التهديدات الموجهة إلى «الاحتياطي الفيدرالي» تتجاوز إقالة باول

جيليان تيت
تبادلت أخيراً بعض الأفكار حول الاحتياطي الفيدرالي مع كيرتيس يارفين، المدون الذي يطلق على نفسه لقب «الشعبوي السلطوي»، والذي قدم أخيراً نصائح سياسية لإيلون ماسك، والذي قد تثير أفكاره أيضاً قلق مراقبي الاحتياطي الفيدرالي.

ولا تقتصر المشكلة على تلك التهديدات المتصاعدة من الرئيس دونالد ترامب بإقالة رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول؛ إذ يريد يارفين أيضاً من ترامب تقويض استقلال الاحتياطي الفيدرالي بوضعه تحت سيطرة وزارة الخزانة، حتى يتمكن من إعادة هيكلة ديون أمريكا البالغة 37 تريليون دولار، و«فصل» ماليتها عن بقية العالم.

وقال: «خطتي الجريئة هي دمج الاحتياطي الفيدرالي ووزارة الخزانة وإعادة تقييم الأصول». «من الخطأ تماماً اعتبار التزامات الخزانة ديوناً - فهي أسهم مقيدة».

هل هذا جنون؟ سيقول معظم الاقتصاديين «نعم». قد يكون الأمر كذلك في الأسواق: عندما أشار ترامب إلى احتمال إقالة باول، تذبذب سعر الدولار وسندات الخزانة. وحتى يارفين لا يتوقع أن تلقى أفكاره رواجاً قريباً. مع ذلك، يصر أيضاً على أنه إذا استمر ارتفاع الدين «فسيبدو هذا الطرح في النهاية أقل سخافة».

وبينما سيختلف الكثيرون بشدة، سيكون تجاهله خطأً فادحاً. ففي النهاية، ليس ماسك هو المعجب الوحيد بيارفين؛ فقد استشهدت شخصيات مثل نائب الرئيس جيه دي فانس بأفكاره بإعجاب، ويتابع العديد من مسؤولي ترامب من المستوى المتوسط مدوناته.

ونتيجة لذلك، تتسرب مفاهيمه «المجنونة» إلى النقاشات الدائرة حول الإدارة. ولننظر، على سبيل المثال، إلى التكهنات الحالية بأنه إذا أقال ترامب باول، فقد يطلب من سكوت بيسنت، وزير الخزانة الأمريكي، إدارة كلتا المؤسستين. صحيح أنه لا يوجد ما يشير إلى أن باول سيغادر فعلياً، أو أن الكونغرس سيقبل بثنائية بيسنت.

لكن ما يسمى «نافذة أوفرتون» (أي نطاق السياسات التي تعتبر مقبولة) آخذ في الاتساع. وكما كتب عالم السياسة جوليان والر: «لا يزال المنظرون للاستبداد في أمريكا في الوقت الحالي شخصيات متخصصة... ومع ذلك، فإن الطبيعة المنفتحة بشكل خاص لهذه المشاريع الفكرية قد وجدت جمهوراً متزايداً بين الساخطين».

كذلك، فإن اليسار يحرك نافذة أوفرتون. ولننظر هنا إلى صعود زهران ممداني، وهو اشتراكي ديمقراطي بارز في نيويورك - أو إلى استطلاع الرأي الجديد من مجموعة كاتو اليمينية والذي يظهر أن 62 و34 % من الناخبين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاماً يحبون الاشتراكية والشيوعية.

وفي الواقع، يرى عالم السياسة دينيس سنور بأنه في حين أن «الانقسام بين اليسار واليمين لا يزال مؤثراً» في السياسة، إلا أنه «تحول إلى معركة شرسة بين الشعبويين مقابل» النخبة «في العديد من البلدان» - وغالباً ما يتم خوضها على وسائل التواصل الاجتماعي ومنصة «صب ستاك». فكيف يجب أن يستجيب المستثمرون؟

أولاً (وهو الأمر الأكثر وضوحاً)، من الأهمية بمكان أن تعرض نفسك لأوسع نطاق ممكن من الأفكار، حتى لو كنت تكرهها؛ إن الاختباء في غرفة صدى مريحة أمر خطير.

على الرغم من أن المدونين الشعبويين قد يبدون مهمشين، إلا أنهم قد يشكلون بشكل خفي نقاشات التيار السائد في المستقبل، سواء أكان الأمر يتعلق بضريبة الثروة، أم ضوابط الإيجار، أم إعادة هيكلة الديون الأمريكية - أم اندماج بنك الاحتياطي الفيدرالي ووزارة الخزانة.

وإذا كنت تريد أن تفهم من أين جاءت رؤية إيلون ماسك لـ «دوغ» فمن الجدير إلقاء نظرة على منشورات ومحاضرات يارفين عام 2012 حول «إحالة جميع موظفي الحكومة للتقاعد».

ثانياً، يحتاج المستثمرون إلى النظر في كيفية تأثير الشعبويين على أسعار الأصول.

فغالباً ما يفترض أن الشعبويين اليساريين يتسببون في معظم أضرار السوق، نظراً لتركيزهم على إعادة التوزيع والتوسع المالي.

ولفتت دراسة للتاريخ المالي أجراها سيباستيان ستوكل ومارتن رود عام 2021 أن «نجاح الأحزاب الشعبوية له تأثير مباشر على التقلبات في مؤشرات السوق المحلية الرئيسية»، وكان أسوأ في ظل النسخة اليسارية.

ومع ذلك، تشير دراسة أحدث أجراها مانويل فونك وموريتز شولاريك وكريستوف تريبيش إلى أن التهديد لا يقتصر على اليسار.

فبعد دراسة 51 نظاماً شعبوياً منذ عام 1900، خلصوا إلى أنه «بعد خمسة عشر عاماً، انخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 10 %» في ظل الشعبويين مقارنة بغيرهم.

وبينما يلحق الشعبويون اليساريون ضرراً أكبر بأسعار الأصول في البداية، فإن نظراءهم اليمينيين يلحقون الضرر نفسه (إن لم يكن أكثر) بعد بضع سنوات. فما السبب؟

عادة ما يقوض الشعبويون اليمينيون سيادة القانون ويتدخلون في الأسواق (مثلاً، من خلال التعريفات الجمركية).

وكما أوضح الثلاثي الاقتصادي الحائز على جائزة نوبل، دارون أسيموغلو وسيمون جونسون وجيمس روبنسون، فإن الهجمات الاستبدادية على المؤسسات ترتبط بانخفاض النمو.

وتقول دراسة منفصلة في مجلة هارفارد بيزنس ريفيو أجراها روبرتو ستيفان فوا وراشيل كلاينفيلد إنه «بعيداً عن تنمية ثروة القطاع الخاص، نجد أن عوائد الأسهم في ظل الشعبويين اليمينيين غالباً ما تكون قاتمة».

وبشكل أكثر تحديداً، فإنها «يقل أداؤها عن المعايير بحوالي الربع خلال فترة ولايتهم الأولى، وبالنصف بعد عقد من الزمان» - أي أن قادة اليمين يلحقون ضرراً أكبر بالاقتصاد كلما طالت فترة بقائهم في السلطة. لكن هل سيحدث هذا في الولايات المتحدة؟ ربما لا.

وقال كيرتيس يارفين إن «ثورة» ترامب الشعبوية تتداعى الآن، حيث يتراجع عن بعض التهديدات. «أي إدارة تكون في أوج قوتها وطاقتها بمجرد توليها السلطة. أما الآن، فهي تفقد زخمها».

لكن مجرد انتشار مثل هذه الأفكار الجامحة يظهر كيف يتم تقويض المؤسسات. أو بعبارة أخرى، إن الهجمات على باول ليست سوى مؤشر واحد على هجوم أكبر على معايير السوق المالية. ولا تتوقعوا بالمرة أن يتوقف هذا عند الاحتياطي الفيدرالي.