مكاسب قوية لـ«وول ستريت» و«نيكاي» في أغسطس

 متداولون في «وول ستريت» يتابعون مؤشرات الأسهم
متداولون في «وول ستريت» يتابعون مؤشرات الأسهم

سياسات ترامب تفجّر مزيداً من المخاوف بشأن استقلالية «الاحتياطي الفيدرالي»

الخام الأمريكي يتكبد خسارة شهرية ويتراجع 7.5 %

تواصل الأسواق العالمية رسم ملامح متباينة مع انقضاء شهر أغسطس، بين زخم في «وول ستريت» وضغوط على بعض المؤشرات الأوروبية، وسط مراقبة حثيثة من جانب المستثمرين للتطورات الاقتصادية والسياسية على جانبي الأطلسي.

وفيما تترقب الأوساط المالية قرار الفائدة من الفيدرالي الأمريكي، بعدما ألمح رئيسه جيروم باول إلى إمكانية التحرك في الاجتماع المقبل نحو خفض الفائدة، تزداد حساسية الأسواق لأي مؤشرات مرتبطة بمستويات التضخم، وتأثير الرسوم الجمركية، في مناخ يعكس حالة شد وجذب بين السياسة والاقتصاد، ويضع المستثمرين أمام مشهد لا يخلو من الترقب والحذر.

تعزيز المكاسب

ففي «وول ستريت»، سجل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» مكاسب في أغسطس للشهر الرابع على التوالي، منهياً التعاملات عند مستوى 6460.26 نقطة، مقارنة بإغلاقه في نهاية يوليو عند النقطة 6339، وبارتفاع شهري 1.9 %، لتصل مكاسب المؤشر منذ بداية العام إلى 10 % تقريباً. كذلك ارتفع مؤشر «داو جونز» الصناعي بأكثر من 3 % في أغسطس، مغلقاً عند مستوى 45544.88 نقطة، مقابل 44130 بنهاية يوليو.

ليعزز مكاسبه منذ بداية العام لتصل إلى 7 %. وارتفع مؤشر «ناسداك» المركب - الذي يهيمن عليه قطاع التكنولوجيا - بنحو 1.58 % إلى النقطة 21455.552، مقابل إغلاق نهاية يوليو عند مستوى 21122 نقطة. وارتفع المؤشر منذ بداية العام بنسبة 11 % تقريباً.

وتباين أداء أسهم التكنولوجيا الكبرى في «وول ستريت» خلال الشهر، لتنخفض «إنفيديا» بنحو 2 %، كما تراجعت «أمازون» بأكثر من 2 %، وخسرت «ميتا» نحو 4.5 %. بينما ارتفعت أسهم «آبل» بحوالي 12 % في أغسطس، وقفزت «تسلا» بنحو 8 %.

وارتفع مؤشر «راسل 2000» للشهر الرابع على التوالي (أطول سلسلة مكاسب منذ 2021)، مسجلاً أفضل أداء شهري له منذ نوفمبر 2024، محققاً مكاسب تقارب 7 %.

وفجّرت سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مزيداً من المخاوف، بشأن استقلالية البنك الاحتياطي الفيدرالي، لا سيما بعد إقالته لعضوة مجلس الاحتياطي، ليزا كوك، مع مزاعم احتيال بالرهن العقاري، والتي حرّكت دعوى قضائية تقول فيها إن ترامب لا يمتلك صلاحية إقالتها.

وتأتي تلك الوقائع، بالتزامن أيضاً مع الضغوط التي يمارسها الرئيس الأمريكي على رئيس الفيدرالي، جيروم باول، من أجل خفض أسعار الفائدة.

وكان باول قد ألمح إلى خفض الفائدة في الاجتماع المرتقب في سبتمبر، وذلك خلال كلمته في ندوة جاكسون هول السنوية، والتي كان لها أثر واسع في حركة الأسواق.

وارتفع مؤشر أسعار الإنفاق الاستهلاكي الشخصي في الولايات المتحدة بنسبة 2.6 % في يوليو على أساس سنوي، وفق التوقعات، الأمر الذي يشير إلى تأثير طفيف للرسوم الجمركية على التضخم.

تباين المؤشرات

وتحت وطأة جملة من البيانات المتباينة، فضلاً عن اللغط الدائر حول الرسوم الأمريكية، وتفاصيل الاتفاق التجاري بين واشنطن وبروكسل، والنقاط الخلافية فيه، تباين أداء المؤشرات الأوروبية الرئيسة. وأنهى مؤشر «ستوكس 600» تعاملات أغسطس عند مستوى 550.62 نقطة، ليسجل مكاسب شهرية (للشهر الثاني على التوالي) بنسبة 0.85 %، مقارنة بإغلاق يوليو عند 507 نقاط. ومنذ بداية العام ارتفع المؤشر بنسبة 8.6 %.

أما لجهة التعاملات الأسبوعية، عن الأسبوع الأخير من شهر أغسطس، فقد تكبد المؤشر أول خسارة أسبوعية في أربعة أسابيع. وفي جلسة الجمعة، سجل المؤشر الأوروبي أدنى مستوى في أكثر من أسبوعين، متأثراً بتراجع أسهم البنوك البريطانية، وسط مخاوف مرتبطة بضرائب محتملة على المصارف في المملكة المتحدة.

وفي بريطانيا، سجل مؤشر «فوتسي 100» مكاسب شهرية في أغسطس بنسبة 0.61 %، منهياً التعاملات عند النقطة 9187.34، مقارنة بإغلاق يوليو عند 9132 نقطة. ليعزز المؤشر مكاسبه منذ بداية العام إلى 12.4 %.

بينما سجل مؤشر «داكس» الألماني خسارة شهرية بنحو 0.6 %، منهياً التعاملات عند مستوى 23919.62 نقطة، مقارنة مع إغلاق شهر يوليو الماضي عند 24065 نقطة. بينما يظل المؤشر مرتفعاً بنسبة 20 % تقريباً منذ بداية العام. وتظهر البيانات الألمانية الرسمية، ارتفاع معدل التضخم في أكبر اقتصاد بأوروبا إلى 2.1 % في أغسطس، مقارنة بـ 1.8 % في يوليو.

كذلك تراجع مؤشر «كاك» الفرنسي بنحو 0.87 % في أغسطس، منهياً التعاملات عند 7703.90 نقاط، مقارنة مع إغلاق نهاية يوليو عند 7771 نقطة. بينما يظل المؤشر مرتفعاً بنسبة 4.3 % منذ بداية 2025. وفي ما يخص التعاملات الأسبوعية، فقد سجل المؤشر الفرنسي خسارة بنحو 3.3 %، في ظل المخاوف المرتبطة بانهيار الحكومة الفرنسية.

وبحسب هيئة الإحصاء الفرنسية، انخفض معدل أسعار المستهلك الفرنسي إلى 0.8 % في أغسطس، مقارنةً بـ 0.9 % في يوليو، وهو أقل من التوقعات. وجاء هذا التراجع نتيجة انخفاض أسعار الطاقة والمنتجات المصنعة.

محصلة خضراء

وفي طوكيو، سجل مؤشر «نيكاي» الياباني مكاسب شهرية في أغسطس بنحو 4 %، منهياً التعاملات عند مستوى 42718.47 نقطة، مقارنة مع 41069 نقطة عند نهاية يوليو الماضي. ويظل المؤشر مرتفعاً بأكثر من 7 % منذ بداية العام. وجاءت مكاسب أغسطس بدعمٍ من نتائج أرباح الشركات القوية، فضلاً عن الارتفاعات التي شهدتها أسواق الأسهم العالمية، في ظل الأداء القياسي لمؤشرات «وول ستريت».

خسائر النفط

وبالنسبة لأسعار النفط، وفيما سجلت العقود الآجلة لخام برنت والخام الأمريكي مكاسب أسبوعية (بنسبة 0.6 % و0.5 % على التوالي) خلال الأسبوع الأخير، إلا أنها تكبدت خسارة شهرية. وتراجعت العقود الآجلة للخام الأمريكي في مجمل أغسطس بنحو 7.5 %، بعدما سجلت عند تسوية الجمعة 64.01 دولاراً للبرميل، مقارنة مع 69.26 دولاراً بنهاية يوليو الماضي. كما فاقمت أسعار الخام خسائرها منذ بداية العام، إلى نحو 10.7 % تقريباً. كذلك مُنيت العقود الآجلة لخام برنت بخسائر شهرية في أغسطس بنحو 6 % تقريباً، مسجلة 68.12 دولاراً للبرميل عند تسوية آخر جلسات الشهر، مقارنة مع 72.53 دولاراً للبرميل في نهاية يوليو. لترفع من خسائرها منذ بداية العام إلى حوالي 9 % تقريباً.

تأتي تلك التراجعات، تحت وطأة التوقعات المرتبطة بضعف الطلب في الولايات المتحدة.

وفي الوقت الذي يترقب فيه المتعاملون احتمالات التوصل لاتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا، خيّم على أفق التوقعات خلال الشهر الذي شهد لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، لمناقشة الملف، ورغم عدم التوصل لاتفاق حاسم حتى الآن. وتحول السوق تركيزها حالياً بشكل جزئي نحو اجتماع «أوبك+» الأسبوع المقبل.

كما سجلت أسعار الذهب مكاسب شهرية بأكثر من 4 % في أغسطس، إلى مستويات 3450 دولاراً للأونصة، محققة أفضل أداء شهري في أربعة أشهر، وذلك بدعم تراجع الدولار، وكذلك ترقب المستثمرين لاتجاه الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة الأمريكية في سبتمبر.