شهدت الأسواق العالمية الأسبوع الماضي حالة من الترقب والحركة المتباينة، مع تركيز الأنظار على قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، الذي أقدم على أول خفض لسعر الفائدة في عام 2025، وهو القرار الذي سعّرته الأسواق مبكراً، وبما يعيد تشكيل المشهد الاستثماري، لجهة تعزيز شهية المخاطرة في «وول ستريت»، وإعادة التوازن إلى بعض الأسواق الأخرى، التي تأثرت بتباين المؤثرات الاقتصادية والجيوسياسية.
ففي الولايات المتحدة، انعكس خفض الفائدة مباشرة على أداء المؤشرات الرئيسة، التي واصلت تسجيل قمم قياسية جديدة، وسط تدفقات قوية نحو أسهم التكنولوجيا والقطاعات القيادية، بينما برزت تحركات لافتة في أسهم شركات كبرى، مثل «أبل» و«تسلا». وفي المقابل، أظهرت الأسواق الأوروبية أداءً أكثر تحفظاً، متأثرةً بتصاعد التوترات الجيوسياسية في محيطها، وهو ما حدّ من استفادتها من موجة التفاؤل التي هيمنت على الأسواق الأمريكية.
أما في آسيا، فقد واصل مؤشر «نيكاي» الياباني صعوده، متجاوزاً حاجز 45 ألف نقطة، بدعم من سياسات نقدية مستقرة، وتوجهات جديدة في الأسواق المالية اليابانية، فيما خالفت أسواق الطاقة التوقعات، بانخفاض أسعار النفط بشكل طفيف، على الرغم من خفض الفائدة الأمريكية، في حين واصل الذهب تعزيز مكاسبه للأسبوع الخامس على التوالي، ليؤكد مكانته كملاذ آمن، في خضم بيئة عالمية تتسم بعدم اليقين.
محصلة خضراء
وسجلت المؤشرات الأمريكية محصلة خضراء هذا الأسبوع، في وقت ارتفع فيه مؤشرا «داوجونز» الصناعي، و«ستاندرد آند بورز 500»، إلى مستويات قياسية عند ختام تعاملات الجمعة، مع مكاسب أسبوعية للأسبوع الثالث على التوالي، بدعم من أول خفض لسعر الفائدة في الولايات المتحدة خلال 2025.
ووصل «داو جونز» الصناعي إلى النقطة 46315.27، مقارنة مع إغلاقه عند ختام تعاملات الأسبوع الماضي عند 45834.22 نقطة، بمكاسب أسبوعية 1.05 %. كما ارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 1.22 %، إلى مستوى 6664.36 نقطة، مقارنة مع 6584.29 نقطة الأسبوع الماضي.
وارتفع مؤشر «ناسداك» المركب بنسبة 2.21 %، إلى 22631.476 نقطة، مقابل 22141.10 نقطة الأسبوع الماضي. أما مؤشر راسل 2000، فقد سجل مكاسبه الأسبوعية السابعة بنسبة 2.2 %. وشهد الأسبوع قرار بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي المُنتظر، والذي جاء تماشياً مع التوقعات، بخفض الفائدة بربع نقطة مئوية، إلى نطاق مستهدف يتراوح بين 4 و4.25 %.
وبالنسبة لأداء مجموعة من أبرز الأسهم في «وول ستريت» هذا الأسبوع، فقد سجلت أسهم صانعة الآيفون، شركة «أبل»: ارتفاعاً أسبوعياً بأكثر من 4.5 %، مع المؤشرات الإيجابية المرتبطة بالطلب على أحدث أجهزتها من آيفون، وفي الوقت الذي رفعت فيه «جيه بي مورجان» السعر المستهدف للسهم من 255 دولاراً إلى 280 دولاراً.
كما شهدت «تسلا» ارتفاعاً بأكثر من 7.5 %، بعد شراء الرئيس التنفيذي، إيلون ماسك، أسهماً بقيمة مليار دولار. كما ارتفعت أسهم ميتا بنحو 3 % خلال الأسبوع، وأمازون بنحو 1.5 %. فيما انخفضت «إنفيديا» بأقل من 1 %، وسط الأزمة التي تواجهها في الصين، مع تقارير تفيد بمنع بكين شركات التكنولوجيا من شراء شرائح الذكاء الاصطناعي من الشركة.
تراجع المؤشر الأوروبي
وسجلت المؤشرات الأوروبية الرئيسة أداءً متبايناً هذا الأسبوع، والذي شهد مؤثرات مختلفة على حركة الأسواق، ما بين قرارات اقتصادية - على رأسها قرار الفائدة من الفيدرالي الأمريكي الأربعاء الماضي - وتطورات جيوسياسية، على غرار تصاعد المخاطر المرتبطة بالحرب في أوكرانيا، والاتهامات الموجهة لروسيا بانتهاك المجال الدولي لدول أوروبية.
تراجع المؤشر الأوروبي «ستوكس 600» إلى مستوى 554.12 نقطة، عند نهاية تعاملات الأسبوع المنتهي في 19 سبتمبر، مقارنة مع 554.74 نقطة في 12 سبتمبر، وبخسائر أسبوعية بنحو 0.11 %. كذلك تراجع مؤشر «داكس» الألماني بنحو 0.21 %، إلى مستوى 23639.41 نقطة، مقابل 23688.61 نقطة عند ختام تعاملات الأسبوع الماضي.
كما انخفض مؤشر «فوتسي» البريطاني إلى مستوى 9216.67 نقطة، مقابل 9283.29 الأسبوع الماضي، بتراجع نسبته 0.72 %. بينما خالف مؤشر «كاك» الفرنسي اتجاه المؤشرات الرئيسة، مسجلاً ارتفاعاً بنحو 0.36 % خلال الأسبوع، لينهي تعاملات الأسبوع عند 7853.59 نقطة، مقابل 7825.24 نقطة الأسبوع الماضي.
«نيكاي» فوق الـ 45 ألف نقطة
وفي اليابان، سجل مؤشر «نيكاي» 225 مكاسب أسبوعية بنحو 0.62 %، متجاوزاً الـ 45 ألف نقطة، إلى 45045.81 نقطة، وذلك مقارنة مع 44768.12 نقطة بنهاية تعاملات الأسبوع الماضي. وبنهاية الأسبوع، أبقى بنك اليابان أسعار الفائدة قصيرة الأجل عند 0.5 %، دون تغيير -وفق التوقعات- لكنه في الوقت نفسه قرر البدء في بيع حيازاته من صناديق الاستثمار المتداولة، وصناديق الاستثمار العقاري.
النفط يخالف التوقعات
وبالنسبة لأسعار النفط، فقد شهدت تراجعاً أسبوعياً محدوداً، بعدما طغت المخاوف المرتبطة بشأن الإمدادات، وتراجع الطلب على التوقعات التي تشير إلى أن خفض الفائدة الأمريكية، من شأنه دعم مزيد من الاستهلاك، ومن ثم ارتفاع الطلب والأسعار.
وسجلت العقود الآجلة لخام برنت انخفاضاً بنحو 0.46 %، لتسجل عند تسوية تعاملات الجمعة 19 سبتمبر، 66.68 دولاراً للبرميل، مقارنة مع 66.99 دولاراً للبرميل الأسبوع الماضي. فيما استقرت العقود الآجلة للخام الأمريكي عند 62.68 دولاراً للبرميل، مقابل 62.69 دولاراً للبرميل بنهاية الأسبوع الماضي، وبانخفاض هامشي بنحو 0.02 %.
يأتي ذلك الأداء، رغم خفض الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، وإشارته إلى مزيد من التخفيضات في المرحلة المقبلة، رداً على علامات الضعف في سوق العمل، بينما عادة ما تدفع تكاليف الاقتراض المنخفضة، إلى تعزيز الطلب على النفط، ودفع الأسعار إلى الارتفاع.
على الجانب الآخر، واصلت أسعار الذهب مكاسبها للأسبوع الخامس على التوالي، بدعمٍ من المزيد من الإشارات المعززة لخفض أسعار الفائدة الأمريكية، وبما يصب في صالح المعدن الأصفر، كمخزن قيمة.
سجلت الأسعار الفورية للذهب، الجمعة، 3683.24 دولاراً للأونصة، لترتفع بنحو 1.1 % هذا الأسبوع. كما ارتفعت عقود الذهب الأمريكية الآجلة إلى 3718.50 دولاراً.
