لماذا يتزايد رفض الجيل «زد» للعمل؟

ديلارا زاند

يقول منشور على منتدى «ريديت» تحت عنوان «نيت» (Neet): «أفكر في العيش في البرية، فقط التجول حول العالم بأموال قليلة». ويقول آخر: «كنت أعمل في متجر تجزئة وكانت الساعات القليلة الأولى على ما يرام، ثم اضطررت للتعامل مع الزبائن، فحزمت حقيبتي وغادرت للتو».

في هذا المنتدى، تشارك مجموعة تضم 44 ألف شخص من جميع أنحاء العالم النصائح وتناقش تحديات كونك «نيت» - وهو اختصار لـ «ليس في التعليم أو العمل أو التدريب». وهذه ليست مجرد ظاهرة على الإنترنت.

قال مورجان، الذي ترك منصبه في عام 2020 وطلب عدم كشف هويته «لا يمكنني العودة إلى العمل في وظيفة عادية مرة أخرى. مع ارتفاع التضخم والإيجارات، لم يعد من المنطقي تخصيص كل وقتي لصاحب عمل بالكاد لأعيش».

وكشفت الأرقام الرسمية للمملكة المتحدة في الربع الثالث من هذا العام أن 13% من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و24 عاماً كانوا من الـ «نيت»، أي نحو مليون شخص. وكان اثنان من كل خمسة يبحثون عن عمل، والباقي «غير نشط اقتصادياً»، أو لا يعملون ولا يبحثون عن عمل، أو خرجوا من سوق العمل تماماً.

يضع هذا الرقم عدد الشباب غير النشطين اقتصادياً قرب أعلى مستوى له - وهي قصة مشابهة في أوروبا والولايات المتحدة، حيث يعد واحد من كل 10 شباب من الـ «نيت».

في حين اكتسب المصطلح لأول مرة قوة جذب في سياسات حكومة المملكة المتحدة في التسعينيات، والتي سعت إلى مساعدة المراهقين الأكبر سناً في العمل، إلا أنه تم تبنيه منذ ذلك الحين دولياً ومن قبل شريحة فرعية أوسع من الأشخاص غير النشطين اقتصادياً.

وتشتمل منتديات «نيت» على موقع «ريديت» على أشخاص في الخمسينيات من العمر. وتصور منشورات حديثة «رجل في أواخر العشرينات وأوائل الثلاثينات يكره نفسه بسبب التقاعس» ومنشور آخر يتساءل عما إذا كان بإمكان «الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 30 عاماً» تغيير حياتهم؟

بعد أن بدأ كبائع سيارات قبل عشر سنوات، أُجبر مورجان، الذي يبلغ الآن 30 عاماً، على ترك العمل بسبب الاكتئاب والمرض الذي جعله يدخل ويخرج من المستشفى. وعندما تعافى، كان الوباء قد أغلق صناعته: فاختار عدم العمل، واستغل الوقت لتعليم نفسه كيفية إصلاح السيارات القديمة ونشر مقاطع الفيديو عبر الإنترنت.

يقول: «كان وقتي لتطوير اهتماماتي يستحق أكثر مما يمكن أن أكسبه من العمل، حتى لو لم يدر علي أي أموال». ولكن في النهاية بدأت الفواتير تتراكم. «وطردت إلى الشارع بسبب عدم دفع الإيجار. عشت في سيارتي لبضعة أيام قبل أن يأخذني صديق معه. أنا محظوظ لكوني في هذا المكان اليوم».

ترك جوش، البالغ من العمر 24 عاماً، الجامعة بعد أن قرر أنها لا تستحق المال. وقال «لقد حصلت على بعض وظائف البيع بالتجزئة لكنني وجدت صعوبة في التعامل مع الناس في مكان العمل بسبب قلقي الاجتماعي. لقد عدت الآن للعيش مع والدي اللذين يمكنهما دعمي. أنا أساعد أمي في المنزل وأحاول تعليم نفسي البرمجة».

وتقول لويز مورفي، الاقتصادية في مؤسسة «ريزولوشن فاونديشن» البحثية، إن الصحة العقلية هي أحد عوامل ارتفاع أعداد الـ «نيت»: خلال 20 عاماً، ارتفع عدد الشباب الذين أبلغوا عن اضطرابات مثل القلق أو الاضطراب ثنائي القطب من الربع إلى الثلث. وهذا يجعلهم أكثر عرضة للبطالة: كما وجد تقرير لمؤسسة «ريزولوشن فاونديشن» أنه في الفترة بين عامي 2018 و2022، كان 21% من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً يعانون مشكلات في الصحة العقلية وعاطلون عن العمل، مقارنة بـ 13% من أولئك الذين لا يعانون منها.

ويشير نيال أوهيجينز، الخبير الاقتصادي في منظمة العمل الدولية، إلى أن الشباب يشعرون أيضاً بخيبة أمل من جودة الوظائف المعروضة، و«يفتقرون إلى آفاق التطور والتدريب في مكان العمل والقدرة على بناء خياراتهم».
ويقول إن أصحاب العمل يجعلون أنفسهم أكثر جاذبية من خلال توفير المرونة والدعم، بما في ذلك «استكشاف بدائل من حيث تنظيم العمل». وفي مسح أجرته منصة A.Team لتحديد مصادر المواهب لجيل «زد» قال 80 في المائة إن أسبوع العمل لمدة أربعة أيام يجب أن يكون هو القاعدة، و60 في المائة يرغبون في نموذج عمل مختلط، وعبر نصفهم عن رغبته في فرص التدريب.

وتقول مورفي إن تغذية العلاقات الجيدة في العمل يمكن أن يكون لها تأثير كبير. وأضافت «عندما سألنا عما يرغب الشباب في تغييره في عالم العمل، لم يطلبوا إصلاحات كبيرة وبراقة. أرادوا فقط أن يكون لديهم مديرون أكثر إنسانية وتفهماً. ولكن الاجتماعات الفردية ليست هي القاعدة في جميع المهن حالياً».

ويقول مورجان: «أنا مستاء من الاتهام بأن الشباب لا يريدون العمل. الجميع يريد المساهمة، لكن المكافأة مقابل تكريس وقتك للقيام بذلك لم تعد تستحق ذلك في كثير من الحالات».