بدأت الولايات المتحدة، أمس، فرض رسوم جمركية أعلى على السلع الواردة من عشرات الدول، في إطار مساعي الرئيس دونالد ترامب إلى إعادة رسم معالم التجارة الدولية، لتصب في مصلحة بلاده.
وقبيل دخول الرسوم الجديدة حيّز التطبيق، أعلنت الولايات المتحدة أنها ستضاعف الرسوم الجمركية المفروضة على الهند إلى 50 %، واستهدفت العديد من واردات أشباه الموصلات من حول العالم، برسوم نسبتها 100 %.
وتوقع وزير التجارة الأمريكي هوارد لوتنيك أمس تحصيل بلاده نحو 50 مليار دولار شهرياً من عائدات الرسوم الجمركية. وأضاف لوتنيك في مقابلة مع شبكة (فوكس بيزنس نتورك): «ستحصلون حينها على أشباه الموصلات... والأدوية وكل أنواع الأموال القادمة من الرسوم الإضافية».
ورداً على سؤال عما إذا كان من الممكن مجدداً تمديد الموعد النهائي المحدد في 12 أغسطس للتوصل إلى اتفاق مع الصين بشأن الرسوم الجمركية، قال لوتنيك «إن ذلك ممكن».
وأردف قائلاً: «أعتقد أننا سنترك اتخاذ تلك القرارات للفريق التجاري وللرئيس، لكن يبدو أنهم سيتوصلون على الأرجح إلى اتفاق ويمددون (الموعد) 90 يوماً أخرى، لكنني سأترك الأمر لذلك الفريق».
ومع بدء تطبيق الأمر التنفيذي، الذي وقّعه ترامب الأسبوع الماضي، ارتفعت الرسوم الجمركية الأمريكية على منتجات العديد من الشركاء التجاريين، من 10 % إلى ما بين 15 و41 %.
وقال الرئيس الأمريكي إن «مليارات الدولارات» تتدفق إلى الولايات المتحدة، مع بدء فرض التعريفات الجديدة.
وباتت العديد من المنتجات من اقتصادات مثل الاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية، تواجه تعريفات بنسبة 15 %، حتى مع الصفقات المبرمة مع واشنطن لتجنب زيادات أكبر يلوّح بها ترامب.
لكن دولاً أخرى، مثل الهند، تواجه رسوماً 25 %، على أن تتضاعف خلال 3 أسابيع، في حين تفرض على دول مثل سوريا وميانمار ولاوس مستويات تصل إلى 41 %.
وأما الحكومة السويسرية، التي فشلت في إقناع ترامب بالتخلي عن فرض رسوم تبلغ 39 %، فعقدت اجتماعاً طارئاً أمس. وتهدف الرسوم الجمركية الأخيرة إلى تصحيح ممارسات تجارية، تعتبرها واشنطن غير عادلة، وتأتي في سياق توسعة إجراءات فرضها ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير.
استثناءات
والأربعاء، ضاعف ترامب الرسوم المفروضة على السلع الهندية إلى 50 %، مبرراً الخطوة بمواصلة نيودلهي شراء النفط الروسي. وستدخل التعريفة الجديدة التي كانت تبلغ 25 % سابقاً، حيّز التطبيق في غضون 3 أسابيع.
وهدد أمر ترامب أيضاً برسوم على بلدان أخرى تستورد بشكل «مباشر أو غير مباشر» النفط الروسي، الذي يعد مصدر إيرادات رئيساً للمجهود الحربي الروسي في أوكرانيا.
وفرضت واشنطن بشكل منفصل رسوماً على الواردات من قطاعات محددة، مثل الصلب والسيارات والأدوية والرقائق.
وقال ترامب، الأربعاء، إنه يخطط لفرض رسوم جمركية نسبتها 100 % على أشباه الموصلات، مع استثناء الشركات التي تستثمر في الولايات المتحدة، أو تنوي القيام بذلك.
وارتفعت أسهم الشركة التايوانية العملاقة لصناعة الرقائق «تي سي إم سي» (TSMC)، مع إعلان تايبيه أنها ستكون مستثناة، فيما تتأثر شركات آسيوية أخرى بالقرار.
وتحذّر الشركات والمجموعات الصناعية، من أن الرسوم الجديدة ستضرّ بشدة بالشركات الأمريكية الصغيرة. كما يرى خبراء اقتصاديون أن الرسوم الجديدة قد تؤدي إلى زيادة التضخم، وتفرض ثقلها على النمو طويل الأمد.
ومع بدء استقرار مستويات التعريفات الجمركية على واردات بعض الدول، أقله راهناً، رجح الأستاذ في جامعة جورجتاون، مارك بوش، أن تحمّل الشركات الأمريكية المستهلكين المزيد من الكلفة. وأوضح لوكالة فرانس برس، أن تعليق فرض هذه الرسوم لمدة 90 يوماً في المرحلة الماضية، أتاح للمستوردين تكديس البضائع.