصريحات كريستين لاغارد، فضلاً عن حالة التفاؤل بعد توصل واشنطن وبروكسل لاتفاق تجاري، المستثمرين إلى تقليص احتمالات خفض إضافي للفائدة هذا العام إلى نحو 60%.
ومع تنامي الشكوك في الأسواق حول فرص خفض جديد للفائدة، قد تكتسب البيانات أهمية استثنائية، حيث يمكن لأرقام تضخم أو نمو تتجاوز التوقعات، أن تبدد تماماً الرهانات على تخفيض آخر لسعر الفائدة المرجعي.
على صعيد آخر، يتطلع المستثمرون في اليابان، لمعرفة كيف سيؤثر الاتفاق التجاري المبرم بين واشنطن وطوكيو في توقعات النمو والتضخم، من وجهة نظر صناع السياسة، مع انعقاد اجتماع بنك اليابان يوم الخميس.
وصرح شينيتشي أوتشيدا نائب محافظ البنك المركزي، منذ أيام، بأن حالة عدم اليقين تراجعت بفضل هذا الاتفاق، في إشارة إلى أن البنك قد يكون أقرب لاستئناف دورة التشديد النقدي.
وكان البنك قد رفع سعر الفائدة آخر مرة، بمقدار ربع نقطة، إلى «نحو 0.5%» في يناير، وهو أعلى مستوى منذ 17 عاماً.
وتُظهر تسعيرات الأسواق عبر عقود المبادلة، أن احتمالات رفع الفائدة ضئيلة للغاية، لكنها تشير إلى احتمال بنسبة الثلثين، بأن يتم ذلك بحلول أكتوبر.
وقال مارسيل ثيليانت رئيس قسم آسيا والمحيط الهادئ في «كابيتال إيكونوميكس»: «نشعر بثقة متزايدة في توقعاتنا بأن البنك سيستأنف دورة رفع الفائدة في اجتماعه خلال شهر أكتوبر».
وأضاف أن «المخاوف من أن الاتفاق التجاري قد يكون انكماشياً بالنسبة لليابان، ثبت أنها غير صحيحة».
ومع ذلك، بلغ معدل التضخم الأساسي السنوي، وفقاً لمؤشر أسعار المستهلك في طوكيو لشهر يوليو، الذي نُشر يوم الجمعة، نحو 2.9%، وهو أقل قليلاً من التوقعات البالغة 3%.
وقال محللون في «براون براذرز هاريمان»، إن بنك اليابان «لن يتعجل لذلك في استئناف رفع أسعار الفائدة».