"أس آند بي": الأداء القوي للاقتصاد غير النفطي يدعم نمو التمويل الإسلامي في الإمارات

 توقعت وكالة "أس آند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية" استمرار النمو القوي لقطاع التمويل الإسلامي في الإمارات خلال الفترة المقبلة مدعوماً بالأداء القوي للاقتصاد غير النفطي.

وأفادت الوكالة بأن الإمارات شهدت نمواً ملحوظاً في إصدار الصكوك بالعملة الصعبة منذ بداية العام، مع نشاط الإصدارات في قطاعي العقارات والمؤسسات المالية، ووسط السعي نحو جذب مزيد من رؤوس الأموال الأجنبية.

وأكدت أن تخفيضات أسعار الفائدة التي شهدناها إلى الآن والتخفيضات المرتقبة حتى نهاية العام 2025 ستدفع الإصدارات العالمية إلى النمو، متوقعة نمو قطاع التأمين في الإمارات بشقيه التقليدي والإسلامي بنحو 15 إلى 20% مدعوماً بالأداء الاقتصادي ومشاريع البنى التحتية.

وأوضح محللو الوكالة في حديثهم لوكالة أنباء الإمارات "وام" خلال أعمال الدورة الرابعة عشرة من المؤتمر السنوي للتمويل الإسلامي الذي تنظمه وكالة "أس آند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية" ومركز دبي المالي العالمي، أن التركيز على التمويل المستدام يفتح آفاقاً جديدة للتمويل، خصوصاً في الدول المصدرة للنفط التي تتبنى إستراتيجيات للحياد الكربوني، ما يسهم في نمو هذا القطاع، مشيرين إلى أن الإمارات تبقى من الأسواق الرئيسية للإصدارات المستدامة في المنطقة.

وقال محمد دمق، الرئيس العالمي للتمويل الإسلامي لدى "أس آند بي"، إن قطاع التمويل الإسلامي عالمياً يشهد نمواً ملحوظاً، حيث بلغت أصوله الإجمالية 3.3 تريليون دولار بنهاية عام 2023، بزيادة تُقدّر بنحو 8% مقارنة بالعام السابق، موضحا أن القطاعات كافة المرتبطة بالصناعة شهدت نمواً ملحوظاً، خصوصاً قطاع البنوك الإسلامية في دول مجلس التعاون الخليجي.

وأشار إلى استقرار حجم إصدارات الصكوك خلال النصف الأول من العام الجاري، رغم التحديات في بعض الأسواق، حيث شهدت الإصدارات بالعملات المحلية انخفاضاً طفيفاً نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة في تركيا، ما أثر على نمو القطاع هناك.

ولفت إلى النمو الكبير في إصدارات الصكوك بالعملات الأجنبية؛ موضحا أن ارتفاع احتياجات التمويل في العديد من الدول الأساسية للتمويل الإسلامي أسهم في تعزيز الإصدارات.

وبالنسبة لتوقعات "أس آند بي" المستقبلية، قال دمق، "إن القطاع سيواصل نموه بمعدل من خانة واحدة مرتفعة خلال 2024 و2025، مدفوعاً باحتياجات التمويل في الدول الأساسية"، و"إن انخفاض أسعار الفائدة المتوقعة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، بواقع 225 نقطة أساس بحلول نهاية عام 2025 بما فيها 50 نقطة أساس تم خفضها بالفعل حتى الآن في سبتمبر، سيسهم في تعزيز السيولة في السوق ويشجع على إصدار المزيد من الصكوك".

وأكد أن هذا الانخفاض في أسعار الفائدة قد يؤثر على أرباح البنوك، لكن من المحتمل أن يتم تعويضه بزيادة حجم الإقراض والنشاط الاقتصادي.

وقال إن ما تشهده الإمارات من نمو قوي في اقتصادها غير النفطي سيدعم استمرار النمو في القطاع المصرفي الإسلامي فيها، لافتاً إلى زيادة إصدارات الصكوك الإسلامية في الإمارات؛ إذ شهدت بداية العام نمواً ملحوظاً في حجم إصدار الصكوك بالعملة الصعبة، مدعوماً بتوجه شركات التطوير العقاري والمؤسسات المالية نحو سوق الصكوك لجذب رأس المال الأجنبي.

وتوقع دمق أن تستمر هذه التوجهات فيما يخص نشاط الإصدارات خصوصاً فيما يتعلق بصكوك الاستدامة، نظراً لكون 80% من صناعة التمويل الإسلامي تتمركز في الدول المصدرة للنفط، والتي وضعت إستراتيجيات للوصول إلى الحياد الكربوني وتقليل بصمتها الكربونية، ما سيخلق احتياجات تمويلية يُمكن تلبيتها جزئياً عبر التمويل الإسلامي.

وأوضح أن مؤتمر "COP28" الذي عُقد في الإمارات العام الماضي أسهم في تسليط الضوء على الإمكانيات التي يمكن أن يجلبها التمويل الإسلامي في هذا المجال، حيث بات من الواضح للمعنيين وجود توافق بين مبادئ التمويل الإسلامي والاستدامة، ما يعزز فرص نمو هذه الصناعة مستقبلاً.

وتطرق دمق، إلى المعايير المحاسبية الجديدة التي من شأنها التأثير على سوق الإصدارات الإسلامية عالمياً، حيث أشار إلى معيار 59 الذي تم تطبيقه بالفعل قبل بضع سنوات دون أن يتسبب في إرباك السوق، لكن المعيار 62 يختلف بشكل كبير وقد يكون له تأثير أكبر إذا تم تطبيقه بصيغته المقترحة، وقد يجعل إصدار الصكوك أكثر كلفة ويزيد من تعرض المستثمرين لمخاطر مرتبطة بالأصول.

من جانبها تحدثت روان عويدات، المحللة ومديرة تصنيف الشركات في الوكالة، حول سوق السندات والصكوك المستدامة عالميًا وإقليميًا، وبعض التحديات والفرص المتاحة في هذا المجال.

وقالت إن التوقعات العالمية تشير إلى استقرار في إصدار السندات المستدام والتي تشمل السندات الخضراء والاجتماعية وسندات الاستدامة، عند نحو تريليون دولار خلال العام الجاري، وإن الأسواق الرئيسية لإصدار السندات المستدامة ستظل أوروبا ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ، بينما ستسهم منطقة الشرق الأوسط بنسبة صغيرة، لا تتجاوز 3% من إجمالي السوق العالمي.

وأشارت إلى أن إجمالي الإصدارات يبلغ نحو 16.7 مليار دولار، ما يعكس تأثير ارتفاع أسعار الفائدة الذي أدى إلى تراجع الطلب على هذه الأدوات الاستثمارية.

وقالت إن دولة الإمارات والسعودية تعد من الأسواق الرئيسية للإصدارات المستدامة في المنطقة، لافتة إلى أن صكوك الاستدامة تشهد طلبًا متزايدًا في منطقة الشرق الأوسط؛ إذ بلغت قيمتها حوالي 6.1 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى من هذا العام، ما يعكس زيادة في الحصة السوقية لهذه الأدوات المالية إلى 25-30%، مقارنةً بحوالي 20-25% في العام الماضي.

وأشارت عويدات إلى ثلاثة عوامل رئيسية يمكن أن تدفع النمو في سوق السندات والصكوك المستدامة مستقبلًا، وهي: تحسن الشفافية، والتشريعات، والوضع الاقتصادي الكلي.

بدوره تحدث أمير موجيك، المحلل الرئيسي لتصنيفات شركات التأمين لدى وكالة "أس آند بي"، حول التوقعات الخاصة بسوق التأمين في الإمارات، وشركات التأمين الإسلامي وما تواجهه من تحديات وفرص للنمو، موضحا أن التأمين الإسلامي يشكل في الإمارات نحو 15% فقط من إجمالي قطاع التأمين.

وتوقع أن ينمو قطاع التأمين، سواء التقليدي أو الإسلامي، بوتيرة متشابهة هذا العام وبنسبة تتراوح بين 15% و20%، بدعم من الأوضاع الاقتصادية الجيدة والاستثمارات في البنية التحتية، بالإضافة إلى بعض التعديل في الأسعار، لا سيما في مجالات التأمين الطبي والتأمين على السيارات.

وعن احتمالية حدوث عمليات اندماج بين الشركات الصغيرة، قال موجيك: "شهد السوق بالفعل عدة عمليات اندماج في قطاع التأمين، حيث اندمجت قرابة واحدة من كل ثلاث شركات في قطاع التأمين الإسلامي خلال السنوات الأخيرة، مع احتمالية أن نرى بعض عمليات الاندماج المقبلة".