أسبوع الحسم النقدي.. أول خفض للفائدة الأمريكية في العهد الثاني لترامب يهز أسواق العملات العالمية

يُنتظر أن يخطف أول خفض لأسعار الفائدة في الولايات المتحدة منذ تولي الرئيس دونالد ترامب ولايته الثانية الأضواء هذا الأسبوع، والذي سيشهد حسم توجهات السياسة النقدية لنصف العملات العشر الأكثر تداولاً في العالم.

يبدأ المسار مع بنك كندا، ثم الاحتياطي الفيدرالي، يوم الأربعاء، ليمتد إلى بنك إنجلترا في اليوم التالي، وينتهي مع بنك اليابان. قد تُقدم البنوك المركزية على تعديل تكاليف الاقتراض، أو توجيه المستثمرين نحو نواياها للربع الأخير من العام، أو الأمرين معاً.

بحلول نهاية الأسبوع، ستكون أسعار الفائدة التي تمسّ خُمسَي الاقتصاد العالمي، بما في ذلك أربعة من اقتصادات مجموعة السبع، قد عُدلت، أو تم الإبقاء عليها. ويُرتقب أن يتصدّر خفض الفائدة الأمريكية، الذي طالما طالب به البيت الأبيض في عهد ترامب، المشهد.

ومن المنتظر أن يخيم على اجتماع السياسة النقدية، الخلاف حول سياسة الاحتياطي الفيدرالي، بين دعوات ترامب المتكررة لخفض تكاليف الاقتراض، ومخاوف جيروم باول رئيس البنك من تضخم مدفوع بالرسوم الجمركية. إلا أن مؤشرات التباطؤ في سوق العمل، أعطت الضوء الأخضر لخفض بمقدار ربع نقطة مئوية، بحسب معظم الاقتصاديين.

من المتوقع أن يتخذ صانعو السياسة النقدية في كندا والنرويج الخطوة نفسها، فيما قد يتسم نظراؤهم في الاقتصادات المتقدمة الأخرى بالحذر.

من المرجح أن يُبقي بنك إنجلترا على أسعار الفائدة دون تغيير، بعد خفض في أغسطس، شهد انقساماً نادراً بين مسؤولي السياسة النقدية. أما بنك اليابان، فسيواصل مساره نحو التشديد، لكنه لم يُشر إلى أن مثل هذه الخطوة وشيكة.

وفي اقتصادات كبرى أخرى، يُرجَّح أن تتبنى البنوك المركزية موقف الترقب، من دون تغيير الفائدة، وهو ما يتوقعه الاقتصاديون بالنسبة لإندونيسيا والبرازيل وجنوب أفريقيا.

تشمل البيانات المرتقبة هذا الأسبوع، تقارير اقتصادية من الصين، وبيانات التضخم من اليابان وبريطانيا، وأرقام الصادرات السويسرية، ومراجعة التصنيف الائتماني لإيطاليا.

وقال محافظ البنك المركزي النمساوي الجديد، إنّ البنك المركزي الأوروبي، يمكنه الإبقاء على معدلات الفائدة مستقرة عند مستوى 2 % في الوقت الحالي، ما لم تطرأ صدمات كبيرة، وذلك في أول مقابلة له منذ انضمامه هذا الشهر إلى الهيئة العليا لاتخاذ القرار داخل البنك.

وقال مارتن كوخر لصحيفة فاينانشال تايمز: «في الوقت الراهن، وصلت دورة معدلات الفائدة هذه إلى نهايتها، أو باتت قريبة جداً من ذلك».

وجاءت تصريحاته عقب قرار البنك المركزي الأوروبي، الخميس قبل الماضي، بالإبقاء على معدلات الفائدة دون تغيير، عند 2 %، للمرة الثانية على التوالي، في إشارة إلى صمود اقتصاد منطقة اليورو، رغم الرسوم الجمركية الأمريكية المرتفعة على معظم صادرات التكتل.

وكان البنك قد خفّض تكاليف الاقتراض إلى النصف، على ثماني مراحل، بدأت في منتصف عام 2024.

وأضاف كوخر أنّه «في حال عدم حدوث تغييرات كبرى» في البيانات، فإنّ المبرّرات التي قادت إلى قرار هذا الشهر «ستظل قائمة إلى حدّ ما»، في الاجتماعات المقبلة للبنك المركزي الأوروبي.

وعند سؤاله عن موقفه الشخصي، قال كوخر إنّه «يميل حالياً إلى الجانب الحذر» في السياسة النقدية، ونصح بتجنّب المجازفة المفرطة، في ما يتعلّق بالتضخّم، مضيفاً: «تلك عادة نمساوية».

معدلات الفائدة الأوروبية

وبعد قرار البنك المركزي الأوروبي، بات المتعاملون في الأسواق يتوقّعون احتمالاً لا يتجاوز 50 %، لإقدام البنك على خفض جديد بمقدار ربع نقطة مئوية، في معدل تسهيلات الإيداع الرئيس، بحلول نهاية الربع الأول من العام المقبل.

وقد تراجع التضخّم ليبلغ هدف البنك المتوسط الأجل البالغ 2 %، ومن المتوقّع أن ينخفض قليلاً دون هذا المستوى، خلال العامين المقبلين.

ومع ذلك، حذّر كوخر من أنّه «من المهم البقاء يقظين، وعدم المبالغة في تفسير حالة الاستقرار الراهنة»، مشيراً إلى حالة عدم اليقين الناجمة عن التوترات التجارية والصراعات الجيوسياسية.

وقال: «إذا تغيّرت البيانات، وإذا تبدّلت تقييمات المخاطر، فستكون هناك حاجة إلى استجابة، وقد تسير هذه الاستجابة في أيٍّ من الاتجاهين».

ونوّه بأنّ بيانات التجارة «شديدة الصعوبة في التفسير حالياً، نظراً لتداخل عوامل كثيرة»، رغم أنّ الاتفاق التجاري الذي أُبرم بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في نهاية يوليو «أزال قدراً من حالة عدم اليقين».

وأضاف أنّ من العوامل الإيجابية أيضاً، أنّ الاتحاد الأوروبي لم يردّ بإجراءات انتقامية على الرسوم الجمركية الأمريكية.

وفي المقابل، أشار إلى أنّ هذا الاتفاق «سيكون له أثر سلبي طفيف في النمو»، لأنّه يجعل السلع الأوروبية أعلى ثمناً في السوق الأمريكية.

ولدى سؤاله عن انهيار الحكومة الفرنسية، وارتفاع تكاليف الاقتراض في ثاني أكبر اقتصاد بمنطقة اليورو، أكّد كوخر أنّه رغم حدوث «بعض التحركات» في فروق عوائد السندات «ما زلنا بعيدين للغاية عن المستويات التي شهدناها خلال أزمة اليورو، قبل نحو عقد من الزمن».

وأضاف: «لا توجد حاجة إلى أي تحرّك من جانب البنك المركزي الأوروبي».