إدارة الثروات في الشرق الأوسط تنتقل من حفظ المال إلى صناعة المعنى

ليو شاريتوس
ليو شاريتوس

قال ليو شاريتوس، كبير مخططي الثروة في إل جي تي الشرق الأوسط، إن منطقة الشرق الأوسط تشهد اليوم تحولاً جوهرياً في مفهوم إدارة الثروات، ينتقل من التركيز التقليدي على الحفاظ على الأصول إلى التفكير في الغاية من الثروة ودورها في تشكيل مستقبل الأجيال.

وأوضح شاريتوس أن «الثروة لم تعد مجرد أرقام في دفاتر الحسابات، بل تمثل قصة أجيال، وإرثاً إنسانياً يعكس القيم والطموحات التي تسعى العائلات إلى ترسيخها عبر الزمن»، مشيراً إلى أن هذا التحول يعكس وعياً متزايداً لدى العائلات الثرية بأهمية ربط النجاح المالي بالمسؤولية المجتمعية والاستدامة طويلة الأمد.

وأضاف أن الشرق الأوسط يقف على أعتاب مرحلة تاريخية مفصلية، حيث من المتوقع أن ينتقل ما يقارب تريليون دولار أمريكي من جيل إلى آخر في دول الخليج بحلول عام 2030، واصفاً هذه المرحلة بأنها «واحدة من كبريات عمليات انتقال الثروة في التاريخ الحديث، ليس من حيث الحجم فقط، بل من حيث تأثيرها العميق في تعريف النجاح ذاته».

وأشار شاريتوس إلى أن «الجيل الجديد من أصحاب الثروات لا ينظر إلى الميراث بوصفه نهاية رحلة، بل بداية مرحلة جديدة»، موضحاً أن هذا الجيل يسعى إلى تنويع الاستثمارات، وابتكار نماذج أعمال جديدة، وترك أثر إيجابي يتجاوز حدود العائلة إلى المجتمع والاقتصاد ككل.

وأكد أن «الجيل الصاعد لا يكتفي بالحفاظ على ما بناه الآباء والأجداد، بل يطمح إلى تطويره وتوظيفه بطرق أكثر ذكاءً وتأثيراً»، لافتاً إلى أن الثروة أصبحت تُرى اليوم «جسراً يربط بين الماضي والمستقبل، وبين الطموح الفردي والمسؤولية الجماعية».

وفي هذا السياق، شدد شاريتوس على أن دور مديري الثروات يشهد تحولاً عميقاً، حيث لم يعد يقتصر على إدارة المحافظ الاستثمارية، بل يشمل مرافقة العائلات في صياغة رؤيتها طويلة الأمد، وتحديد أهدافها، وترجمة قيمها إلى استراتيجيات مالية واضحة.

وقال: «إدارة الثروة الحديثة في الشرق الأوسط أصبحت حواراً مستمراً حول الغاية، والحوكمة العائلية، وانتقال القيم جنباً إلى جنب مع انتقال الأصول»، مضيفاً أن العائلات باتت تولي اهتماماً متزايداً بقضايا مثل الاستدامة، والاستثمار المسؤول، والعمل الخيري الاستراتيجي.

وأوضح أن عائلات ثرية عدة في المنطقة بدأت في إعادة تعريف مفهوم الإرث، بحيث لا يقتصر على حجم الثروة المتوارثة، بل يشمل الأثر الاجتماعي، وبناء المؤسسات، وتمكين الأجيال القادمة بالمعرفة والقدرة على اتخاذ القرار.

وأكد شاريتوس أن هذا التحول يتطلب استعداداً مبكراً وتخطيطاً دقيقاً، قائلاً: «نجاح انتقال الثروة لا يقاس فقط بسلاسة الإجراءات القانونية والمالية، بل بقدرة الجيل القادم على فهم الثروة، واحترامها، واستخدامها أداة لبناء مستقبل أفضل».

واختتم بالقول «إن مستقبل إدارة الثروات في الشرق الأوسط سيكون لأولئك الذين يدركون أن الثروة ليست غاية في حد ذاتها، بل وسيلة لصناعة أثر مستدام»، مضيفاً أن المنطقة تمتلك فرصة فريدة لإعادة صياغة نموذج عالمي جديد لإدارة الثروات، يجمع بين النمو الاقتصادي، والهوية الثقافية، والمسؤولية تجاه الأجيال القادمة.