شركات تعهيد تقنية المعلومات الهندية تضع الآمال على ترامب

كريس كاي - كريشن كاوشيك

يأمل قطاع تعهيد تكنولوجيا المعلومات الهندي الكبير بانتعاش أوضاعه، خلال فترة رئاسة دونالد دونالد ترامب الثانية، وتتوقع الصناعة التي تعتمد على أمريكا في أكثر من نصف إيراداتها أن تؤدي محفزات ترامب إلى عملائها لزيادة الإنفاق.

وفي ظل تعهد الإدارة الجديدة بخفض الضرائب على الشركات، وتقليل البيروقراطية يرى القطاع الهندي، الذي تبلغ إيراداته السنوية 128 مليار دولار، ويمتلك مقرات ضخمة في مدن مختلفة مثل بنغالور وبونا، فرصة مواتية في أكبر أسواقه بعد سنوات من الطلب والنمو الضعيف.

وأشار أتول سونيجا، مدير عام العمليات لدى «تك ماهيندرا»، وهي وحدة أعمال تكنولوجيا المعلومات في مجموعة «ماهيندرا»، إلى أن «ترامب كان بارعاً للغاية في الأعمال فيما مضى»، وتابع خلال مقابلة أجريت معه في بنغالور: «نأمل أن نبدأ في جني ثمار هذا».

ويعد تعهيد تكنولوجيا المعلومات والعمليات التجارية من أهم الصناعات ذات التوجه العالمي في الهند، ويعمل فيها أكثر من 5 ملايين شخص، في بلد لم يتمكن حتى الآن من توفير فرص عمل رسمية كبيرة، وذات أجور جيدة لقوته العاملة الهائلة.

وتمتع القطاع بطفرة مع استثمار العملاء في الخدمات الرقمية، خلال جائحة كورونا، لكن ذلك أدى لتضخم عمالقة التكنولوجيا الهنود بعد تفاخرهم بالتوظيف، ثم تضرر القطاع بعد أن خفضت الشركات إنفاقها مع تزايد الضغوط الاقتصادية العالمية.

وترجح شركة «تاتا كونسلتنسي سيرفيسز»، أكبر شركات تكنولوجيا المعلومات الهندية، التي أعلنت الأسبوع الماضي انخفاض إيراداتها من أمريكا الشمالية للفصل السنوي الخامس على التوالي، متوقعة أن تحظى بعام أفضل إلى حد ما، بسبب تحسن إنفاق العملاء مع عودة ترامب إلى المكتب البيضاوي الأسبوع المقبل.

ويرى ك. كريثيفاسان، الرئيس التنفيذي لدى «تاتا كونسلتنسي سيرفيسز»، أنه «بمجرد تولي الإدارة الجديدة زمام الأمور فسيزيل ذلك أي شك»، وأضاف: «ستكون هناك ثقة أكبر بالبرامج الاختيارية خلال العام المالي المقبل».

وفي نوفمبر الماضي قال ناندان نيليكاني، الملياردير الذي شارك في تأسيس «إنفوسيس»، ثاني أكبر شركة تكنولوجيا معلومات هندية، ورئيسها التنفيذي، إن «السيناريو المتفائل» هو أن تطلق رئاسة ترامب «العنان لإلغاء القيود التنظيمية في السوق»، ما يسمح للشركات بالتوسع، ويحفز المزيد من عمليات الاندماج والاستحواذ، وكل ذلك يوفر أعمالاً لشركات التعهيد الهندية.

وردد التصريحات نفسها ريشاد بريمجي، رئيس مجلس إدارة شركة «وايبرو» المنافسة، وقال إنه يعتقد أن إدارة ترامب ستكون «داعمة جداً للأعمال ومؤيدة النمو»، ما سيساعد كل عملائنا، وسيدعم الشركاء هنا في الهند في نهاية المطاف، وفي بقية أنحاء العالم.

وتشير تقديرات محللو «إتش إس بي سي» إلى أن القطاع سيشهد تسارعاً في النمو إلى 6%، خلال العام المالي المقبل، ارتفاعاً من 3% إلى 4% خلال العامين الماضيين، مضيفين أن التوقعات بشأن الولايات المتحدة صارت إيجابية حالياً.

وأوضح سيد باي، الشريك المؤسس لشركة «سيانا كابيتال مانجمنت» للاستثمارات المغامرة في التكنولوجيا، أن «أي تخفيضات ضريبية ستعزز مزيداً من الإنفاق التكنولوجي، وهو افتراض عادل»، متوقعاً أن يشهد القطاع «نمواً مطرداً» على نطاق واسع.

ويأتي تجدد التفاؤل في الوقت الذي كان المسؤولون التنفيذيون الأمريكيون في التكنولوجيا يشقون طريقهم إلى الهند في الأشهر الأخيرة، ففي الأسبوع الماضي أعلن ساتيا نادالا، الرئيس التنفيذي لدى «مايكروسوفت»، استثمارات بقيمة 3 مليارات دولار، فيما توجه جنسن هوانغ، الرئيس التنفيذي لدى «إنفيديا»، في أكتوبر الماضي إلى مومباي، وأعلن مجموعة شراكات في الذكاء الاصطناعي مع أكبر المجموعات في البلاد، وعمالقة التعهيد.

على أية حال شعار ترامب الحمائي «أمريكا أولاً»، وتعهده بفرض تعريفات جمركية باهظة على الدول، سيدمر النمو ويعزز التضخم، وسيؤدي إلى أن يكون مجلس الاحتياطي الفيدرالي أكثر حذراً في خفض أسعار الفائدة، بحسب استطلاع أجرته «فايننشال تايمز» مؤخراً، لآراء أكثر من 220 خبيراً اقتصادياً.

وقال كومار راكيش، المدير المشارك في بحوث الأسهم لدى «بي إن بي باريبا» في مومباي: يعتمد جزء كبير من تعافي الطلب على خدمات تكنولوجيا المعلومات على كيفية أداء الاقتصاد الأمريكي في 2025، محذراً من احتمال تدهور القطاع إذا تسببت التغيرات السياسية في ارتفاع التضخم، وإجبار الفيدرالي على إيقاف دورة خفض الفائدة أو حتى عكس اتجاهها بالرفع.

ولفت محللو «إتش إس بي سي» إلى أن تخفيضات ترامب الضريبية في عام 2017 لم يكن لها تأثير بالضرورة على الإنفاق على التكنولوجيا، وخلال فترة ترامب الأولى وقع القطاع أيضاً في خطأ تشديد القيود على برنامج «إتش 1 بي» لتأشيرات العمالة عالية المهارة، الذي يستخدمه الهنود بأغلبية ساحقة.

وفي حين ذهب إيلون ماسك، أكبر داعم لترامب في قطاع التكنولوجيا، إلى وجود «نقص بالغ» في مهندسي تكنولوجيا المعلومات في الولايات المتحدة، فإن شركات التعهيد الهندية قللت بصورة بالغة من اعتمادها على تأشيرة «إتش 1 بي»، حيث يوجد لديها مكاتب لخدمة العملاء محلياً، ولفت راكيش إلى أن أقل من 1% من موظفي شركات خدمات التعهيد يعملون حالياً بموجب هذه التأشيرات.

وعلى نطاق أوسع يتوقع خبراء اقتصاد وشخصيات بالمجال في الهند أن تكون البلاد، التي تقربت من فلك واشنطن ويتشارك زعيمها، ناريندرا مودي، علاقات طيبة مع ترامب، بمأمن من أسوأ نزعات الزعيم الأمريكي.

وأضاف سونيجا من «تك ماهيندرا»: «اتسمت العلاقات بين الزعيمين بأنها قوية جداً في الماضي، لذا فإننا نتوقع استمرار ذلك».

من جانبها، قالت تيريسا جون، نائبة رئيس البحوث لدى شركة نيرمال بنغ للوساطة في مومباي ونشرت بحثاً عن التأثيرات المحتملة لاقتصادات ترامب على الهند، إنه «يرجح أن تكون الهند بصفة عامة بمعزل نسبياً» مقارنة بدول آسيوية أخرى، مثل الصين، نظراً لفائضها التجاري الأقل مع الولايات المتحدة. واستطردت: «سيواصل نمو الولايات المتحدة صموده»، وأوضحت: «سنشهد انعكاس هذا على قطاع تكنولوجيا المعلومات الهندي».