7 تريليونات دولار.. قلق جديد في الأسواق قبل بدء خفض الفائدة

لعلّ هذا العصر لا يحمل العملات النقدية التي تُثري محافظ الأمريكيين، لكنهم يملكون سيولة ضخمة تمّ إيداعها داخل حسابات تُحقق عوائد جذابة بفضل رفع أسعار الفائدة من قِبَل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لمكافحة التضخم.
هناك مبلغ قياسي من النقد في صناديق أسواق المال، يُقارب 7.6 تريليونات دولار، وفقاً لشبكة «سي إن بي سي» نقلاً عن بيانات شركة كرين داتا Crane Data.

ولكن مع استعداد الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة لأول مرة منذ عام تقريباً، ربما بما يصل إلى 50 نقطة أساس، وهو تحول في السياسة من شأنه، بمرور الوقت، أن يُقلل من عوائد الاستثمارات المُكافئة للنقد الخالية من المخاطر، تحول انتباه السوق إلى ما إذا كانت هذه الأموال ستتحرك.

لكنها أضافت في الجزء المخصص للبودكاست من برنامج ETF Edge أنه مع بدء بنك الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة، فإن نحو 7 تريليونات دولار «الموجودة في صناديق سوق النقد» سوف تتدفق تدريجياً إلى المزيد من الأصول ذات المخاطر العالية، بما في ذلك الأسهم والسندات، حيث تصبح أسعار الادخار أقل جاذبية.

نمو صناديق أسواق المال

لكن بيتر كرين، رئيس شركة Crane Data المتخصصة في أبحاث صناديق أسواق المال، يرى الأمر بشكل مختلف: «أصول صناديق أسواق المال تواصل النمو، ولم تتراجع في التاريخ الحديث إلا عندما كانت الفائدة عند الصفر في فترات الأزمات الاقتصادية».

وأضاف أن أسعار الفائدة «مهمة، لكنها أقل تأثيراً بكثير مما يظن الناس».

في الواقع، على مدار 52 عاماً من تاريخ صناديق أسواق المال، لم تنخفض الأصول إلا بعد انهيار فقاعة الإنترنت والأزمة المالية، وهي فترات أدت فيها الضغوط الاقتصادية الشديدة إلى انخفاض أسعار الفائدة إلى أدنى مستوياتها، وهو ما وصفه بأنه «وصول دورة أسعار الفائدة إلى الصفر».

الجدار النقدي لن يتأثر

إذا ساءت الأمور في الاقتصاد لدرجة أن الاحتياطي الفيدرالي سيضطر إلى خفض أسعار الفائدة بشكل أكثر حزماً عاجلاً وليس آجلاً، فهذا ليس دليلاً قاطعاً على سوق يُرجح أن يكون المستثمرون فيه أكثر عدوانية في التعامل مع مخاطرهم.

بحسب كرين: «أحلام في وول ستريت.. هذا يُمثل نقطة نقاش جيدة، لكن الـ 7 تريليونات دولار ستتجه نحو الارتفاع».

كما حدث تحول مع مرور الوقت في استخدام صناديق أسواق المال، حيث أصبحت ما كانت في السابق ظاهرة مقتصرة على مستثمري التجزئة، الآن، تُمثل غالبية من النقد المؤسسي والشركات، حوالي 60% من السوق، وفقاً لبيانات كرين. وقال: «إنهم لا يتحركون، مهما حدث. إنهم لا يتجهون إلى سوق الأسهم».

لا يعني هذا أن باحثي صناديق النقد، مثل كرين، ينكرون أهمية انخفاض أسعار الفائدة، أو أن بعض أصول صناديق النقد قد تنتقل بالفعل إلى قطاعات سوقية ذات مخاطر وعوائد أعلى، فهو يعتقد أن هذا ربما يمثل 10% من أكثر من 7 تريليونات دولار، مع أنه ذكر أنه لا توجد بيانات دقيقة يمكن الاعتماد عليها في مثل هذا التقدير.

ولكن عند النظر إلى حوالي 20 تريليون دولار التي يحتفظ بها الأمريكيون في ودائعهم المصرفية، والتي تُقدم أموالهم لوول ستريت لتجني المزيد من المال دون أن يكسبوا أي أموال، فإن خفض أسعار الفائدة الحالية بمقدار 25 نقطة أساس لا يجعل صناديق النقد خياراً غير مضمون.

أرباح إضافية

وفق كرين «الأمر يتعلق أكثر بحجم الفارق في أسعار الفائدة». وتساءل: «ربع نقطة لمستثمري النقد، بالنظر إلى سنوات مضت عندما كانت أسعار الفائدة صفراً وكانوا معتادين على عدم الحصول على أي شيء؟».

في حين أن المستثمرين قد «يعودون إلى حساسية» العائد، فإلى أي مستوى سيحدث ذلك؟ حالياً، يحقق مستثمرو صناديق النقد أرباحاً سنوية بمعدل 4.3% في المتوسط.

حتى لو انخفضت أسعار الفائدة إلى 3%، وهو أمر غير مضمون بأي حال من الأحوال، إذ يُنظر إلى تخفيضات أسعار الفائدة الفيدرالية بمقدار 100 نقطة أساس على أنها جرأة من قِبَل الكثيرين، ما لم يحدث تباطؤ اقتصادي كبير، فإن جزءاً كبيراً من الأموال سيبقى في مكانه، خاصةً عند النظر إلى ما تدفعه البنوك للاحتفاظ بالسيولة النقدية، والذي قد يصل في أحسن الأحوال إلى 0.5%، بحسب كرين. الذي أضاف أن «الودائع المصرفية تُقدم أداءً أقل بكثير من المطلوب».

تآكل الكتلة النقدية

ولهذا السبب يعتقد كرين أن الأمر سيتطلب تكرار تاريخ الاحتياطي الفيدرالي لتحريك كمية كبيرة من هذه الأموال. وقال: «من المرجح، إذا انخفضت إلى الصفر، أن يحدث تآكل في القاعدة».

وقد خفض البنك المركزي الأمريكي أسعار الفائدة قبل عام، قبل أن يتوقف مؤقتاً بسبب المخاوف بشأن التضخم، وارتفعت أصول صناديق النقد منذ ذلك الحين. وتساءل كرين: «إذا وصلنا إلى 3.80% أو 3.85%، فهل سيهتم أحد؟».

بالإضافة إلى ذلك، على الرغم من ضخامة الرصيد الإجمالي في سوق صناديق النقد، إلا أن الأرصدة الفردية تميل إلى أن تكون صغيرة نسبياً. إذا كان لدى مستثمر 5000 دولار أمريكي في صندوق سوق نقدي، وكان يكسب 1% أو 2% أكثر أو أقل، قال كرين إن هناك أموراً أفضل للتفكير فيها فيما يتعلق بكسب المال. وأضاف: «لقد أنفقت أموالاً في التفكير في المشكلة أكثر مما تكسب. لا شيء يستحق القيام به بأقل من 1% أو 100 دولار».