"آبل" تأكل تفاحة وتتفرج!.. الذكاء الاصطناعي يُفرّق بين عمالقة التكنولوجيا

تواجه مجموعة «السبعة العظماء» من عمالقة التكنولوجيا الأميركية منعطفاً جديداً، حيث لم تعد تتحرك أسهم هذه الشركات الكبيرة في انسجام كما كانت خلال السنوات الماضية. فقد بدأت الفجوات في الأداء بالاتساع، مدفوعة بتفاوت رهاناتها ونتائجها في سباق الذكاء الاصطناعي.

وتتكون هذه المجموعة من شركات: أمازون، ألفابت (غوغل)، آبل، ميتا (فيسبوك سابقًا)، مايكروسوفت، إنفيديا، وتسلا، وقد سيطرت هذه الأسماء على السوق الأميركية خلال الأعوام الأخيرة، نتيجة دورها المحوري في الاقتصاد الحديث وحجمها الكبير ضمن مؤشر S&P 500، حيث تمثل مجتمعة نحو 35% منه، وفقًا لبيانات «داو جونز ماركت».

لكن منذ بداية العام الحالي، صعدت أسهم شركات مثل إنفيديا، ميتا، ومايكروسوفت بأكثر من 20%، في حين تراجعت أسهم آبل بنسبة 16%، وألفابت بنسبة 2%. وتستعد هذه الشركات لإعلان نتائجها الفصلية خلال أيام، ما قد يعيد خلط الأوراق مرة أخرى، حيث تعلن غوغل وتسلا أرباحهما هذا الأسبوع، تليهما ميتا، مايكروسوفت وآبل الأسبوع المقبل.

أوضح دان مورغان، مدير محفظة استثمارية في شركة Synovus Trust، أن هذا التباين أمر طبيعي، قائلاً بسخرية: «إنهم الآن في جلسة علاج جماعي». وأضاف: «لم يكن ممكنًا أن يتحركوا دائمًا بنفس الإيقاع؛ فلكل شركة نموذج أعمال مختلف».

ووفق تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال"، يعود أصل تصنيف هذه الشركات معاً تحت تسمية «السبعة العظماء» إلى الاستراتيجي مايكل هارنيت من بنك أوف أميركا، عام 2023، بسبب ريادتها في الاستثمار بمجال الذكاء الاصطناعي. إلا أن هذا الرابط بدأ يتفكك، بحسب إيفانا ديليفيسكا، المديرة التنفيذية لمؤسسة Spear للاستثمار، التي ترى «اختلافاً جوهرياً في الأساسيات» بين هذه الشركات.

أحد أبرز المتأخرين في هذا السباق هي شركة آبل، التي فشلت حتى الآن في جذب المستثمرين إلى مشاريعها في الذكاء الاصطناعي. فرغم الإعلان الكبير عن خدمة «Apple Intelligence»، لم تلبِ الشركة التوقعات، ولم تُحدّد موعدًا دقيقًا لإطلاق نسختها المطوّرة من «سيري» المعتمد على الذكاء الاصطناعي، المتوقع ألا ترى النور قبل أواخر 2026.

وتعليقًا على ذلك، قال دان آيفز، المدير في شركة Wedbush Securities، المعروف بتفاؤله الشديد تجاه الذكاء الاصطناعي: «آبل تجلس على مقعد في الحديقة، تأكل تفاحة، وتشاهد ثورة الذكاء الاصطناعي تمر على الطريق السريع».

تسلا وألفابت: مشاكل من نوع آخر

تواجه شركة ألفابت، المالكة لغوغل، ضغوطًا من نوع مختلف، تتمثل في التدقيق القانوني المتصاعد في كل من الولايات المتحدة وأوروبا، فضلًا عن القلق من أن تبتلع روبوتات الدردشة مثل «تشات جي بي تي» هيمنة غوغل على سوق البحث. رغم ذلك، يرى محللون أن لدى غوغل فرصة قوية لتدارك التأخر بفضل قاعدة بيانات المستخدمين الهائلة التي تملكها، وتقدمها في أدوات «Gemini» والملخصات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي في صفحات نتائج البحث.

أما تسلا، فتواجه تحدياتها الخاصة، إذ انخفضت مبيعاتها من السيارات الكهربائية، كما أثارت تحركات إيلون ماسك السياسية حفيظة البعض. ويحاول ماسك إعادة تعريف تسلا كشركة للروبوتات والذكاء الاصطناعي بدلًا من كونها فقط مصنعًا للسيارات. وقد أعلن مؤخرًا أن مساهمي تسلا سيصوتون على الاستثمار في شركته الأخرى الناشئة للذكاء الاصطناعي «xAI».

وقال آيفز تعليقًا على أداء هذه الشركات الثلاث: «في طاولة الأطفال الرائعين، هناك من يجلس في الداخل... وآبل وتسلا وألفابت يجلسون قرب المطبخ يتمنون لو كانوا في الداخل».

إنفيديا تتصدر

شركة إنفيديا، عملاق الرقائق، كانت المستفيد الأكبر من الطفرة الحالية في الذكاء الاصطناعي، وأصبحت أول شركة في العالم تصل قيمتها السوقية إلى 4 تريليونات دولار. وقد تضاعف سعر سهمها ثلاث مرات خلال عامين فقط.

أما مايكروسوفت وميتا فتمتعتا أيضًا بثقة المستثمرين في استراتيجياتهما الواضحة بمجال الذكاء الاصطناعي. شركة أمازون بدورها، التي ارتفع سهمها بنسبة 3% منذ بداية العام، تأثرت بالرسوم الجمركية وعدم اليقين المرتبط بها، لكنها استثمرت في شركة «Anthropic» الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، مما يعزز موقعها في السباق.

اختبار الأرباح الفصلية

مع اقتراب موسم إعلان الأرباح للربع الثاني، سيحرص المستثمرون على تتبع إشارات تفيد بمواصلة الاستثمار القوي في الذكاء الاصطناعي. فمعظم هذه الشركات تتداول بأسعار تفوق 25 ضعف أرباحها المتوقعة، مقارنة بمتوسط 22.35 لبقية شركات S&P 500، ما يزيد من سقف التوقعات. وكانت ألفابت الشركة الوحيدة في المجموعة التي تتداول تحت هذا المستوى.

بحسب تقرير حديث من مورغان ستانلي، من المتوقع أن تسجل «السبعة العظماء» نموًا بنسبة 14% في صافي الدخل مقارنة بالعام الماضي، بينما يُتوقع أن تنخفض أرباح بقية شركات S&P 500 بنسبة 3%.

ورغم أن بعض المحللين يرون أن هذا التباين في الأداء قد يكون مؤقتًا، إلا أن مستقبل المجموعة ككيان موحد غير مضمون. ففي الماضي، كانت مجموعة «FAANG» (فيسبوك، أمازون، آبل، نتفليكس، غوغل) هي النجم، لكنها انهارت عام 2023.

يختم دان آيفز بالقول: «قد تعود مجموعة الأصدقاء هذه إلى الحفلة خلال العام المقبل، لكن ذلك مرهون بمدى نجاح كل منهم في التعامل مع ثورة الذكاء الاصطناعي».