إيمي ويليامز - كلير جونز
بدأت حرب دونالد ترامب التجارية بالتأثير المباشر على السلع المنزلية الأمريكية الشائعة، مع دخول الرسوم الجمركية على الفولاذ حيّز التنفيذ، ويمتد ذلك ليشمل الغسالات والثلاجات والأفران، في خطوة تنذر بارتفاع أسعار هذه المنتجات على المستهلكين الأمريكيين.
ووفقاً لوزارة التجارة الأمريكية، تُضاف هذه الرسوم الجديدة إلى التعريفة الجمركية الحالية البالغة 50 %، التي تفرضها إدارة ترامب على واردات الفولاذ وبعض مشتقاته، وستُطبّق على المحتوى المعدني المستخدم في تصنيع تلك الأجهزة. وتشمل القائمة الجديدة من الواردات الخاضعة للرسوم كلاً من غسالات الأطباق، ومعدات التخلص من النفايات الغذائية، والثلاجات المجمدة، والمجففات، والغسالات، إضافة إلى المواقد والأفران.
وكان ترامب قد فرض رسوماً جمركية بنسبة 25 % على واردات الصلب والألمنيوم، بعد أسابيع قليلة من عودته إلى البيت الأبيض، قبل أن يضاعفها إلى 50 % خلال الشهر الجاري. وتندرج رسوم المعادن ضمن حزمة أوسع من الإجراءات الجمركية المفروضة على قطاعات محددة، لأسباب تتعلق بالأمن القومي، في إطار مساعي ترامب لتعزيز التصنيع المحلي الأمريكي في عدد من الصناعات الحيوية.
وقد طالت الرسوم الجمركية أيضاً واردات السيارات وقطع الغيار، بنسبة 25 %، تحت السلطة نفسها المتعلقة بالأمن القومي. كما أطلقت الإدارة تحقيقات مماثلة، قد تُفضي إلى فرض رسوم على تجارة الرقائق الإلكترونية ومعدات تصنيعها، والخشب، والمعادن الحيوية، والمنتجات الدوائية. ويرجح أن تؤدي التوسعات الجديدة في الرسوم الجمركية على السلع المنزلية، إلى دفع معدلات التضخم نحو الارتفاع خلال الأشهر المقبلة.
وقال روبرت كابلان نائب رئيس بنك «غولدمان ساكس»، الرئيس السابق لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في دالاس، إن «بيانات مؤشر أسعار المستهلكين لشهر مايو، تعتبر مجرد تذكرة بأنه لولا قضية الرسوم الجمركية، وخصوصاً في الولايات المتحدة، لكان الفيدرالي أكثر استعداداً للتحرّك حالياً نحو خفض معدلات الفائدة، بدلاً من الانتظار».
من جهته، قال دانيال هورنونغ، الأكاديمي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، والذي عمل سابقاً كخبير اقتصادي في إدارة بايدن، إن الارتفاع الأقل من المتوقع في معدل التضخم خلال مايو «يُعزى في الغالب إلى التباطؤ أو تراجع الأسعار في مجالات لا تتعرض حالياً لآثار الرسوم الجمركية بشكل مباشر، مثل الإيجارات وتذاكر الطيران».
وأضاف هورنونغ أن قيام المستوردين بتخزين البضائع قبل دخول الرسوم الجمركية حيز التنفيذ، قد يُسهم في تأخير تأثيرها في المستهلكين. لكنه أشار إلى أن الأجهزة المنزلية الكبيرة، التي تعتمد في تصنيعها على مواد خاضعة لرسوم جمركية مرتفعة، مثل الفولاذ «تشهد على الأرجح زيادات أولية في الأسعار، نتيجة الرسوم، وهي زيادات مرشحة للاستمرار والارتفاع في الأشهر المقبلة».
وتُظهر دراسة أعدها اقتصاديون من جامعة شيكاغو ومجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، أن الرسوم الجمركية التي فُرضت في عام 2018، بنسبة وصلت إلى 50 % على الغسالات المستوردة، أدت إلى زيادة في أسعار المستهلكين، بلغت في المتوسط 86 دولاراً، أو نحو 12 % لكل جهاز. وأظهرت الدراسة نفسها أن الرسوم الجمركية التي فرضت خلال الولاية الأولى لترامب، أدّت أيضاً إلى زيادة مماثلة في أسعار مجففات الملابس، رغم أن هذه الأجهزة لم تكن مشمولة بتلك الرسوم.
وتدخل أحدث الرسوم حيز التنفيذ، قبل أقل من ثلاثة أسابيع من الموعد المقرر لإعادة تفعيل رسوم ترامب «المتبادلة» المفروضة على غالبية شركاء التجارة الأمريكيين. وكانت هذه الرسوم قد كُشف عنها في الثاني من أبريل، قبل أن يتم تعليقها لمدة 90 يوماً.
وقد تسبب التهديد الأمريكي بفرض رسوم جمركية مرتفعة على معظم الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، في اضطرابات حادة في الأسواق المالية، خلال شهر أبريل، وأدى إلى موجة هبوط عالمية في أسواق الأسهم. ومنذ ذلك الحين، أمضى شركاء واشنطن التجاريون أسابيع في محاولات تفاوض مكثفة مع كبار المسؤولين التجاريين في إدارة ترامب، بهدف التوصل إلى اتفاقات تجارية محدودة، تُخفض بموجبها معدلات الرسوم الجمركية التهديدية، والتي تختلف من دولة إلى أخرى، وتتراوح بين 10 % و50 %.
وفي أبريل، استثنى ترامب الهواتف الذكية وغيرها من الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية، مثل الحواسيب المحمولة وسماعات الرأس، من قائمة الرسوم المتكافئة الشاملة، في إشارة إلى استعداد واشنطن لاستبعاد بعض السلع الاستهلاكية الرائجة من حربها التجارية.
غير أن مسؤولين أمريكيين قالوا لاحقاً إن تلك السلع ستُدرج لاحقاً ضمن قائمة البضائع التي قد تشملها الرسوم الجمركية، في إطار تحقيق جارٍ يستند إلى اعتبارات الأمن القومي بشأن تجارة الرقائق الإلكترونية.
