التعريفات تدفع الشركات العالمية إلى إعادة تشكيل سلاسل التوريد

أدريان كلاسا - كانا إناغاكي - مالكوم مور - لاورا أونيتا

تعيد الشركات العالمية هيكلة سلاسل التوريد الخاصة بها وتعزز وجودها داخل الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك من أجل التوافق مع جدول الأعمال الاقتصادي القومي الذي يتبناه دونالد ترامب والحد من تأثير تعريفاته الجمركية.

ومع إعلان الرئيس الأمريكي فرض رسوم على الواردات، صرح كبار المسؤولين التنفيذيين من أوروبا وخارجها، بمن فيهم برنار أرنو، الرئيس التنفيذي لشركة «إل في إم إتش»، ووائل صوان، الرئيس التنفيذي لشركة «شل»، بأنهم يتوقعون زيادة استثماراتهم في الولايات المتحدة.

وقال أرنو: «تشجعنا السلطات الأمريكية بشدة على مواصلة إنشاء مرافق الإنتاج»، وأضاف: «في ظل الظروف الحالية، يعد ذلك أمراً نتطلع إليه بشدة».

وتصنع «إل في إم إتش»، وهي ثاني أعلى الشركات الأوروبية المدرجة قيمة، معظم منتجاتها في فرنسا وإيطاليا، لكنها فتحت ثلاثة مرافق للإنتاج لعلامة «لوي فيتون» في الولايات المتحدة واستثمرت مليارات الدولارات في علامة تيفاني الأمريكية للمجوهرات.

وبالنسبة لأرنو، الذي حضر حفل تنصيب ترامب رئيساً للولايات المتحدة في واشنطن، فقال إنه شعر بـ «رياح التفاؤل» بالولايات المتحدة فيما كانت العودة إلى فرنسا بمثابة «صدمة باردة». وأثنى أرنو، بجانب مسؤولين تنفيذيين آخرين، على الضرائب الأمريكية الأقل، والتكاليف الأكثر انخفاضاً للطاقة، والنمو الأعلى، خصوصاً بالمقارنة مع أوروبا.

وأشار صوان، الرئيس التنفيذي لدى «شِل»، وهي ثاني أعلى الشركات المدرجة من حيث القيمة في المملكة المتحدة، في تصريحات لـ «فاينانشال تايمز»، إلى أن مجموعة الطاقة تعتزم التوسع في الأعمال بالولايات المتحدة. وذكر: «أتوقع أن نواصل النمو في الولايات المتحدة، بفضل الزخم الإيجابي الذي نشهده فيما يتعلق بالهياكل الضريبية الداعمة واللوائح التنظيمية المواتية، وهي كلها عوامل داعمة وتمنحنا مزيداً من الثقة للاستثمار».

وفي خطاب تنصيبه، أكد ترامب شعار «احفر، يا حبيبي، احفر»، لاستغلال الموارد الأمريكية من النفط. وفي حين يسعى الرئيس الأمريكي إلى استخدام التعريفات الجمركية ليحمل الشركات على الانتقال إلى الولايات المتحدة ومن أجل مآرب أخرى، فإن الاتحاد الأوروبي يقر بأن إجراءاته البيروقراطية مثبطة للشركات.

وفي تقرير نشرته «فاينانشال تايمز» سابقاً، حذرت كل من كريستين لاغارد، رئيسة المصرف المركزي الأوروبي، وأورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، من أن اللوائح التنظيمية تعد بمثابة حاجز أمام الاستثمار، وقالتا: «نحن بحاجة إلى أن نجعل ممارسة الأعمال في أوروبا أقل كلفة، خصوصاً من حيث تكاليف الطاقة».

كما يحفز التهديد الذي تمثله التعريفات الجمركية الأمريكية على إعادة موازنة الاستثمارات، بحسب مسؤولين تنفيذيين ومصرفيين، وهي جهود تطال قطاعات عدة. وتتطلع هينيس آند ماوريتز السويدية إلى شراء المزيد من منتجاتها من موردين بالقرب من أسواق مهمة، بما في ذلك الولايات المتحدة، وفقاً لدانيال إرفير، الرئيس التنفيذي للشركة، الذي أوضح أن شركة التجزئة تعمل على دراسة «سيناريوهات» عدة للتعامل مع التعريفات الجمركية.

وأوضح إرفير، في مقابلة مع «فاينانشال تايمز»: «نتطلع إلى المرونة في سلسلة توريدنا لكي نكون قادرين على مواجهة التعريفات المحتملة، لقد أصبح العالم أقل عولمة».

وقال زايونغ كو، نائب رئيس مجلس إدارة هيونداي الكورية الجنوبية لتصنيع السيارات: «قد يستغرق الأمر قدراً من الوقت، لكننا نحاول بكل تأكيد توطين الإنتاج، مما سيقلل من التأثير المحتمل الناجم عن التعريفات الجمركية».

وبالنسبة لجون إلكان، رئيس مجلس إدارة ستيلانتيس المصنعة للسيارات، فقد توجه إلى واشنطن قبيل تنصيب ترامب وقضى أربعة أيام مع الرئيس ومسؤولين بارزين في إدارته. وبعد أيام من ذلك، أعلن رئيس مجلس إدارة الشركة المالكة لعلامتي «فيات» و«جيب» ضخ استثمارات بقيمة 5 مليارات دولار في الولايات المتحدة.

وفي شهر ديسمبر الماضي بعد انتخاب ترامب رئيساً، تخلت الشركة عن قرار يقضي بالاستغناء عن 1100 وظيفة في مصنع لـ «جيب» في ولاية أوهايو.

وقال مصرفي أوروبي: «سترغب أي شركة ذات تمثيل ضعيف في الولايات المتحدة أو ذات حضور طاغٍ بأوروبا، في أن تحرص على بناء مصنعها التالي هنا وليس هناك».

وتأتي مسارعة الشركات إلى التوسع في الولايات المتحدة لحماية نفسها من التعريفات الجمركية وللاستفادة من اللوائح التنظيمية الأقل صرامة والاقتصاد القوي تحت إدارة ترامب، بعد نمو كبير في وقت مبكر للاستثمارات تحت إدارة سابقه، جو بايدن. وقدمت إدارة بايدن قروضاً بقيمة 370 مليار دولار وإعانات وأشكالاً أخرى من الدعم إلى الشركات تحت مظلة قانون الحد من التضخم، بيد أن ترامب اتخذ خطوات لإلغاء بعض هذه الإعانات.