السباق المحتدم للبطاريات ينعش سوق معدن بعيد عن دائرة الاهتمام

ما الذي يجعل معدناً ما مهماً؟ تختلف وجهات نظر الحكومات والأسواق في الإجابة عن هذا السؤال. الأمر هنا ينطبق على الفاناديوم، فهذا المعدن رغم إدراجه في القائمة الرسمية للمعادن المهمة بالولايات المتحدة، إلا أنه لا يلقى اهتماماً واضحاً من المشترين.

ورغم بعض الارتفاعات التي شهدتها أسعار المعدن، إلا أن سعره شهد انخفاضاً بالمجمل على مدار خمس سنوات. وتسببت الشركات المتخصصة في هذا العنصر الذي يحمل رقم 23 (بالجدول الدوري) برحلة وعرة للمستثمرين.

لكن الأداء المميز الذي سجلته شركة «فاناديوم ريسورسز» خلال الأسبوع الماضي قد يشير إلى تغير أوسع في النطاق الأوسع لجني الثروات، إذ تضاعفت قيمة أسهم المطور الأسترالي تقريباً بعد توقيع اتفاقية لتوريد خام الماجنتيت الغني بالفاناديوم لأحد كبار تجار المعادن في الصين.

وتنبع الأهمية الاستراتيجية للفاناديوم من خصائصه التي تعزز صلابة الصلب، ما يجعله عنصراً أساسياً في الصناعات الدفاعية والفضائية، إضافة إلى دوره في البناء وأعمال البنية التحتية. وتعد الصين أكبر مستهلك عالمي له، لكن تراجع قطاعها العقاري أسهم بشكل ملحوظ في انخفاض أسعاره.

ويتطور أيضاً نطاق استخدام الفاناديوم وذلك كبديل قابل للاستخدام في مجال تخزين الطاقة، خاصة على المدى الطويل. وبطاريات الفاناديوم لتدفق الأكسدة والاختزال، كبيرة وكثافة طاقتها ضعيفة، ما يستبعد استخدامها في المركبات الكهربائية والأجهزة الإلكترونية، إلا أنها تتميز في المقابل بمقاومة أكبر للتآكل، وعمر تشغيلي طويل، وقابلية تامة لإعادة التدوير، ما يمنحها نظرياً دورة حياة لا نهائية.

وحالياً، تلعب بطاريات الفانديوم دوراً متخصصاً إلى حد ما، على سبيل المثال، في شبكات الطاقة المقاومة للأعاصير بجزر المحيط الهادئ. وتمثل نحو 8% من الطلب العالمي في هذا المجال. كذلك، فإن التوجه العالمي المتزايد نحو حلول تخزين الطاقة لفترات طويلة.

حيث تلعب بطاريات الفاناديوم دوراً مهماً إلى جانب تقنيات الليثيوم، قد يدفع الطلب إلى الارتفاع بشكل كبير، خاصة في ظل دعوة مجلس تخزين الطاقة طويل المدى إلى نشر 8 تيراواط من هذه الأنظمة بحلول عام 2040، أي بزيادة تقارب 50 ضعف المستوى الحالي.

ومن بين المستفيدين المحتملين من هذا التوجه شركة «إنفينيتي» المختصة بصناعة بطاريات تخزين الطاقة والمدرجة في سوق «إيم» (Aim) الثانوي في لندن، وشركة «ويستووتر ريسورسز» الأمريكية، إضافة إلى شركة «لارجو» الكندية التي تركز على التكامل الرأسي.

وقد عززت الأخيرة، التي تمتلك مناجم ومنشآت معالجة في البرازيل، موقعها في سلسلة القيمة بعد توقيعها مؤخراً على مشروع مشترك مع شركة «سترايتن إنيرجي».

ويأتي هذا الانتعاش المحتمل في وقت حرج لهذه الشركات، إذ تراجعت قيمة أسهم الشركات الثلاث بنسبة تتراوح بين 70 ـ 80% خلال السنوات الخمس الماضية.

فيما انهارت شركة «بوشفيلد مينيرالز»، المتخصصة في استخراج ومعالجة الفاناديوم، تحت وطأة انخفاض الأسعار وأخطاء تشغيلية متتالية، ما أدى إلى شطب أسهمها من سوق «إيم» الثانوي في مايو الماضي.

وقبل ذلك بعامين، تم تعليق تداول أسهم شركة «إفراز» الروسية المدرجة في بورصة لندن بعد فرض عقوبات على هذا الكيان المتكامل في صناعات الصلب والتعدين والفاناديوم.

وقد واجه المستثمرون المتفائلون بمستقبل الفاناديوم أوقاتاً عصيبة نظراً لتأثير تباطؤ الطلب على الفولاذ، غير أن استخدامه المحتمل في تقنيات البطاريات قد يشكل مصدراً جديداً لتعزيز الطلب العالمي. وبينما أولت الحكومات اهتماماً استراتيجياً بالفاناديوم يفوق ما أبدته الأسواق، فإن دوره المتنامي في منظومة تخزين الطاقة قد يعيد تشكيل هذه المعادلة بشكل جذري.