انهيار اقتصادي في البرازيل بعد رسوم ترامب

كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عن جولة جديدة من رسائل المطالب الجمركية، من بينها فرض رسوم بنسبة 50% على البرازيل، وهي من أعلى المعدلات التي أُعلنت حتى الآن ضمن الحزمة التي ستدخل حيّز التنفيذ في أغسطس.

أدى القرار إلى انهيار العملة المحلية للبلاد، في تصعيد حاد للنزاع مع أكبر دولة في أمريكا اللاتينية ورئيسها لويس إيناسيو لولا دا سيلفا.

وفي رسالة نشرها عبر حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي، ربط ترامب قراره بالرئيس السابق جاير بولسونارو، وقال ترامب إن قراره يعود جزئياً إلى ما وصفه بـ«الهجمات الخبيثة على الانتخابات الحرة وحقوق حرية التعبير للأمريكيين»، في إشارة إلى التهم الموجهة إلى بولسونارو.

انخفضت العملة البرازيلية (الريال) بنحو 3% مقابل الدولار بعد الإعلان، فيما هبط صندوق «iShares MSCI Brazil ETF» وهو أكبر صندوق أمريكي يتتبع الأسهم البرازيلية، بنحو 2%. وكانت البرازيل على وشك أن تُفرض عليها الرسوم الأدنى المحددة بـ10% بموجب نظام «الرسوم المتبادلة» الذي أعلنه ترامب في أبريل.

إلا أن الرسالة الأخيرة، وهي واحدة من أكثر من 20 رسالة نشرها ترامب في الأيام الأخيرة، تمثل أول مراجعة تصاعدية جوهرية للمعدلات المعلنة مسبقاً. ورغم استعارتها لغة «المعاملة بالمثل»، إلا أن البرازيل هي الدولة الأولى التي لا تسجّل فائضاً تجارياً مع الولايات المتحدة، في مؤشر على وجود استياء خاص لدى ترامب.

وتُعد الولايات المتحدة ثاني أكبر شريك تجاري للبرازيل بعد الصين، وفرض رسوم بهذا الحجم قد يوجه ضربة كبيرة لعدد من القطاعات الصناعية البرازيلية.

وقال فيليبي أرسلان، الرئيس التنفيذي لشركة «مورادا كابيتال»: «تشكل منتجات الصلب، ومعدات النقل (وخاصة الطائرات وقطع غيارها)، والآليات المتخصصة (مثل معدات الهندسة المدنية)، والمعادن اللافلزية جزءاً كبيراً من صادرات البرازيل إلى أمريكا».

وتراجعت إيصالات الإيداع الأمريكية لشركة «إمبراير» لصناعة الطائرات بنسبة وصلت إلى 9% عقب إعلان ترامب.

وأعرب محللون عن قلقهم من التداعيات السياسية إلى جانب التأثير الاقتصادي. إذ أشار البعض إلى أن هذه الخطوة تهدد بإلحاق الضرر بعلاقات تاريخية بين البلدين، تعايشت لعقود رغم التباينات الأيديولوجية بين قادتها.

وقالت سولانج سرور، رئيسة الاقتصاد الكلي للبرازيل في «يو بي إس لإدارة الثروات العالمية»: «الأمر لا يتعلق فقط بالتجارة الثنائية، بل يبيّن أن العلاقة المؤسسية بين البلدين تضررت. رسوم بنسبة 50% تجعل التصدير غير مجدٍ في كثير من الحالات».

الرد الرسمي

وبعد الإعلان، استدعى الرئيس لولا دا سيلفا وزراءه الرئيسيين، بينهم وزير المالية فرناندو حداد، ووزير الخارجية ماورو فييرا، ونائب الرئيس جيرالدو ألكمين الذي يشغل أيضاً منصب وزير الصناعة والتجارة، إلى اجتماع في القصر الرئاسي، وفق ما أفاد به مصدران مطلعان على التفاصيل. وأكد رئيس البرازيل لويس إيناسيو لولا دا سيلفا أن بلاده سترد بالمثل على التعريفة الجمركية، قائلاً: البرازيل سترد على الرسوم الجمركية وفقاً لقانون المعاملة بالمثل الاقتصادي الذي اعتمدته حديثاً، موضحاً أن البرازيل دولة ذات سيادة ومؤسسات مستقلة.

الميزان التجاري

يشار إلى أنه في عام 2024، استوردت البرازيل ما قيمته نحو 44 مليار دولار من السلع الأمريكية، بينما بلغت واردات الولايات المتحدة من البرازيل حوالي 42 مليار دولار، بحسب مكتب الإحصاء الأمريكي.

ومع تقلّص قطيع الماشية الأمريكي إلى أدنى مستوياته منذ خمسينيات القرن الماضي، ازداد اعتماد شركات التغليف على الواردات، لا سيما من البرازيل.

وفي العام الماضي، استوردت الولايات المتحدة لحوماً بقيمة 1.4 مليار دولار من البرازيل، كما تجاوزت واردات الأشهر الخمسة الأولى من عام 2025 نظيرتها في الفترة نفسها من 2024.

ورغم التنافس بين البلدين في بعض الأسواق الزراعية، تنتج البرازيل سلعاً استوائية مثل البن والكاكاو لا يمكن زراعتها في الأراضي الأمريكية القارية. ووفقاً لوزارة الزراعة الأمريكية، بلغت واردات البن من البرازيل نحو ملياري دولار العام الماضي.