في أسبوع اتسم بازدياد الحساسية تجاه مسار السياسة النقدية العالمية، جاء قرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض الفائدة بواقع 25 نقطة أساس ليعيد ترتيب مشهد شهية المخاطرة في مختلف الأسواق. قرار الخفض، الذي جاء متوافقاً مع توقعات المستثمرين، مثّل حدثاً مركزياً، عزز حالة الترقب في الأسواق العالمية، من «وول ستريت» إلى أوروبا وآسيا.
ورغم أن خفض الفائدة أعاد قدراً من الاطمئنان إلى المتعاملين فإن ردود فعل الأسواق لم تتجه في مسار واحد، فقد أظهرت مؤشرات الأسهم العالمية تحركات متباينة، تعكس قراءة مختلفة لرسائل الفيدرالي بشأن التضخم والاقتصاد، وكذلك لتوقعات النمو خلال المرحلة المقبلة، وفي الوقت نفسه امتدت آثار القرار إلى أسواق السلع، التي واصلت التفاعل مع تغيرات معادلة العرض والطلب وتقييمات المخاطر الجيوسياسية.
وخفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي، الأربعاء، أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس كما كان متوقعاً، لكن تصريحات رئيسه، جيروم باول، في المؤتمر الصحافي،الذي أعقب الاجتماع، فاجأت البعض الذين كانوا يتوقعون نبرة تميل أكثر للتشديد النقدي.
أداء حذر في «وول ستريت»
أنهت «وول ستريت» أسبوعاً اتسم بقدر كبير من الترقب، تزامناً مع إعلان الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي خفض الفائدة بواقع 25 نقطة أساس، في خطوة جاءت متسقة تماماً مع توقعات الأسواق، ورغم أن القرار عزز حالة الاطمئنان النسبي لدى المتعاملين فإن تباين شهية المخاطرة انعكس بوضوح على أداء المؤشرات الثلاثة الكبرى، التي تحركت في اتجاهات مختلفة بين الصعود والهبوط.
وسجل مؤشر «داو جونز» أسبوعاً إيجابياً، إذ ارتفع من مستوى 47954 نقطة إلى 48458.05 نقطة، وبذلك حقق المؤشر مكسباً قدره 504.05 نقاط أي نحو 1.05 % على أساس أسبوعي. وجاء الصعود مدفوعاً بعمليات شراء استباقية في أسهم القطاعات الدفاعية، وسط مراهنة المستثمرين على أن دورة التيسير النقدي ستدعم أرباح الشركات خلال العام المقبل.
على النقيض أنهى مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» الأسبوع على انخفاض متراجعاً من 6870.40 نقطة إلى 6827.41 نقطة، ليفقد 42.99 نقطة تعادل 0.63 % تقريباً، أما مؤشر «ناسداك» فكان الأكثر تأثراً، إذ انخفض من 23578.128 نقطة إلى 23195.169 نقطة، بخسارة بلغت 382.96 نقطة تعادل 1.62 %، وتعرضت أسهم التكنولوجيا لضغوط مع تراجع توقعات التسعير المستقبلي للشركات عالية النمو، رغم خفض الفائدة.
وعكس الأداء المتباين للمؤشرات الأمريكية مزاجاً استثمارياً حذراً، إذ رحب المستثمرون بعودة مسار خفض الفائدة لكنهم في الوقت نفسه راقبوا بدقة رسائل الفيدرالي بشأن التضخم وأفق السياسة النقدية. وبينما استفاد داو جونز من التوجه نحو الأسهم الأكثر استقراراً تراجع ناسداك وستاندرد آند بورز بفعل ضغوط جني الأرباح، وتعديل التوقعات تجاه النمو.
وفيما يتعلق بأداء مجموعة من أبرز الأسهم في وول ستريت فقد تراجع سهم أمازون بنحو 1.5 % خلال الأسبوع، كما انخفض سهم إنفيديا بنسبة 4 %، وتراجع سهم ميتا بنفس النسبة تقريباً، فيما ارتفع سهم تسلا بأقل من 1 % خلال الأسبوع.
تباين في أوروبا
كما أنهت الأسواق الأوروبية أسبوعاً اتسم بقدر من الترقب الحذر، متأثرة بتقلبات المشهد العالمي عقب قرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس. ورغم أن الاتجاه العام ظل مستقراً نسبياً فإن المؤشرات الرئيسية في أوروبا سجلت أداء متبايناً بين مكاسب طفيفة في ألمانيا، وتراجعات محدودة في بقية الأسواق الكبرى.
وأغلق مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي عند 578.24 نقطة مقابل 578.77 نقطة في الأسبوع السابق، بتراجع هامشي بلغ 0.53 نقطة تعادل 0.09%، وسجل مؤشر «داكس» الألماني أفضل أداء بين المؤشرات الأوروبية، مرتفعاً إلى 24186.49 نقطة مقارنة بــ 24028.14 نقطة، محققاً مكاسب قدرها 158.35 نقطة أو 0.66 %. كما انخفض مؤشر «كاك» الفرنسي إلى 8068.62 نقطة مقابل 8114.74 نقطة، ليفقد 46.12 نقطة تعادل 0.57 %، أما مؤشر «فوتسي 100» البريطاني فقد أنهى الأسبوع على انخفاض إلى 9649.03 نقطة مقابل 9667.01 نقطة، بخسارة بلغت 17.98 نقطة أو 0.19 %.
مكاسب «نيكاي»
وفي اليابان، ومع ترقب المستثمرين قرار الفائدة وسط إشارات مربكة، ارتفع مؤشر «نيكاي» إلى مستوى 50836.55 نقطة، مقارنة مع إغلاق الأسبوع الماضي عند مستوى 50491.87 نقطة، بما يشكل مكاسب بنسبة 0.68 %.
خسائر أسبوعية للنفط
ووسط الضبابية التي تلف القطاع، لا سيما في ظل المعطيات المختلفة المؤثرة على توقعات العرض والطلب، بما في ذلك التفاعلات المرتبطة بالحرب في أوكرانيا، سجلت أسعار النفط خسائر أسبوعية بنحو 4 %.
وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت بنسبة 4.13 % خلال الأسبوع إلى 61.12 دولاراً للبرميل مقابل 63.75 دولاراً للبرميل الأسبوع الماضي، كما انخفضت العقود الآجلة للخام الأمريكي بنسبة 4.39 % إلى 57.44 دولاراً للبرميل، مقابل 60.08 دولاراً للبرميل الأسبوع الماضي.
وكانت منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك قد توقعت في تقريرها الشهري الصادر، الخميس، ارتفاع الطلب العالمي على النفط بنحو 1.4 مليون برميل يومياً العام المقبل، مدعوماً بنمو اقتصادي قوي، وأبقت على توقعات الطلب دون تغيير عن الشهر الماضي.
وتتوقع «أوبك» نمواً قوياً للطلب عام 2026 سيكون أعلى من الزيادة المقدرة لعام 2025، التي تبلغ نحو 1.3 مليون برميل يومياً، حسبما أظهرت التوقعات في تقرير المنظمة الشهري لسوق النفط، كما تتوقع المنظمة سوقاً متوازناً العام المقبل.
مكاسب للذهب والفضة
أما بالنسبة لأسعار الذهب فقد بلغت، يوم الجمعة، أعلى مستوى لها في 7 أسابيع. وبدعم من توقعات الفيدرالي الأمريكي فيما يخص دورة التيسير النقدي للعام المقبل سجلت أسعار الذهب مكاسب أسبوعية جديدة إلى نحو 4329 دولاراً للأونصة.
كما ارتفعت أسعار الفضة بنسبة تقارب 5 % خلال الأسبوع، لتحقق مكاسب بنسبة 112 % هذا العام، مدفوعة بانخفاض المخزونات، واستمرار الطلب الصناعي، وإدراجها في قائمة المعادن الحيوية الأمريكية.

