إنفاق قوي للمستهلك الأمريكي رغم ارتفاع الأسعار والفائدة

تشير بيانات بطاقات الائتمان إلى نمو «قوي» في بداية 2025 بعد إنفاق المتسوقين تريليون دولار في موسم الأعياد

غريغوري ماير - ستيفن غانديل

واصل المستهلكون الأمريكيون تنشيط الاقتصاد الأمريكي في بداية 2025، بعدما أنفقوا تريليون دولار، خلال موسم الأعياد، متغلبين بذلك على تزايد تكاليف الاقتراض وأعوام من ارتفاع التضخم.

وأعلن الاتحاد الوطني للبيع بالتجزئة في الولايات المتحدة أن تجار التجزئة حققوا مبيعات بقيمة 994 مليار دولار في موسم عطلة عيد الميلاد في عام 2024 بزيادة 4 % على أساس سنوي، وتجاوزت هذه النسبة توقعات الاتحاد، مشيرة إلى تسارع في المبيعات مقارنة بعام 2023.

إضافة إلى ذلك أعلن أكبر المصارف في البلاد ارتفاع أرباحها خلال الربع الأخير من العام الماضي، وهو أمر يرجع بشكل جزئي إلى نشاط قطاع التجزئة.

وأنفق المستهلكون ما إجماليه 924 مليار دولار من خلال بطاقات الائتمان، التي أصدرها كل من «بنك أوف أمريكا» و«سيتي غروب» و«جيه بي مورغان تشيس» و«ويلز فارغو» في الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2024، ما تعد زيادة 5 % مقارنة بأرباح الربع السابق، وأعلى زيادة مسجلة في نهاية العام منذ 3 سنوات.

وقال بينيت باريش، المحلل لدى «جيه بي مورغان»، إن الإنفاق واصل «نموه بقوة» في بداية هذا الشهر، مستشهداً ببيانات بطاقات الائتمان، التي قدمتها أكبر المصارف في البلاد من حيث الأصول.

وقال مارك زاندي، كبير خبراء الاقتصاد لدى «موديز أنالتكس»: «دأب المستهلكون على القيام بدورهم، وهو دفع القاطرة الاقتصادية»، وتابع: «لا توجد مؤشرات حقيقية على تباطؤ نمو الإنفاق».

وسلطت شركة «تارغت» عملاقة تجارة التجزئة الضوء على تحقيقها عائدات أقوى من بيع الألعاب، ومستحضرات التجميل خلال العطلات، ورفعت توقعاتها بشأن المبيعات القابلة للمقارنة في الربع الرابع.

وأفاد ريك غوميز، كبير موظفي العمليات التجارية لدى الشركة في مؤتمر للقطاع قبل أيام ، بأن «المستهلك الأمريكي مرن وقوي». وفي وقت مبكر من هذا الشهر أعلنت سلسلة متاجر «كوستكو» ارتفاع مبيعات متاجرها داخل الولايات المتحدة بنسبة 9.3 % على أساس سنوي في شهر ديسمبر، لافتة إلى أن أقوى المكاسب كانت بفضل الأقسام غير الغذائية، مثل المجوهرات، وبطاقات الهدايا والألعاب.

وتجدر الإشارة إلى أن بيانات مبيعات التجزئة ليست معدلة وفقاً للتضخم، الذي شهد انخفاضه تباطؤاً منذ الجائحة.

وأظهرت البيانات الصادرة الأسبوع الماضي تراجع التضخم الأساسي، الذي يستثني الفئات المتقلبة مثل الغذاء والطاقة، إلى 3.2 % في شهر ديسمبر من 3.3 % في الشهر السابق.

وعادة ما يترقب المستهلكون التخفيضات قبل إتمامهم أي مشتريات، بعدما أرهقتهم أعوام من ارتفاع الأسعار.

وخفضت «تارغت» أسعار أكثر من 10 آلاف منتج خلال العطلات، ثم أعلنت مبيعات تصفية بخصومات تصل إلى نسبة 50 % أو أكثر لمنتجات مثل الملابس، ومجموعات الهدايا التجميلية، وذلك بعد يوم من عيد الميلاد.

وأوضح غوميز أن المستهلكين كانوا «مبدعين» و«مدبرين»، إذ عملوا على استغلال ميزانياتهم وشراء المنتجات التي تهمهم.

وأبدت بعض الأسر مؤشرات على الإجهاد مع ذلك، مع مواصلتها الإنفاق لفترة طويلة بعد نفاد المدخرات، التي راكمتها خلال الجائحة، وفي هذا الصدد شطبت المصارف ديوناً قدرها 46 مليار دولار على بطاقات الائتمان، بعدما اعتبرتها غير قابلة للاسترداد.

وفي حين ارتفعت معدلات التأخر عن السداد بشكل طفيف لدى عدد من كبرى المصارف الأمريكية، إلا أنها تظل منخفضة تاريخياً بالنسبة لبطاقات الائتمان.

على سبيل المثال أفصح «ويلز فارغو» عن أن 1.6 % فقط من بطاقات الائتمان تأخر لمدة 90 يوماً أو أكثر بحلول نهاية العام الماضي، بارتفاع من 1.4 % في نهاية عام 2023، وكان هذا أعلى إجمالي لنسبة التأخر عن السداد بين المصارف الأربعة الكبرى، لكن تكلفة الشراء عن طريق البطاقات الائتمانية ما زالت مرتفعة، مع تقلص آمال المستثمرين في مواصلة مجلس الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة، وسيعقد الفيدرالي اجتماع السياسة النقدية التالي نهاية الشهر الجاري.

وتترقب متاجر التجزئة قرارات فرض ترامب لتعريفات جمركية جديدة، محذرة من أن هذه القرارات ستؤدي لارتفاع أسعار السلع. رغم ذلك فقد أظهر المستهلكون مؤشرات قليلة على التراجع عن الإنفاق.

وأشار إلياس سابو، الرئيس التنفيذي لدى «كومباس دايفيرسيفايد»، الشركة الأم لعدد من العلامات التجارية الاستهلاكية، تشمل «ستيرنو» للمواقد المحمولة و«لوغانو» صانعة المجوهرات، إلى أن الإنفاق كان قوياً منذ منتصف العام الماضي، لافتاً إلى تسارعه بعد الانتخابات الأمريكية في نوفمبر الماضي. وأضاف: «لقد كنا نتابع إنفاق المستهلكين عبر كل الفئات، لقد كان رائعاً بشكل لا يصدق».