هل خرج «جروك» عن السيطرة وتحول إلى آلة تروج للعنصرية؟

هانا ميرفي - كريستينا كريدل - باربارا موينز
أعلن إيلون ماسك منذ أيام أن شركته للذكاء الاصطناعي «إكس إيه آي» قد حدثت روبوت الدردشة الخاص بها المتاح عبر منصة «إكس»، والذي يحمل اسم «جروك». وأكد بالقول: «ستلاحظون الفرق». 

وفي غضون أيام، لاحظ المستخدمون بالفعل التغييرات التي طرأت عليه، وفي مقدمتها إبداؤه تقديراً متجدداً لأدولف هتلر.

يأتي ذلك بعد شهرين فقط من تكرار «جروك» الإشارة إلى ما وصفه بـ «التطهير العرقي الأبيض» في جنوب أفريقيا، رداً على تساؤلات لا صلة لها بالموضوع. وفي وقت لاحق، أوضحت «إكس إيه آي» أن هذا السلوك يعود إلى «تعديل غير مصرح به» طال التوجيهات التي تحدد كيفية استجابة النموذج.

وعمل أكثر رجال العالم ثراءً وفريق «إكس إيه آي» على تعديل «جروك» في محاولة لضمان تجسيده لما يطلق عليه ماسك قيم حرية التعبير، لكن بعدما بدأ بعض مستخدمي منصة «إكس» البالغ عددهم 600 مليون في الإشارة إلى حالات لمعاداة السامية والعنصرية والألفاظ النابية، أعلن ماسك بأن «إكس إيه آي» تعمل على معالجة المشكلات.

لكن كما هو معهود من ماسك، فقد أثار روبوت الدردشة جدلاً على مستوى العالم. لذلك، ضغط بعض المشرعين الأوروبيين، بالإضافة إلى الحكومة البولندية، على المفوضية الأوروبية لفتح تحقيق حول «جروك» بموجب قواعد السلامة عبر الإنترنت التي يعتمدها الاتحاد الأوروبي.

وفي تركيا، تعرض «جروك» للحظر في البلاد بعد توجيهه إهانات للرئيس رجب طيب أردوغان ووالدته المتوفاة. وازدادت الأمور سوءاً مع إعلان ليندا ياكارينو، الرئيسة التنفيذية لـ«إكس»، استقالتها من منصبها.

وبالنسبة للبعض، لم تكن هذه الخطوب سوى مشكلات متوقعة ستواجه الشركات العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي بينما تحاول تحسين دقة نماذجها، ومع محاولتها وضع ضوابط تستهدف إرضاء الجوانب الأيديولوجية لدى مستخدميها.

لكن بعض المنتقدين ذهبوا إلى أن هذه التطورات تشكل جبهة جديدة للإشراف على المحتوى بخلاف ذلك الذي يولده المستخدمون، مع تطويع منصات التواصل الاجتماعي مثل «إكس» و«ميتا» و«تيك توك» و«سناب شات» للذكاء الاصطناعي في خدماتها.

وبدمجه لـ «جروك» على منصة «إكس»، وهي منصة التواصل الاجتماعي التي اشتراها ماسك بقيمة 44 مليار دولار في عام 2022، فقد ضمن أن الإجابات التي ستصدر عن النموذج ستكون متاحة لملايين المستخدمين.

وتعد هذه أحدث الإشارات التحذيرية للشركات وعملائها بشأن مخاطر الاندفاع المتهور تجاه تطوير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي دون إجراء ما يكفي من الاختبارات. وفي هذه الحالة، تهدد انفعالات «جروك» بفضح «إكس» ومالكها القوي، ليس فقط في مواجهة ردود أفعال سلبية من جانب المعلنين، وإنما أيضاً في مواجهة تهديدات تنطوي على اتخاذ إجراءات تنظيمية في أوروبا.

وتخضع نماذج الذكاء الاصطناعي، مثل «جروك»، للتدريب باستخدام مجموعات هائلة من البيانات تحتوي على مليارات من نقاط البيانات المجمعة من كل أركان الإنترنت.

وتحتوي مجموعات البيانات هذه على قدر كبير من المحتوى الضار، مثل خطاب الكراهية. وسيكون التخلص من هذا المحتوى شديد الصعوبة، بسبب الحجم الكبير لمجموعات البيانات هذه.

كما أنه تتسنى لـ «جروك» إمكانية الوصول إلى كل المحتوى المتاح على «إكس»، وهو ما لا تتمتع به روبوتات الدردشة الأخرى، مما يعني أنه أكثر ترجيحاً لأن يرجع إلى المحتوى الموجود على المنصة.

وثمة طريقة يمكن بها لمقدمي خدمات روبوتات الدردشة التي يشغلها الذكاء الاصطناعي تصفية المحتوى غير المرغوب فيه أو الضار، وتتمثل في إضافة طبقة من الضوابط التي تراقب الاستجابات قبل تقديمها إلى المستخدم، مما يحظر على نموذج الذكاء الاصطناعي توليد محتوى باستخدام كلمات بعينها أو مجموعات من التراكيب.

وفي الوقت ذاته، تواجه شركات الذكاء الاصطناعي صعوبة مع ميل روبوتات الدردشة التوليدية التابعة لها نحو التزلف، حيث تكون الإجابات شديدة الاتفاق مع ما يرغب المستخدمون في سماعه وأكثر ميلاً ناحيته. وقد أشار ماسك إلى هذا الأمر عندما قال أخيراً إن «جروك» كان «تواقاً للإرضاء وقابلاً للتلاعب به».

وحينما تتدرب نماذج الذكاء الاصطناعي، فغالباً ما تتلقى إجاباتها تقييماً من عنصر بشري من خلال عملية حصولها على إعجاب أو عدم إعجاب البشري القائم على التدريب.

ويمكن أن يؤدي هذا بالنماذج إلى مبالغتها في توقع ما سيؤدي إلى حصول إجاباتها على الإعجاب من عدمه، ولذلك فهي تولد محتوى يستهدف إرضاء المستخدم، وتمنح الأولوية لذلك على حساب مبادئ أخرى مثل الدقة أو الضوابط.

وبالنسبة لماسك، يكمن الهدف في منح الأولوية لما يصفه بحرية التعبير المطلقة، وسط تنامي خطاب في صفوف حلفائه الليبراليين في وادي السيليكون مفاده أن وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى الذكاء الاصطناعي حالياً، باتت شديدة الميل لثقافة «الووك» ومتحيزة ضد اليمين.

وفي فبراير الماضي، كشف مستخدم لمنصة «إكس» أن روبوت الدردشة لديه توجيهات بـ «التغاضي عن كل المصادر التي تذكر أن إيلون ماسك أو دونالد ترامب نشرا معلومات مضللة»، وجاء ذلك لدى سؤاله «جروك» بأن يكشف عن التوجيهات الداخلية التي يعمل بمقتضاها.

وأثار هذا الأمر مخاوف من أن «جروك» يتم التلاعب به عمداً لحماية مالكه والرئيس الأمريكي، مما يزيد من المخاوف بأن ماسك، وهو فاعل سياسي يستخدم «إكس» بالفعل باعتباره منبراً لإقحام أجندة سياسية، قد يستخدم روبوت الدردشة لمواصلة التأثير على الجماهير. وقد رد إيغور بابوشكين، المؤسس المشارك لشركة «إكس إيه آي»، بأن «الموظف الذي أجرى التعديل كان موظفاً سابقاً لدى «أوبن إيه آي» ولم يستوعب كلياً ثقافة «إكس إيه آي» بعد».

ويمكن لروبوتات الدردشة إنتاج قدر كبير من المحتوى سريعاً، لذا، يمكن للأمور أن تخرج سريعاً عن السيطرة على نحو أسرع من الجدل الذي يثار حول الإشراف على المحتوى.