بعد كورونا.. العالم يفتقد السياح الصينيين

ت + ت - الحجم الطبيعي

مع ملازمة الصينين منازلهم بفضل التقييد الشديد على سفرهم بعد تفشي فيروس كورونا، يشعر العالم الذي ازداد اعتماداً على أولئك الزوار بغيابهم.

فكم من موقع سياحي في العالم تم إنقاذه بفضل تلك القوة السياحية الأكثر تأثيراً في العالم؟

أخيراً، قدمت قرية إيطالية رؤية عن واقع بديل مخيف، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست". القرية الإيطالية القديمة، سيفيتا دي بانوريجيو، التي تقع على رأس تلة مشرفة كانت على وشك الانقراض منذ أكثر من عقد، ثم نجت بفضل طوفان من السياح الصينيين. سكانها الدائمون يتألفون من ثمانية أشخاص، لكنها تستضيف حوالي ثماني حافلات سياح في اليوم، أي أكثر من 100 ألف شخص في السنة.

وعلى غرار تلك القرية الإيطالية، من المتوقع الآن أن تشعر الوجهات السياحية الكبرى والصغرى، بعد سنوات من السباق لاستيعاب الزوار الصينيين والاعتماد المتزايد على إنفاقهم، بالتأثير المترتب على بقائهم في منازلهم، بعد أن أصبحوا متعطشين للسفر. فهم يشكلون أكثر من 10% من صناعة السياحة العالمية والسوق الأسرع نمواً للرحلات الطويلة. في عام 2003، خلال تفشي "سارس" كان ما يصل إلى 20 مليون صيني يسافرون للخارج كل عام، وفي عام 2018 وصل الرقم إلى 150 مليون نسمة.

الوجهات الأكثر شعبية هي شمال شرق وجنوب شرق آسيا، وفقاً لأرقام الحكومة الصينية. لكن المزيد منهم كان يزور وجهات خاصة في القارة الأوروبية، وليس فقط "الكولوسيوم" و"اللوفر"، لكن البلدات الفرنسية المشهورة بأجبانها ومشروباتها، والقرى الإيطالية الخلابة.

يقول مدير وكالة سياحة رئيسية في إيطاليا، اسمه البرتو كورتي: "السياحة الصينية في تطور شامل، نفكر في تنسيق رحلات بالحافلات وأن الناس يتناولون الطعام الصيني فقط، نعم هذا موجود، لكن عدد تلك الرحلات كان يتناقص فيما يزداد عدد المسافرين الأفراد، وهذا كان يترافق مع انخفاض متوسط العمر".

وينفق أفراد الطبقة الوسطى الصينية الصاعدة المال بطريقة لا ينفقها سياح آخرون. في باريس، فإن متوسط ما ينفقه السائح الصيني العادي هو 60% أكثر مما ينفقه أولئك من وجهات أخرى، وفقاً الى بيانات قام بتجميعها مجلس السياحة الإقليمي في باريس. وفي إيطاليا، يشكل المسافرون الصينيون حوالي 30% من التسوق المعفي من الضرائب. الآن وفجأة أوقف فيروس كورونا كل ذلك.

في المتاجر الكبرى في باريس والمحطات الرئيسية الفاخرة في روما، يشاهد الموظفون الذين يتحدثون لغة الماندرين زبائن أقل لتحيتهم. كما تشهد الفنادق ووكالات السفر التي تلبي السياح الصينيين ما سماه أحد الموظفين في روما بـ "حمام دماء" من إلغاء الحجوزات، وقد ترك الأمر تأثيريه في كل مكان، من منتجعات التزلج السويسرية التي كانت تتوقع ملء فصول مدارس التزلج بالماندرين إلى ترير في المانيا مسقط رأس كارل ماركس.

ويقدر العاملون في القطاع خسائر الفنادق والاعمال بملايين اليورو، مع توقع بزيادة الخسائر إذا ما استمر التقييد على السفر وصولاً إلى الربيع والصيف.

من جهتهم، يقول الزوار الصينيون الذين لا يزالون في أوروبا إنهم يشعرون بأن الجميع ينظر إليهم بخوف ويبقون على مسافة منهم. وقد سجلت عدد من حالات كرة الأجانب. في الفنادق يشعرون بأن الزوار الآخرين يبقون على مسافة منهم، وفي المطاعم يجري التحديق بهم إذا بدأوا بالسعال. وقد علقت مدرسة موسيقية أوروبية قبول الطلاب من شرق آسيا بسبب مخاوف من الفيروس، مع ازدياد التمييز.

وكان هناك بعض القلق في قرية سيفيتا دي بانوريجيو الإطيالية ايضاً،  نظرا لأن الصينيين يشكلون أحيانا 90% من السياح الأجانب، وأفاد عمدة القرية لوكا برفيلي، لـ " واشنطن بوست" أنه: "ما أن أعلنت الحكومة الإيطالية وقف الرحلات، حتى شعر الجميع بمزيد من الراحة". لكن أي طمأنه بشأن فرص وصول الفيروس هنا يقابله عدم ارتياح بشأن ما قد يعنيه انخفاض عدد الزوار بالنسبة للاقتصاد المحلي. القرية التي تبعد ساعتين عن روما، والتي يمكن الوصول إليها عبوراً على جسر، كانت بلدة متداعية فعمدت للترويج لنفسها ككنز على وشك الانقراض، وكانت محظوظة في أنها تشبه العالم الحالم لفيلم الانيمي للمخرج هاياو ميازاكي، "لابوتا: قلعة في السماء".

فبدأ السياح من الصين يأتون إلى القرية زرافات ووحداناً. وكانت تفرض رسم دخول 5 يورو وقد استخدمت المال لإعادة تأهيل المكان، وعاد بعض الأشخاص لتحويل منازلهم الى أماكن للإقامة (سرير+ فطور). فإذا ما توقف تدفق السياح الصينيين، تقول مالكة المطعم ، اريانا باستوني، في القرية إنها سوف تخسر المال، لكنها مؤقتاً تشعر بالآمان أكثر وقف الرحلات إلى أن يأخذ الفيروس مساره.

 

كلمات دالة:
  • كورونا،
  • الصين،
  • السياح،
  • الفنادق العالمية،
  • السفر
Email