شهد السوق العقاري في دبي زخماً قوياً خلال شهر نوفمبر، حيث ارتفعت تدفقات رؤوس الأموال ومستويات النشاط بشكل ملحوظ مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وبلغ إجمالي مبيعات السوقين الأولي والثانوي خلال شهر نوفمبر نحو 64.4 مليار درهم، بزيادة قدرها 49% على أساس سنوي في القيمة الإجمالية للصفقات. ويعود هذا النمو بالدرجة الأولى إلى التسارع الكبير في أداء السوق الأولي (بنسبة 105% على أساس سنوي)، مدعوماً بارتفاع مستمر في السوق الثانوي (بنسبة 9% على أساس سنوي).
كما سجّلت أحجام الصفقات زيادة سنوية قدرها 31%، مدفوعة بارتفاع قوي في الصفقات الأولية بنسبة 67%، في حين شهدت الصفقات الثانوية تراجعاً طفيفاً بنسبة 4%. ويعكس الفارق بين نمو القيم والأحجام – ولا سيما في السوق الأولي – ارتفاع متوسط قيمة الصفقات واستمرار الطلب القوي على الوحدات المتوسطة إلى الفاخرة.
أداء السوق الأوّلي
أظهر السوق الأولي أداء استثنائياً في نوفمبر، حيث ارتفعت مبيعاته بنسبة 105% على أساس سنوي، بفضل النمو القوي في مبيعات الوحدات قيد الإنشاء والجاهزة. وسجّلت مبيعات الوحدات قيد الإنشاء ارتفاعاً بنسبة 72% على أساس سنوي، مما يعكس الثقة المتزايدة من المستثمرين والمستخدمين النهائيين في المشاريع الجديدة.
أما قيمة المبيعات للوحدات الجاهزة في السوق الأولي، فقد واصلت أداءها المميز، محققة قفزة بنسبة 220% على أساس سنوي، مقارنة بـ 22% فقط في نوفمبر 2024. كما ارتفعت أحجام مبيعات الوحدات قيد الإنشاء بنسبة 68%، والوحدات الجاهزة بنسبة 63% على أساس سنوي. ويشير هذا الاتجاه إلى تحول واضح نحو تفضيل المشترين للوحدات الجاهزة أو شبه الجاهزة ذات القيمة العالية في المشاريع المتميزة.
أداء السوق الثانوي
على الرغم من الانخفاض الطفيف في حجم الصفقات، حافظ السوق الثانوي في دبي على متانته خلال نوفمبر، إذ ارتفعت قيم المبيعات بنسبة 9% على أساس سنوي. كما ارتفعت قيمة مبيعات الوحدات قيد الإنشاء في هذا السوق بنسبة 8%، بينما ارتفعت قيمة الوحدات الجاهزة بنسبة 10%، والتي شكّلت أكثر من 80% من إجمالي قيمة المبيعات الثانوية، مع استمرار تفضيل المشترين للعقارات الجاهزة للسكن أو ذات العائد الإيجاري المرتفع.
في المقابل، تراجعت أحجام المبيعات الثانوية بنسبة 4% على أساس سنوي، حيث انخفضت صفقات الوحدات قيد الإنشاء بنسبة 8%، وتراجعت صفقات الوحدات الجاهزة بنسبة 2% على أساس سنوي.
تفضيلات المستهلكين
يواصل الطلب على الشقق السكنية هيمنته على السوق، إذ تمثل الغالبية العظمى من عمليات البحث عن العقارات سواء للإيجار أو الشراء. ويعكس هذا الاتجاه الأسس الراسخة للسوق العقاري في دبي، الذي يعتمد منذ سنوات على نشاط قطاع الشقق السكنية.
ووفقًاً لبيانات «بروبرتي فايندر»، تستحوذ الشقق على نحو 80% من إجمالي عمليات البحث عن الإيجارات، مقارنةً بـ 20% فقط للفلل ومنازل التاون هاوس. كما شهدت الشقق الاستوديو والوحدات المكونة من غرفة نوم واحدة زيادة سنوية في حصتها من إجمالي الطلب على الإيجار.
أما في سوق الشراء، فتمثل الشقق 58% من إجمالي عمليات البحث، بينما تراجعت حصة الفلل بشكل طفيف خلال العام. وتتركز نحو 70% من عمليات البحث عن الشقق في الوحدات المُزودة بغرفة أو غرفتَي نوم، ما يعكس استمرار التوجه نحو المنازل المتوسطة الحجم ذات الأسعار المناسبة في المجتمعات الحيوية والمتصلة جيداً بالمدينة.
سوق الرهن العقاري
تشير بيانات «مورغيج فايندر» لشهر نوفمبر إلى أن شريحة ذوي الدخل الشهري بين 20 ألف و40 ألف درهم استحوذت على نحو 38% من إجمالي طلبات الرهن العقاري، لتُسجل بذلك أكبر حصة بين جميع شرائح الدخل في السوق، مقارنةً بنسبة 30% في شهر أكتوبر.
ويُظهر التحليل أن 85% من المتقدمين ضمن هذه الشريحة يبحثون عن عقارات للسكن الشخصي، في حين يتجه 15% منهم نحو فرص الاستثمار العقاري. ويعكس هذا التوزيع ديناميكية هذه الفئة، التي تضم مشترين نشطين إلى جانب عدد متزايد من المستثمرين الجدد.
وعلى الطرف الأعلى من شريحة الدخل، لا تتجاوز نسبة المشترين الذين يتقاضون دخلًا شهريًا يتراوح بين 60 ألف و80 ألف درهم أو أكثر والذين يخططون لشراء عقارات استثمارية 2.04% فقط. في المقابل، ترتفع هذه النسبة إلى 5.1% بين المشترين ضمن شريحة الدخل التي تتراوح بين 20 ألفاً و40 ألف درهم، ما يعكس نشاطاً استثمارياً أكبر نسبياً لدى فئة الدخل المتوسط.
في حين تقود شريحة ذوي الدخل المتوسط الطلب على الشقق السكنية، يسهم أصحاب الدخول الأعلى في الحفاظ على استقرار الطلب في سوق الفلل. وتُظهر البيانات أن المشترين الذين يتراوح دخلهم الشهري بين 40 ألفاً و60 ألف درهم هم الأكثر إقبالاً على شراء الفلل، إذ يفضل 13.27% منهم المنازل المستقلة مقابل 8.16% يفضلون الشقق ضمن الشريحة نفسها.
أما المشترون من ذوي الدخل المرتفع جداً - ممن يتجاوز دخلهم الشهري 80 ألف درهم - فلا تزال الفلل خيارهم السكني المفضل، حيث يختارها 10.2% منهم، مقارنة بـ 4.08% يفضلون الشقق.
تشير بيانات شهر نوفمبر إلى أن شراء العقارات السكنية الميسورة للاستخدام الشخصي يمثل أولوية رئيسية للمشترين الذين يتراوح دخلهم الشهري بين 20 ألفاً و40 ألف درهم. كما يوضح الإقبال الكبير من المشترين ضمن هذه الشريحة على العقارات الاستثمارية، خاصة الشقق الأكثر توفرًا، تزايد الاعتماد على العقار كوسيلة لبناء الثروة.
وقال شريف سليمان، الرئيس التنفيذي للإيرادات في بروبرتي فايندر: «تُعد فئة الدخل المتوسط العمود الفقري للسوق، إذ تواصل دعم قطاع الشقق المزدهر من خلال الشراء لغرض السكن والاستثمار في آنٍ واحد». وأضاف: «يُنظر اليوم إلى الاستثمار العقاري كخيار موثوق لبناء الثروة طويلة الأمد، سواء لدى فئات الدخل المتوسط أو المرتفع، وهو ما يعكس الثقة الكبيرة في نضج السوق العقاري في دبي واستدامة نموه».