حالة من الحذر تسود مشهد الدمج والاستحواذ عالمياً

إيفان ليفنغستون - أوليفر بارنز
انخفض عدد الصفقات المُبرمة حول العالم إلى أدنى مستوياته منذ عقد، مع استثناء الفترة التي شهدت الإغلاقات الناجمة عن جائحة فيروس «كورونا».

وتراجع حجم إبرام الصفقات خلال الربع الثاني من العام الجاري، إلى أدنى مستوياته منذ عقد، باستثناء الأشهر الأولى من الجائحة، إذ أسهمت التعريفات الجمركية التي فرضها دونالد ترامب في «يوم التحرير»، في تأجيج حالة عدم اليقين، ما دفع صانعي الصفقات إلى التراجع عن معظم عمليات الاستحواذ، باستثناء الصفقات الكبرى.

وكشفت البيانات الصادرة عن مجموعة بورصات لندن، عن تراجع إجمالي عدد الصفقات المُعلنة خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في 30 يونيو من العام الجاري، إلى نحو 10,900 صفقة.

وتُعد هذه القراءة، هي الأدنى منذ بداية عام 2015، باستثناء الربع الثاني من عام 2022، حين تسببت الإغلاقات المرتبطة بالجائحة في اضطراب الأسواق العالمية، وشهدت تلك الفترة إبرام 10,600 صفقة فقط.

وتوقع صانعو الصفقات في البدء، تقليل البيت الأبيض الأكثر ميلاً للجانب المحافظ من صرامة القيود التنظيمية، ما كان من شأنه أن يطلق العنان لموجة من عمليات الاستحواذ.

وبدلاً من ذلك، اضطرت الشركات والمستثمرين إلى مواجهة أوضاع جيوسياسية أكثر خطورة مما كانوا يتوقعون، في ضوء إعلان الولايات المتحدة عن تعريفات جمركية واسعة النطاق، في الثاني من أبريل الماضي، إلى جانب نشوب نزاعات في الشرق الأوسط، تسببت في إحداث تقلبات بالأسواق.

علّق لورينزو كورتي الرئيس العالمي للصفقات لدى مكتب سكادين للمحاماة، قائلاً: «اتسم الموقف داخل مجالس الإدارة بالحذر، وذلك في أعقاب التفاؤل الأوّلي في الشهر الأول أو نحو ذلك».

وعلى الرغم من تصاعد وتيرة التوترات التجارية منذ بداية الربع الثاني، إلا أن بيانات مجموعة بورصات لندن، كشفت عن استقرار قيمة الصفقات، مقارنة بالربع الأول من العام، عند 969 مليار دولار، بعد أن حفزتها مجموعة محدودة من كبرى الصفقات الاستراتيجية.

وارتفعت الصفقات التي تُقدّر قيمتها بأكثر من 10 مليارات دولار هذا العام، بنسبة ثلاثة أرباع، ومن بين أبرز الصفقات التي شهدها الربع الثاني، استحواذ «كوكس» على «تشارتر كوميونيكيشنز»، وذلك بقيمة بلغت 35 مليار دولار، والاستحواذ على أكبر الشركات التابعة لـ «تويوتا موتور»، وضمها للقطاع الخاص، بقيمة 33 مليار دولار، واستحواذ بلغت قيمته 24 مليار دولار لمجموعة تقودها شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك)، على سانتوس الأسترالية.

وقال جيم لانغستون الشريك لدى مكتب بول ويس للمحاماة: «هناك طلب كامن على إبرام الصفقات الاستراتيجية الكبيرة»، مشيراً إلى أنه «إذا كانت الشركات ستضع رهانات كبيرة على الدمج والاستحواذ، فإنها بذلك تريد تحريك المياه الراكدة، وترغب في أن تكون الفوائد التي ستعود عليها مستحقة للمخاطرة».

وتعد حالة عدم اليقين في ما يتعلق بتوقعات النمو الاقتصادي والتضخم والدولار، بمثابة عائق من نوع خاص لقطاع الأسهم الخاصة، ما يفاقم من صعوبة تقييم الأصول.

وتفيد البيانات بتباطؤ عمليات الاستحواذ المدعومة من شركات الأسهم الخاصة العالمية على نحو حاد خلال الربعين الأول والثاني من العام، إذ تراجعت من نحو 2,500 صفقة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام، إلى ما يقرب من 1,850 صفقة في الربع الثاني.

وشهد النصف الأول من العام، إبرام شركات الأسهم الخاصة لعدد أقل من الصفقات، بواقع 1,250 صفقة، مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2024.

وذكر ينس ويلتر رئيس التغطية المصرفية الاستثمارية لأمريكا الشمالية في «سيتي»، أن صانعي الصفقات ركّزوا على عمليات الاستحواذ على الشركات المُدرجة، وبيع أو فصل الأصول التي يُنظر إليها على أنها لم تعد أساسية.

وتشمل هذه الصفقات، استحواذ «كيه كيه آر»، البالغ 4.7 مليارات جنيه إسترليني، على مجموعة «سبيكتريس» المُدرجة في لندن، ونظر «بريتيش بتروليوم» في بيع «كاسترول»، وهي ذراعها المتخصصة في زيوت التشحيم.

وأفاد ويلتر بأن صانعي الصفقات كانوا يضيفون شروطاً إلى العقود، تساعد على إبرام الصفقات في الأسواق الأكثر تقلباً.

وأضاف: «في حين أننا نتوقع أن يظل حجم عمليات خصخصة الشركات وفصل الأعمال عند مستويات قياسية، إلا أن الصفقات تتسم بكونها عالية الهيكلة، وتنطوي على تدوير وآليات تأجيل».

ومع ذلك، أبقى بعض المستشارين على تفاؤلهم بأن استقرار التوقعات في ما يتعلق بالظروف الجيوسياسية، سيؤدي إلى انتعاش النشاط خلال النصف الثاني من العام.

ويرى أوليفر سميث الرئيس المشارك لأنشطة الدمج والاستحواذ في شركة «ديفيس بولك»، أن تراكم الطلب، بدا وكأنه مشابه للفترة الأولى من الجائحة.

ويقول: «أدرك الناس حينها أن القيامة لم تقُم، وأن الأمور انتعشت لبعض الوقت»، مضيفاً: «يبدو الأمر كما لو أن هذه اللحظة ستأتي، بمجرد أن تعتاد الشركات على حالة عدم اليقين».