جيمس فونتانيلا خان
قبل عام، وفي خضم احتدام السباق الرئاسي بين دونالد ترامب وكامالا هاريس، قال لي أحد كبار المستشارين المخضرمين في عالم صفقات الاندماج والاستحواذ إن فوز المرشح الجمهوري سيدفع العديد من أقطاب وول ستريت إلى «الحنين والتوق لعودة لينا خان».
وقد كشفت بيانات مجموعة لندن للبورصة والمعلومات المالية عن إعلان قرابة 10.900 صفقة فقط خلال الربع المنتهي في 30 يونيو، مسجلة بذلك أدنى مستوى فصلي منذ مطلع 2015، باستثناء الربع الثاني من 2022 الذي تأثر بتداعيات الجائحة.
وفي هذا الإطار، يقول أحد كبار صناع الصفقات والمنخرط في معاملات بعيدة عن الشأن الحكومي: «أعمل حالياً على صفقات متعددة وثمة أشخاص داخل أروقة البيت الأبيض يملون علي ما يمكنني وما لا يمكنني فعله، إنه تدخل غير مسبوق لم أشهده طوال مسيرتي المهنية».
غير أن قضية استحواذ شركة نيبون ستيل اليابانية على يو إس ستيل الأمريكية تبرز كمثال صارخ يستشهد به خبراء المعاملات، فقد هاجم ترامب بشراسة خلال حملته الانتخابية 2024 هذا الاستحواذ معتبراً إياه تهديداً وجودياً للصناعة الأمريكية.
بيد أنه، وبمجرد تسلمه مقاليد السلطة، منح الصفقة الضوء الأخضر بعد إجبار المشتري على قبول آلية «السهم الذهبي» – الذي يمنح الحكومة حق الفيتو على القرارات الاستراتيجية للشركة.
وعلى نطاق أوسع في عالم الاندماج والاستحواذ، باتت عوامل غير تقليدية تتسلل إلى منظومة الموافقات.
ويقول أحد المستشارين المتخصصين في تقديم المشورة للرؤساء التنفيذيين بشأن الصفقات: «رغم حرص العديد من الشركات على مواصلة التزامها بمبادئ التنوع والإنصاف والشمول، إلا أنها باتت تستنجد بنا لتنقية وثائقها من أية إشارات لهذه المبادئ خشية استهدافها من قبل هيئة التجارة الفيدرالية أو الجهات الرقابية الأخرى».
ويضيف أحد كبار صانعي الصفقات في وول ستريت: «تحولت المنظومة بأكملها إلى ساحة سياسية محضة، بل وصلت في بعض الحالات إلى مستوى الاستهداف الشخصي».
بيد أن حدود سياسة المنافسة، التي كانت محصورة سابقاً في نطاق ضيق، قد تمددت وتوسعت بشكل غير مسبوق.
فقد نظمت هيئة التجارة الفيدرالية، على سبيل المثال، ورشة عمل في 9 يوليو لتقصي مدى تعرض المستهلكين لادعاءات مضللة أو غير مدعومة حول «الرعاية المؤكدة للهوية الجنسية» للقاصرين والمخاطر المحتملة التي قد يواجهها المستهلكون جراء ذلك.
وبتعاملها مع هذه القضايا من منظور مكافحة الاحتكار، توجه الهيئات الرقابية رسالة واضحة مفادها أن الصفقات باتت تخضع لاعتبارات تتجاوز بمراحل العوامل التقليدية كالسعر والحصة السوقية.
ويحذر المستشارون القانونيون للشركات من أن هذا النهج يقوض أسس الحيادية التي ارتكزت عليها سياسة الاندماج الأمريكية عبر عقود.
بدوره، قال أحد صانعي الصفقات: «نحن نشهد تأثيراً سلبياً حقيقياً، حيث بات العملاء يترددون في القيام بالمعاملات العابرة للحدود خشية اصطدامهم بعوائق سياسية غير مرئية - سواء تمثلت في فرض الأسهم الذهبية، أم الاشتراطات الأيديولوجية، أم الإملاءات الثقافية».
