الخزائن خاوية.. احتياطي البنك المركزي الكندي من الذهب صفر

على مدى قرن تقريباً كان الذهب جزءاً أساسياً من احتياطيات كندا، لكن قرارات سياسية واقتصادية أدت في النهاية إلى بيع كل هذا المعدن النفيس، لتصبح كندا الآن الدولة الوحيدة في مجموعة السبع، التي لا تمتلك أي احتياطي ذهبي رسمي.

تعود أصول احتياطيات الذهب الكندية إلى منتصف القرن العشرين، وكانت تعد من بين الأكبر عالمياً. في عام 1965 بلغ احتياطي كندا من الذهب قيمة تقارب 1.15 مليار دولار، وقدرت الكميات بأكثر من ألف طن، ما وضعها ضمن كبار الدول المالكة للذهب في ذلك الوقت. العملية التي أدت إلى القضاء على احتياطي الذهب لم تكن مفاجئة أو حدثاً في يوم واحد، بل تمت عبر عقود من السياسة المالية المتغيرة. يمكن وضع البداية الرسمية لبيع الذهب في عام 1980 تقريباً، حين قرر المسؤولون في حكومة كندا والبنك المركزي إدراج الذهب ضمن برنامج التصفية التدريجية للأصول غير المنتجة للعائد، واستبداله بأصول أكثر سيولة وعائداً مثل السندات الحكومية والعملات الأجنبية.

خلال الثمانينيات والتسعينيات وحتى أوائل الألفية كانت عملية البيع تتسارع، ففي الفترة بين 1986 و1993 وحدها باعت كندا نحو 437 طناً من ذهبها، مخفضة احتياطياتها من حوالي 625 طناً في 1985 إلى أقل من 190 طناً في مطلع 1994، مع بيع كميات أخرى خلال منتصف التسعينيات وحتى عام 2002.

هذه السياسات انعكست توجهاً عاماً نحو تنويع الاحتياطيات بعيداً عن الذهب وتركيزاً على الاحتياطات الأجنبية السائلة.

بحلول العقد الثاني من الألفية الجديدة كان الاحتياطي الذهبي قد انخفض كثيراً، وأصبحت الكميات المتبقية رمزية. في أواخر عام 2015 وبداية 2016 قامت الحكومة ببيع الجزء المتبقي تقريباً، وقد ذكر في تقارير أن المتبقي من الذهب انخفض إلى ما يقارب بضعة أطنان ثم إلى كميات ضئيلة جداً مثل عشرات الأونصات فقط، حتى وصل إلى مستوى يعتبر في البيانات الرسمية «صفراً» من الذهب في الاحتياطي الدولي.

القرار لبيع الذهب بالكامل كان جزءاً من سياسة طويلة الأمد لإعادة هيكلة الاحتياطيات. من وجهة نظر صانعي السياسة الذهب كان ينظر إليه كونه أصلاً لا يدر عائداً، ولا يستخدم بسهولة في دعم السيولة النقدية أو التدخل في الأسواق مقارنة بأصول مثل الدولار الأمريكي أو السندات الحكومية، لذا فضلوا التركيز على هذه الأصول ذات السيولة الأعلى والعائد الأكبر. ما يميز هذا القرار هو أن كندا سارت في اتجاه معاكس للعديد من البنوك المركزية الأخرى الحديثة، التي تقوم بتعزيز احتياطيات الذهب خصوصاً منذ عام 2010، بينما كندا اختارت التخلص من الذهب نهائياً بحلول 2016.

إضافة إلى ذلك من المهم التمييز بين الذهب في الاحتياطيات الرسمية والذهب الموجود في المناجم داخل كندا أو لدى القطاع الخاص؛ الأول هو ما تحتفظ به الدولة جزءاً من احتياطيها، بينما الثاني ليس جزءاً من الاحتياطيات الرسمية، ولا يغطي احتياطي بنك كندا. اليوم احتياطي الذهب الكندي الرسمي يسجل صفر طن، حسب بيانات 2025، ويعد هذا فريداً بين كبار الاقتصادات العالمية، في حين أن دولاً كبرى مثل الولايات المتحدة وألمانيا وإيطاليا لا تزال تحتفظ بآلاف الأطنان في احتياطياتها.