الشركات تتحصن بـ«مناطق التجارة الخارجية» في مواجهة «رسوم ترامب»

2240 منطقة موزعة على جميع الولايات الأمريكية الخمسين

البضائع تدخل «فقاعة جمركية» بدون رسوم وتحرير التدفقات النقدية

السيولة النقدية للشركات المتأثرة بحرب الرسوم أولوية قصوى الآن

تلجأ الشركات العالمية إلى مناطق التجارة الخارجية والمستودعات الجمركية المعتمدة من هيئة الجمارك الأمريكية، لمواجهة ارتفاع تكاليف الرسوم الجمركية، وحالة عدم اليقين المرتبط بالحرب التجارية، ولتأجيل دفع الضرائب أو تقليلها، وفقاً لتقرير نشرته «سي إن بي سي».

وتعود جذور مناطق التجارة الخارجية الأجنبية إلى فترة تاريخية شهدت توتراً تجارياً مشابهاً، إذ أقرها الكونجرس خلال فترة الكساد الكبير، لتعزيز التجارة الدولية وزيادة الصادرات، في وقت بلغت فيه تعرفة «سموت-هاولي» الجمركية مستويات قياسية وصلت إلى 53 %.

وتدخل هذه البضائع ما يشبه «فقاعة جمركية»، أي أنها تخزن دون فرض رسوم جمركية داخل الأراضي الأمريكية، عند استيراد المواد الخام أو شبه المصنعة أو المكونات من الخارج إلى منطقة تجارية أجنبية أو مستودع جمركي.

ويمكن داخل المناطق التجارية الأجنبية تجميع المنتج أو تعديله، فيما لا تفرض الرسوم الجمركية إلا عند خروج المنتج من المنطقة، ودخوله السوق الأمريكية.

كما يمكن تخزين البضائع في هذه المناطق إلى أجل غير مسمى، على عكس المستودعات الجمركية، التي يسمح فيها بالتخزين لمدة أقصاها خمس سنوات.

وتتوزع المناطق التجارية الأجنبية على جميع الولايات الأمريكية الخمسين، ويبلغ عددها نحو 2240 منطقة على مستوى البلاد، وفقاً لهيئة الجمارك الأمريكية.

وأصبح الحفاظ على السيولة النقدية بالنسبة للشركات المتأثرة بحرب الرسوم الجمركية، التي أطلقها الرئيس دونالد ترامب، أولوية قصوى.

وقال جيسون ستريكلاند، مدير المبيعات في شركة «غيفنز لوجيستيكس» للنقل والخدمات اللوجستية في مدينة تشيسابيك بولاية فيرجينيا: «من خلال تأجيل دفع الرسوم تسهم المناطق التجارية الأجنبية والمستودعات الجمركية في تحرير التدفقات النقدية لدى الشركات».

وأضاف: «هناك أيضاً ميزة إضافية، إذ إن المنتجات التي تصنع داخل المناطق التجارية الأجنبية، وتعاد تصديرها إلى الخارج لا تُفرض عليها أي رسوم جمركية إطلاقاً».

وقبل اندلاع الحرب التجارية العالمية في عام 2025 كانت الشركات التي تصنع منتجات داخل المناطق التجارية الأجنبية تستفيد مما يعرف بـ«الهيكل الجمركي المعكوس»، حيث يمكن للشركة اختيار دفع رسوم أقل على المنتج النهائي بدلاً من الرسوم الأعلى على المكونات المستوردة بشكل منفصل.

ومن بين الشركات التي عملت ضمن هذه المناطق كل من شركات السيارات فورد، وجنرال موتورز، وكرايسلر، إضافة إلى شركات جنرال إلكتريك، وإنتل، وسوني.

كما استخدمت شركة «فايزر» هذه المناطق في أثناء تطويرها للقاح كورونا، ما أتاح لها تصنيع الجرعات دون تكبد رسوم إضافية على المكونات، وتخزين اللقاح لحين صدور موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، لكن الرئيس الأمريكي أنهى العمل بهذا الامتياز عبر أوامر تنفيذية حديثة، وهو ما شكل ضربة قاسية لشركات مثل «ريجنت تيك إندستريز»، التي تصنع مواد الطلاء السائلة المستخدمة في خطوط الطرق، ما تسبب لها بخسائر بملايين الدولارات نتيجة الرسوم الإضافية.

وقالت هيلين توركوس، رئيسة الشركة: «منتجنا يشبه إلى حد كبير خبز الكعكة؛ إذا افتقدت مكوناً واحداً لا يمكنك إكماله، لا يمكننا الحصول على جميع مكوناتنا من السوق المحلية؛ ونتيجة لإلغاء الامتياز نتحمل حالياً نحو 7 % إضافية من التكاليف».

ومع فقدان ميزة الهيكل الجمركي المعكوس تحولت العديد من الشركات سريعاً إلى خيار المستودعات الجمركية، ووصف ستريكلاند الطلب على هذه المستودعات بأنه «ارتفع بشكل غير مسبوق».

وتتيح المستودعات الجمركية للشركات استيراد المنتجات ضمن «فقاعة» رسوم جمركية عالية دون دفعها فوراً، وفي حال انخفاض الرسوم أثناء تخزين المنتج يمكنها حينها إخراج البضاعة، ودفع الرسوم المنخفضة الجديدة.

وقال ستريكلاند: «في نهاية المطاف الهدف هو حماية التدفقات النقدية. لا ترغب في إدخال بضائعك، ودفع رسوم عليها الآن إذا كانت هذه الرسوم قد تُلغى خلال ستة أسابيع أو ستة أشهر، فإذا استطعت تأجيل ذلك حتى يصبح السوق مستعداً لاستهلاك تلك البضائع فذلك يعد مكسباً مزدوجاً».