الهند تستعد لعام قياسي من الاكتتابات العامة رغم تباطؤ النمو

كريس كاي - كريشن كوشيك

تستعد الهند لموجة كبيرة من عمليات الإدراج الضخمة هذا العام، مما قد يدفع إجمالي قيمة الطروحات العامة الأولية إلى تجاوز الرقم القياسي المسجل في عام 2024، وذلك رغم التباطؤ الاقتصادي وتزايد الضغوط على العملة المحلية.

وتخطط سبع شركات على الأقل لجمع ما لا يقل عن مليار دولار لكل منها خلال هذا العام، وفقاً لمصرفيين استثماريين مشاركين في عمليات الإدراج.

ومن بين هذه الشركات منصة الوساطة المالية عبر الإنترنت «جرو»، وشركة التكنولوجيا المالية «باين لابز»، التي تُعد «باي بال» أحد مستثمريها، بالإضافة إلى شركة النظارات «لينسكارت» المدعومة من «سوفت بنك». كما يُتوقع إدراج الذراع الهندية لشركة «إل جي» الكورية الجنوبية.

وتتفوق هذه القائمة على العام الماضي، الذي شهد ثلاث طروحات بقيمة تتجاوز مليار دولار، بما في ذلك إدراج شركة هيونداي لوحدتها المحلية، وطرح شركة توصيل الطعام والبقالة «سويجي»، وقد تصدّرت الهند العام الماضي ترتيب الاكتتابات العامة في آسيا، وحلت في المرتبة الثانية عالمياً بعد الولايات المتحدة.

ومن المتوقع أن يتجاوز إجمالي التمويلات عبر الاكتتابات العامة 23 مليار دولار في عام 2025، وفقاً لتقديرات مجموعة «موتيلال أوسوال» الهندية للوساطة وإدارة الأصول، مقارنة بنحو 19.6 مليار دولار تم جمعها من خلال 336 اكتتاباً العام الماضي.

وحتى الآن، حصلت 34 شركة على موافقة لجمع 4.8 مليارات دولار هذا العام، فيما تنتظر 55 شركة أخرى الموافقة لجمع ما يصل إلى 11.4 مليار دولار، وفقاً لبيانات متاحة لدى هيئة تنظيم الأسواق المالية.

و«هناك زخم قوي في السوق»، وفقاً لسونيا داسغوبتا، الرئيسة التنفيذية لقسم الخدمات المصرفية الاستثمارية في شركة جي إم فاينانشال، التي تتخذ من مومباي مقراً لها.

والورقة الرابحة، التي قد تكون أيضاً أكبر اكتتاب عام، هي ريلاينس جيو، شركة الاتصالات المملوكة للملياردير موكيش أمباني، أغنى رجل في آسيا.

ورغم أن أمباني ومجموعة ريلاينس إندستريز لم يحددا بعد جدولاً زمنياً لطرح جيو في البورصة، فإن العديد من المصرفيين الاستثماريين يتوقعون أن يتم ذلك خلال النصف الثاني من العام. ولم تستجب ريلاينس لطلب التعليق.

وقد عززت الطروحات القوية ثقة الشركات والمستثمرين، حيث أظهرت دراسة حديثة أجراها محللو بنك بارودا، أن أسعار أسهم أكثر من 82% من بين 162 اكتتاباً عاماً في 2024 ارتفعت بعد الإدراج.

وتسعى الشركات إلى الاستفادة من ارتفاع تقييمات الأسهم في الهند، الذي تعززه تدفقات الصناديق المحلية، مع توجه ملايين الأسر إلى استثمار مدخراتها في الأسواق المحلية بشكل متزايد.

وقال كونال فورا، رئيس قسم أبحاث الأسهم في بي إن بي باريبا، إن الهند تعد من بين الأسواق الأغلى سعراً، مشيراً إلى أن مضاعفات سعر السهم إلى الأرباح بلغت نحو 20 مرة في الهند، مقارنة بمتوسطات تصل إلى 14 مرة في معظم الأسواق الأخرى.

وأضاف أن رأس المال المحلي أصبح «الركيزة الأساسية» للأسواق الهندية، حيث تجاوزت التدفقات المؤسسية المحلية نظيرتها الأجنبية للعام الرابع على التوالي في 2024.

وارتفع عدد الهنود الذين يمتلكون حسابات استثمارية في صناديق الاستثمار المشتركة من نحو 40 مليوناً في عام 2020 إلى أكثر من 180 مليوناً العام الماضي.

ويأتي هذا الارتفاع في اهتمام المستثمرين المحليين في وقت سحب فيه المستثمرون الأجانب أكثر من 30 مليار دولار منذ أكتوبر، متجنبين الاستثمار في الأسهم الهندية بسبب ارتفاع تكاليفها النسبية.

وتراجع مؤشر نيفتي 100، الذي يضم أكبر الشركات الهندية، بنسبة 12% منذ ذروته في سبتمبر، بعد أن أظهرت نتائج الشركات ضعفاً في الأرباح وسط تباطؤ اقتصادي عام. ورغم أن الهند لا تزال الأسرع نمواً بين الاقتصادات الكبرى.

إلا أن الناتج المحلي الإجمالي ارتفع بنسبة 5.4% فقط على أساس سنوي في الأشهر الثلاثة المنتهية في سبتمبر، وهو أدنى معدل منذ ما يقرب من عامين.

تعرضت الروبية الهندية لضغوط متجددة مقابل الدولار القوي بعد تولي الرئيس دونالد ترامب منصبه في الولايات المتحدة. وقال نيتين بهاسين، رئيس الأسهم المؤسسية في أمبيت كابيتال في مومباي:

«إنها دورة عاطفية في الوقت الحالي»، مضيفاً أن العديد من مؤسسي الشركات الهندية، المعروفين محلياً باسم «المروجين»، قد يفضلون الانتظار لرؤية ما إذا كانت التقييمات سترتفع مجدداً.

وأضاف: «ألاحظ بالفعل في محادثاتي الفردية أن العديد من المروجين، إن لم يكن جميعهم، يخففون من عجلة إطلاق الاكتتابات العامة، وهم مستعدون لتأجيلها لشهر أو شهرين».

وكانت بعض الطروحات العامة الكبرى مخيبة للآمال، حيث تراجعت أسهم هيونداي موتور الهند بنسبة 8.7% منذ طرحها العام في أكتوبر. وتثير المخاوف حول جودة العديد من الشركات الصغيرة التي تم إدراجها في السوق خلال العام الماضي.

بالإضافة إلى استخدام الأسواق من قبل الشركات الأجنبية الكبرى لسحب الأموال من البلاد بدلاً من إعادة استثمارها في الهند. وقال مصرفي آخر في مومباي: «يبدو أن أسواق الأسهم الهندية تُستخدم من قبل الإدارة أو المروجين كآلات لسحب الأموال».