وسط موجة صعود تاريخية، دفعت أسواق الأسهم الأمريكية إلى مستويات قياسية، تتجه الأنظار هذا الأسبوع إلى اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي، حيث يترقب المستثمرون قراراً، قد يشكل نقطة تحول في مسار السياسة النقدية، عبر استئناف خفض أسعار الفائدة.
قفز مؤشر «إس آند بي 500» بنسبة 32 % من أدنى مستوياته في أبريل، مضيفاً نحو 14 تريليون دولار إلى القيمة السوقية للشركات الأمريكية، ومدفوعاً بتوقعات خفض الفائدة عدة مرات خلال العام الجاري، فيما يُنظر إلى خفض بمقدار 25 نقطة أساس، يوم الأربعاء، على أنه شبه محسوم.
وتاريخياً، تشير بيانات «نيد ديفيس للأبحاث»، إلى أن المؤشر يرتفع بنسبة 15 % في المتوسط خلال عام بعد استئناف الخفض، عقب توقف دام أكثر من 6 أشهر، مقارنة بـ 12 % فقط بعد أول خفض في دورة تقليدية، وفقاً لما ذكرته «بلومبيرغ».
سرعة الاحتياطي الفيدرالي
المخاوف تتركز حول ما إذا كان «الفيدرالي» تحرك بسرعة كافية لتجنب هبوط اقتصادي حاد، قد يضعف مبررات استمرار صعود الأسهم. ورغم أن النمو لا يزال قوياً نسبياً، وأرباح الشركات جيدة، برزت إشارات مقلقة في البيانات الأخيرة، بما في ذلك تقرير وظائف أظهر ارتفاع البطالة إلى أعلى مستوى منذ 2021. ويعتمد المستثمرون مجموعة استراتيجيات للاستفادة من التحول المتوقع، بدءاً من شراء أسهم الشركات الصغيرة، وحتى التمسك بأسهم الشركات العملاقة التي قادت الأسواق إلى الصعود.
قال سيفاستي بالافاس الرئيس التنفيذي لشركة «غولفست أدفايزوري»: «نحن في لحظة فريدة. المجهول الكبير للمستثمرين، هو مدى تباطؤ الاقتصاد، ومقدار خفض الفيدرالي للفائدة.. الأمر معقد».
ومع صدور بيان ما بعد اجتماع الأربعاء، سيراقب المستثمرون أي تغييرات في التوقعات الفصلية المحدثة، المعروفة بـ «المخطط النقطي»، وسيتفحصون تصريحات رئيس الفيدرالي، جيروم باول، بعدها نصف ساعة.
150 نقطة أساس
تتوقع عقود المقايضات بالكامل خفضاً للفائدة لا يقل عن ربع نقطة مئوية، فيما يُتوقع أن يعيد صانعو السياسة النقدية إطلاق دورة التيسير التي توقفت في ديسمبر. وسط توقعات بإجمالي تخفيضات بقرابة 150 نقطة أساس خلال العام المقبل. وسيكون أي موقف مماثل من الفيدرالي، بمثابة إشارة مشجعة للمستثمرين المتفائلين بالأسهم، الذين راهنوا بشكل أساسي على مسار تدريجي للتيسير، يمنع الاقتصاد من الانزلاق نحو الركود.
وقد تحدد قوة الاقتصاد وسرعة خفض «الفيدرالي» لتكاليف الاقتراض، تفضيلات المستثمرين للأسهم، إذا أخذنا التاريخ دليلاً.
في أربع دورات تيسير سابقة، خفّض فيها الفيدرالي الفائدة مرة أو مرتين فقط بعد توقف، كان الاقتصاد عموماً قوياً، وتفوقت القطاعات الدورية، مثل المالية والصناعات، وفقاً لبيانات جمعها روب أندرسون، استراتيجي القطاعات الأمريكية في «نيد ديفيس ريسيرش». أما في دورات التيسير التي احتاجت لأربعة تخفيضات أو أكثر، فكان الاقتصاد أضعف، واتجه المستثمرون نحو القطاعات الدفاعية، مثل الرعاية الصحية والسلع الأساسية، التي حققت أعلى متوسط للعوائد.
وقال ستيوارت كاتز المدير التنفيذي للاستثمار في شركة إدارة الثروات «روبرتسون ستيفنز»: «تعتمد هذه السوق على ثلاثة عوامل: مدى سرعة خفض الفيدرالي للفائدة، وحجم التخفيضات، ما إذا كانت تجارة الذكاء الاصطناعي ستواصل دفع النمو، وما إذا كانت الرسوم الجمركية ستشعل التضخم».
ويرى كاتز أن التراجع المفاجئ لأسعار المنتجين الأمريكيين في أغسطس، ساهم في تهدئة المخاوف من أن التضخم العنيد سيمنع الفيدرالي من خفض أسعار الفائدة بعنف في الأشهر المقبلة. لافتاً إلى أنه يشتري أسهماً لشركات صغيرة، التي عادة ما تكون مثقلة بالديون، وتستفيد من انخفاض الفائدة. وارتفع مؤشر «راسل 2000» للشركات الصغيرة بنحو 7.5 % هذا العام، مقارنة بارتفاع يقارب 12 % لمؤشر «إس آند بي 500».
ويعلّق مستثمرون آمالاً مشابهة على تصريحات باول، الذي قال الشهر الماضي، إن آثار التضخم الناتجة عن حرب ترامب التجارية، ستكون «قصيرة الأجل نسبياً»، ويتوقع تغيّراً «غير متكرر في الأسعار».
في المقابل، يراهن ألميدا من «إكس واي بلاننغ نتوورك»، على أسهم الشركات متوسطة الحجم، موضحاً أن هذه الفئة، رغم إهمالها غالباً، تفوقت تاريخياً على الشركات الكبيرة والصغيرة، بعد عام من بدء دورة خفض الفائدة. كما يفضل أسهم شركات القطاعين المالي والصناعي، التي قد تستفيد من خفض تكاليف الاقتراض.
ومع ذلك، فإن ظهور مؤشرات على أن الاقتصاد يتباطأ بأسرع من المتوقع، قد تدفع المستثمرين إلى التخلي عن هذه الرهانات لصالح خيارات أكثر دفاعية. على سبيل المثال، حققت قطاعات الرعاية الصحية والسلع الاستهلاكية الأساسية في «إس آند بي 500»، متوسط عائد يقارب 20 % خلال الدورات التي احتاج فيها الفيدرالي لخفض الفائدة بعمق، وفقاً لبيانات «نيد ديفيس ريسيرش».
