170 مليون وظيفة جديدة و92 مليوناً تختفي.. الذكاء الاصطناعي يتوحش

تشهد أسواق العمل العالمية سباقا متسارعا لإعادة تشكيل ملامح الوظائف تحت تأثير الذكاء الاصطناعي، في وقت تشير فيه أحدث تقارير المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أن التحول الرقمي بات القوة الدافعة الأكبر خلف إعادة هيكلة نماذج الأعمال.

ويؤكد 60% من قادة الشركات أن هذا التحول سيغيّر جذريا آليات التشغيل، فيما يرى 86% أن الذكاء الاصطناعي سيقود المرحلة المقبلة من الابتكار، مع ما يحمله ذلك من فرص واسعة وتحديات لا تقل حجما، وفقا لـ slashgear.

ووفق تقديرات المنتدى، فإن الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى إعادة فتح أو إغلاق ما يصل إلى 22% من الوظائف عالميا، ما يعني خلق نحو 170 مليون وظيفة جديدة مقابل اختفاء 92 مليون وظيفة، في ظل اضطرابات جيوسياسية تزيد من وتيرة التغيير.

وظائف إدارية أول الضحايا

الوظائف الإدارية تقع في صدارة الفئات الأكثر عرضة للاستبدال، بحسب التقرير، فالعاملون في مجال السكرتارية والإدارة يشكّلون الشريحة الأكثر هشاشة، مع اعتماد الشركات بشكل متزايد على وكلاء ذكيين قادرين على أداء مهام متقدمة في التنظيم وإدارة البيانات.

وحتى شركات التكنولوجيا الكبرى لم تكن بمنأى عن موجة التقليصات؛ إذ خفّضت شركات مثل IBM وميتا أعداد موظفيها، لا سيما في الوظائف غير التقنية، مع توجه IBM لاستبدال جزء من وظائف الموارد البشرية بأنظمة ذكاء اصطناعي.

ويعكس تصريح الرئيس التنفيذي لوولمارت، دوغ ماكميلون، حجم التغيير المتوقع: "كل وظيفة لدينا ستتغير بطريقة ما".

وظائف جديدة… لكن في أماكن غير متوقعة

رغم التراجع في الوظائف التقليدية، فإن الذكاء الاصطناعي يفتح الباب أمام تخصصات جديدة، أبرزها مهندسو التوجيه (Prompt Engineers) وخبراء الأتمتة.

ويشدد الرئيس التنفيذي لـ IBM، أرفيند كريشنا، على أن المهارات المطلوبة في المرحلة المقبلة ستتمحور حول التفكير النقدي والقدرة على حل المشكلات.

ويمتد هذا النمو إلى قطاعات غير تقنية، وفي مقدمتها البنية التحتية الرقمية، إذ أدى التوسع في مراكز البيانات إلى زيادة الطلب على عمالة ماهرة مثل الكهربائيين والنجارين والسباكين.

ويرى الخبراء أن هذه الطفرة قد تكون مؤقتة، مع بروز موجة جديدة من الروبوتات الذكية التي تنافس البشر حتى في المهام الحرفية.

الروبوتات تغادر المعامل إلى الحياة اليومية

الجيل الجديد من الروبوتات القادرة على صنع القهوة وقطف الفواكه واستقبال العملاء، يفتح الباب أمام انتقال تأثير الذكاء الاصطناعي من المكاتب إلى المصانع والمتاجر.

 وتؤكد شركة إنتل أن الروبوتات تغدو اليوم أكثر قدرة على دخول البيئات الخطرة، ما يجعلها خيارا مفضلا في الصناعات الثقيلة.

وتكشف دراسات استعرضها الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس أن الروبوتات غالبا ما تستبدل وظائف يشغلها عمال أقل تعليما، في ظل توسّع استخدامها في خطوط إنتاج السيارات ومناولة المواد.

وبينما يتواصل هذا التحول بوتيرة متسارعة، يبدو أن الذكاء الاصطناعي، مدعوما بالروبوتات الذكية، يعلن بداية عصر جديد يعاد فيه تعريف مفهوم العمل، وترسم فيه التكنولوجيا حدود الوظائف ومستقبل القوى العاملة.