لورين فيدور - جيمس بوليتي
بينما كان يجري تمرير مشروع قانون دونالد ترامب للضرائب والإنفاق بصعوبة بالغة في مجلس الشيوخ الأمريكي، كان الرئيس الأمريكي على بعد 1000 ميل يتفقد مركزاً جديداً لاحتجاز المهاجرين في منطقة إيفرجليدز بولاية فلوريدا. وقد هلل مساعدو ترامب ومؤيدوه، عندما تم إعلام الرئيس بالخبر.
وبعد دقائق تجاهل ترامب سؤالاً من أحد المراسلين عما إذا كان هذا الانتصار سيكون قصير الأجل، نظراً للمسار غير المؤكد لمشروع القانون، عندما يتم إرساله إلى مجلس النواب للتصويت النهائي. وقال: «إنه قانون رائع.. وسيستفيد منه الجميع».
لكن ذلك لا يحجب التحديات المقبلة التي تنتظر ما يعرف بـ «مشروع القانون الكبير والجميل»، فأولاً، سيحتاج ترامب إلى أن يشق مشروع القانون طريقه عبر مجلس النواب، حيث هدد العديد من الجمهوريين بالفعل بالتصويت ضده.
مشيرين إلى مخاوف جمة، تتراوح بين تكلفته الباهظة إلى التخفيضات التي تطال برنامج «ميديكيد»، نظام التأمين الصحي العام لذوي الدخل المنخفض والمعاقين الأمريكيين.
ومع بقاء 16 شهراً على انتخابات التجديد النصفي، فإن أي انتصار تشريعي سيحققه ترامب والجمهوريون في هذا الصدد، سيكون باهظ الثمن، وقد يكون لعنة على الجمهوريين.
وكان مجلس النواب مرّر نسخة سابقة من مشروع القانون، بفارق صوت واحد، في مايو الماضي. وحتى إن تمكن الرئيس من حشد الجمهوريين في مجلس النواب خلف مشروع القانون خلال الأيام المقبلة، فإنه يواجه مهمة كبيرة في الدفاع عن التشريع أمام الجمهور الأمريكي، الذي يبدو بالفعل أنه مستاء منه.
وقال رون بونجين الخبير الاستراتيجي المنتمي للحزب الجمهوري: «سيكون علينا تسويقه للأمريكيين، لأن غالبية الناس، ومعظم الناخبين، بدأوا يدركون الأمر».
وحذر بونجين «من أن مشروع القانون سيذهب طي النسيان إلى حد كبير، أو أن ناقديه سيواصلون شجبه، لكن سيتذكر الناخبون مشروع القانون بصورة سلبية».
وأظهرت استطلاعات الرأي باستمرار، عدم تمتع مشروع القانون بشعبية إلى حد كبير، بسبب البنود التي ستمدد التخفيضات الضريبية للأثرياء، وتخفض حجم برامج الرعاية الصحية والاجتماعية للفقراء.
وحذّر محللون مستقلون من أن تخفيضات برنامج «ميديكيد» على وجه الخصوص، قد تحرم قرابة 12 مليون أمريكي من الوصول إلى التأمين الصحي خلال الأعوام المقبلة.
وتوصل استطلاع رأي أجرته «مورنينج كونسلت» في نهاية الأسبوع، إلى أن 50% من الناخبين يعارضون «مشروع القانون الكبير والجميل»، بينما يتمتع بدعم 36% ممن شملهم الاستطلاع.
وإضافة إلى معارضة الديمقراطيين لمشروع القانون بالإجماع، سيكون على ترامب مواجهة هجمات بعض الجمهوريين على التشريع وحلفاء آخرين.
وجدد إيلون ماسك، الملياردير الذي غادر الإدارة مؤخراً، بعد خلاف مع ترامب، انتقاداته العلنية لمشروع القانون. ونشر تغريدة على موقع «إكس»، كتب فيها: «كل ما أطلبه هو ألا نقود أمريكا إلى الإفلاس».
وردّ ترامب، مقترحاً أنه يجب قطع الإعانات الحكومية التي تفيد شركات ماسك، وقال إنه «سينظر» لاحقاً في مسألة ترحيله إلى جنوب أفريقيا، حيث ولد ماسك.
وفي الكونغرس، عارض مشروع القانون ثلاثة أعضاء جمهوريين، من بين إجمالي 53، التشريع، واستمروا في انتقاده بعد تصويت يوم الثلاثاء.
وقالت سوزان كولينز، عضوة مجلس الشيوخ عن ولاية ماين: «ينبع تصويتي ضد مشروع القانون في الأساس، من تأثيره الضار في ميديكيد، لأنه سيؤثر في الأسر منخفضة الدخل، ومقدمي خدمات الرعاية الصحية في المناطق الريفية، مثل مستشفياتنا ودور رعاية المسنين».
وليس ذلك فحسب، فقد اشتكى حتى بعض المشرعين الجمهوريين، الذين صوتوا لصالح مشروع القانون. وقالت ليزا موركوفسكي، العضوة في مجلس الشيوخ، التي ترددت بشأن مشروع القانون، لكنها وافقت عليه في اللحظات الأخيرة:
«رغم أننا عملنا على تحسين مشروع القانون في صيغته الحالية لصالح ألاسكا، إلا أنه ليس جيداً بما يكفي للأمة بأسرها، وجميعنا يعرف ذلك». وناشدت مجلس النواب إجراء بعض التعديلات، قائلة: «آمل بصدق ألا تكون الصيغة الحالية هي النهائية».
وفي ضوء الأغلبية الضئيلة للجمهوريين في مجلس النواب، واتحاد الديمقراطيين في معارضتهم لمشروع القانون، فلا يمكن لمايك جونسون، رئيس المجلس، والحليف الوثيق لترامب، أن يتحمل فقدان حتى عدد قليل من أصوات الجمهوريين في التصويت، إذا كان لمشروع القانون أن يمر عبر مجلس النواب.
وقد أجرى مجلس الشيوخ تعديلات كبيرة على نسخة مشروع القانون، التي مررها مجلس النواب في مايو الماضي، وهو ما أدى إلى مفاقمة تكاليف التشريع، وفرض تخفيضات أكثر حدة على برنامج «ميديكيد»، وهو ما أغضب بعض الجمهوريين الأعضاء في مجلس النواب.
وتحتاج النسخة المتفق عليها، إلى أن يمررها مجلسا النواب والشيوخ قبل إرسالها إلى مكتب ترامب ليوقعها، وتصبح قانوناً بحلول الرابع من يوليو، وهو الموعد النهائي الذي حدده هو.
ودعا ترامب الجمهوريين بمجلس النواب، إلى الاصطفاف خلفه. ونشر تدوينة عبر حسابه على منصة «تروث سوشيال»، كتب فيها: «إلى أصدقائي في الحزب الجمهوري: ابقوا متكاتفين، وصوتوا بنعم.. وليبارككم الرب جميعاً».
أما جيه دي فانس نائب الرئيس، فقد أشاد في حسابه على موقع «إكس» بمشروع القانون، لتحقيقه الوعود الأساسية لحملة ترامب الانتخابية عام 2024، بما في ذلك «تخفيضات ضريبية هائلة، خاصة أنه لا يفرض ضرائب على الإكراميات ووقت العمل الإضافي»، كما أنه «يوفر تمويلاً كبيراً لأمن الحدود».
لكن ذلك لم يمنع العديد من الجمهوريين بمجلس النواب من الهجوم على الصيغة التي وافق عليها مجلس الشيوخ، وأصروا على إدخال مزيد من التعديلات على التشريع، وهي خطوة قد تعرقل أي تصويت عليه هذا الأسبوع، وستؤدي إلى تخطي مجلس النواب الموعد النهائي الذي حدده ترامب.
ونشر مارلين ستوتزمان عضو مجلس النواب الجمهوري من ولاية إنديانا، تغريدة على منصة «إكس»، جاء فيها: «إن التغييرات التي أجراها مجلس الشيوخ على النسخة التي مررها مجلس النواب من مشروع القانون الجميل، بما في ذلك الزيادات غير المقبولة للدين الوطني والعجز، ستجعل تمريره في مجلس النواب صعباً».
من ناحية أخرى، تبنّى آخرون لهجة أكثر تفاؤلاً، لكنهم سعوا إلى خفض التوقعات بشأن إمكانية إبرام اتفاق بحلول نهاية الأسبوع. وفي تعليقات لشبكة «فوكس نيوز»، قال أندي هاريس رئيس «تجمع الحرية في مجلس النواب»، وهي مجموعة من المحافظين المؤثرين: «سنمرر مشروع القانون، لكنني لا أعتقد حدوث ذلك خلال اليومين المقبلين».
وقال جونسون رئيس مجلس النواب، لصحافيين، إنه سيمضي قدماً في محاولاته إرسال مشروع القانون إلى مكتب الرئيس، مضيفاً «يكمن هدفي ومسؤوليتي في تمرير مشروع القانون»، وتابع: «سنفعل كل ما بوسعنا لتحقيق ذلك».
وبعد التصويت، علّق تشاك شومر زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ: «كان هناك قدر من الكآبة غير المتوقعة بين الجانب الجمهوري بعد تمرير مشروع القانون»، مضيفاً: «إنهم يعلمون في قرارة أنفسهم، بمدى سوء مشروع القانون بالنسبة لهم، ولولاياتهم، وللحزب الجمهوري».