استقالات وتقاعد وهروب.. أبل تشهد أكبر عملية إعادة هيكلة في تاريخها ‏

-1x-1
-1x-1

تشهد شركة أبل أكبر عملية إعادة هيكلة إدارية في تاريخها الحديث، مع موجة غير مسبوقة من رحيل كبار التنفيذيين، تُعدّ الأوسع منذ ‏وفاة الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي السابق ستيف جوبز عام 2011. وتشمل الاستقالات مفاصل حيوية تمتد من الذكاء الاصطناعي ‏إلى التصميم والشؤون القانونية وسياسات البيئة والعمليات، في تغييرات من المتوقع أن تُلقي بظلالها على توجهات الشركة لسنوات ‏مقبلة.‏

أعلنت أبل، يوم الخميس، أن ليزا جاكسون، نائبة الرئيس لشؤون البيئة والسياسات والمبادرات الاجتماعية، وكيت آدامز، المستشارة ‏القانونية العامة، ستتقاعدان في عام 2026. وتشغل آدامز منصبها منذ 2017، فيما انضمت جاكسون إلى الشركة في 2013. وستغادر ‏آدامز منصبها أواخر العام المقبل، بينما تغادر جاكسون الشهر القادم.‏

وتنضم جاكسون وآدامز إلى قائمة متزايدة من كبار المسؤولين الذين غادروا الشركة هذا العام أو أعلنوا نيتهم المغادرة. فقد أعلن رئيس ‏قسم الذكاء الاصطناعي جون جياناندريا تقاعده مطلع الشهر، في حين غادر آلان داي، رئيس قسم تصميم واجهة المستخدم، إلى شركة ‏ميتا التي استقطبته هذا الأسبوع، بعد أن تولى قيادة التصميم منذ رحيل جوني إيف في 2019.‏

ويُعدّ حجم هذا التغيير غير مسبوق في عهد تيم كوك. ففي يوليو الماضي، قرر جيف ويليامز، مدير العمليات وأبرز المرشحين لخلافة ‏كوك، التقاعد بعد 27 عاماً في الشركة. وبعده بشهر واحد، أعلن المدير المالي لوكا مايستري التنحي عن منصبه. كما فقد قسم التصميم ‏هذا الأسبوع كبير مديري التصميم بيلي سورّينتينو، الذي انتقل هو الآخر إلى ميتا.‏

وكانت صفوف فريق الذكاء الاصطناعي الأكثر اضطراباً؛ إذ غادر روميغ بانغ، رئيس فريق النماذج الأساسية، إلى ميتا مصطحباً نحو ‏‏100 مهندس، كما غادر كل من كي يانغ، قائد أنظمة البحث الذكية لـ"سيري"، وجيان تشانغ، مسؤول الروبوتات الذكية في أبل، إلى ‏الشركة ذاتها.‏

تسارع في خطط الخلافة

توقيت هذه الاستقالات المتتالية ليس مجرد صدفة، وفق تقارير بلومبيرغ و«فايننشال تايمز» التي أفادت بأن أبل تكثّف استعداداتها ‏لمرحلة ما بعد تيم كوك المتوقع أن يتقاعد في 2026. وكان كوك، الذي بلغ الـ65 في نوفمبر، قد قاد الشركة لرفع قيمتها السوقية من ‏نحو 350 مليار دولار إلى أربعة تريليونات خلال فترة قيادته. وتشير التقارير إلى أن جون تيرنوس برز كأقوى المرشحين داخلياً ‏لخلافته.‏

واختيار تيرنوس سيمثل تحولاً كبيراً عن النهج الذي اتبعته أبل خلال العقد الماضي، والذي اعتمد على قيادة تنفيذية تهيمن عليها الخبرة ‏التشغيلية وسلاسل التوريد العالمية. بينما يتركز دور تيرنوس في تطوير المنتجات الصلبة، وخاصة آيفون وآيباد وماك وساعة أبل، ‏لكن خبرته التقنية جعلته خياراً لافتاً، خصوصاً في ظل الانتقادات لبطء دخول أبل أسواقاً جديدة مثل نظارة ‏VISION PRO، ‏والمشروع الملغي للسيارة، إضافةً إلى تعثر جهود الذكاء الاصطناعي.‏

ومع خروج هذا العدد الكبير من المسؤولين، لم تعد خطط الخلافة مرتبطة بمنصب الرئيس التنفيذي فقط. فقد أعلنت أبل هذا الأسبوع ‏تعيين جينيفر نيوستيد، كبيرة المسؤولين القانونيين في ميتا، خلفاً لآدامز اعتباراً من 1 مارس 2026. وستتولى نيوستيد المهام القانونية ‏والعلاقات الحكومية معاً، في خطوة توحد مسؤوليات آدامز وجاكسون في منصب واحد.‏

أما آلان داي فسيخلفه ستيفن ليميه، وهو قرار استُقبل بحماس داخل أبل، وفق تقارير مقربين من الشركة، ويُعدّ ليميه أحد أبرز ‏المصممين الذين شاركوا في تطوير واجهات جميع منتجات أبل منذ عام 1999، بما في ذلك أول آيفون. وفي قسم الذكاء الاصطناعي، ‏سيخلف جياناندريا الخبير أمار سوبرامانيا، القادم من غوغل حيث قاد استراتيجيات الذكاء الاصطناعي لمدة 16 عاماً.‏

زر إعادة التشغيل

تغطي موجة الاستقالات مجالات أساسية لأبل: تنافسية الذكاء الاصطناعي، الابتكار التصميمي، الامتثال التنظيمي، والكفاءة التشغيلية، ‏ويمتلك كل من القادة الجدد خبرات متخصصة تتماشى مع التحديات التي سيرثها خليفة تيم كوك، ويبدو الأمر نظرياً وكأن أبل تسعى لضغط زر إعادة التشغيل لاستعادة مكانتها تكنولوجياً، ولكن يبقى الاختبار الحقيقي وفقاً لـ"فورتشن" في قدرة الفريق الجديد على التنفيذ المتوازي عبر عدة جبهات‎:‎

‏- هل يستطيع سوبرامانيا تسريع جهود الذكاء الاصطناعي لمواجهة المنافسة المتصاعدة؟

‏- هل يحافظ ليميه على الإرث التصميمي لأبل في زمن تعيد فيه تقنيات الذكاء الاصطناعي صياغة تجربة المستخدم؟

‏- وهل تتمكن نيوستيد من موازنة الضغوط التنظيمية مع الحفاظ على نهج أبل القائم على الخصوصية؟

ما هو مؤكد أن أبل ستبدو مختلفة جذرياً بحلول 2026، مع مغادرة الفريق الذي قادها إلى قيمة سوقية تبلغ 4 تريليونات دولار، وقد ‏تكون هذه التحولات الأعمق منذ سلّم ستيف جوبز قيادة الشركة إلى تيم كوك قبل 14 عاماً.‏