كامل العوضي: دبي نجحت في بناء منظومة متكاملة تجمع بين البنية التحتية المتقدمة والرؤية الاستراتيجية طويلة المدى

أكد كامل العوضي نائب الرئيس الإقليمي للاتحاد الدولي للنقل الجوي «إياتا» في أفريقيا والشرق الأوسط، إن دبي تعد واحدة من أبرز النماذج العالمية في تطوير قطاع الطيران، حيث نجحت في بناء منظومة متكاملة، تجمع بين البنية التحتية المتقدمة، والرؤية الاستراتيجية طويلة المدى.

وقال العوضي في تصريحات لـ «البيان»، إن دبي تتميز كذلك بتكامل استثنائي في خدمات الطيران، بدءاً من شركات الطيران الوطنية الرائدة، مثل طيران الإمارات وفلاي دبي، وصولاً إلى شركات المناولة الأرضية وخدمات الشحن والصيانة والتدريب، وهو ما يجعلها مركزاً دولياً متقدماً، يربط بين الشرق والغرب، ويضع المسافر في صميم الاهتمام الحكومي، مع التزام واضح بالابتكار والاستدامة.

وأشار العوضي إلى أن صعود دبي إلى مصاف أهم مراكز الطيران في العالم، تحقق بفضل مجموعة من العوامل الرئيسة التي تتمثل في الرؤية الحكومية والاستثمار في البنية التحتية الحديثة، ووجود شركات طيران عالمية رائدة، مثل طيران الإمارات، التي عززت الربط الجوي، بالإضافة إلى المرونة التنظيمية، والموقع الجغرافي الاستراتيجي، الذي يمنح الإمارة ميزة تنافسية قوية، مقارنة بالوجهات الآسيوية والأوروبية.

وأضاف العوضي أن قطاع الطيران في الإمارات، يسهم بنحو 92 مليار دولار في الناتج المحلي الإجمالي، أي ما يعادل 18.2 % من الاقتصاد الوطني، وفق أرقام عام 2023، إضافة إلى توفير 992 ألف وظيفة، ضمن الأثر الكلي للقطاع، فيما يعمل 74,500 موظف مباشرة لدى شركات الطيران المحلية، مع مناولة 3.1 ملايين طن من الشحن خلال العام نفسه. وأكد أن هذه المؤشرات تجسد قوة نموذج الإمارات، وفاعلية سياستها في تمكين الصناعة.

فتح الأجواء

وفي ما يتعلق بسياسات دولة الإمارات في فتح الأجواء، وتشجيع حرية المنافسة، قال العوضي إن الاتحاد الدولي للنقل الجوي، يرى أن تعزيز الوصول المفتوح للأسواق أمر إيجابي، فالسياسات التي وضعتها الإمارات تشجع المنافسة، وتتيح الوصول لشركات الطيران، وتوفر خيارات متنوعة للمسافرين والشحن الجوي، الأمر الذي يعزز الاتصال، ويحفز الاقتصادات، ويوفر فرص عمل، على سبيل المثال.

وأضاف أن مطار دبي الدولي أصبح اليوم واحداً من أكثر مطارات العالم ازدحاماً بحركة المسافرين الدوليين، بفضل ما يتمتع به من كفاءة تشغيلية عالية، وإجراءات سريعة، وتجربة سفر سلسة، فيما يمثل مطار آل مكتوم الدولي ركيزة واعدة للنمو المستقبلي، خاصة مع توسعات مشروع دبي الجنوب. وأضاف أن هذه الإنجازات لم تكن لتتحقق، لولا الدعم الحكومي المستمر، والاستثمار في التكنولوجيا، والسياسات المرنة التي تتكيف بسرعة مع تحولات السوق العالمية.

وحول التحديات التي تواجه قطاع الطيران في الشرق الأوسط، أوضح أن أبرزها يتمثل في عدم الاستقرار الجيوسياسي في بعض دول المنطقة، ما يؤثر في حركة السفر والربط الجوي، إضافة إلى تجزئة القوانين التنظيمية، وغياب سوق نقل جوية موحدة، فضلاً عن التفاوت الاقتصادي بين دول الخليج القادرة على بناء مراكز طيران عالمية، والدول الصغيرة التي تعاني ضعف الطلب، وقلة الموارد، وصعوبة المنافسة.

وأضاف أن تجاوز هذه التحديات يتطلب توحيد إدارة الأجواء وحركة المرور الجوية بين الحكومات، وتحسين تبادل البيانات، وتخفيف القيود العسكرية، إلى جانب مواءمة الأطر التنظيمية لتعزيز السلامة وخفض التكاليف. كما دعا إلى تعزيز التعاون الإقليمي في الوقود المستدام، مؤكداً أن المنطقة تملك المقومات، لتكون رائدة عالمياً في إنتاجه، بفضل خبرتها في قطاع الطاقة، وتوافر رؤوس الأموال. وشدد أيضاً على أهمية مشاركة التكنولوجيا والمعرفة بين المراكز الكبرى والدول المجاورة، لدعم الكفاءة التشغيلية ومعايير السلامة في المنطقة.

مستقبل الصناعة

وفي حديثه عن مستقبل صناعة الطيران العالمية، أكد العوضي أن القطاع أثبت قدرته على التكيف، رغم حالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي عالمياً. وقال إن عام 2025 يسير بشكل جيد، حيث سجلت الصناعة خلال الأشهر التسعة الأولى نمو الطلب على الركاب بنسبة 4.8 %، وعلى الشحن بنسبة 3.2 %، وهي أرقام وصفها بأنها قوية، بالنظر إلى التوترات الجيوسياسية والنزاعات التجارية.

وأضاف أن مسارات الشحن الكبرى، أظهرت مرونة واضحة، فعلى الرغم من تراجع الطلب على مسار آسيا أمريكا الشمالية بنسبة 1 %، بسبب الرسوم الجمركية، فإن الطلب ارتفع على مسار آسيا – أوروبا بنسبة 10.2 %، وازدادت السعة على مسار أوروبا – أمريكا الشمالية بنسبة 7.6 %. وقال إن هذه التحولات «دليل على قدرة القطاع على إعادة توزيع السعة، والتكيف مع تغيرات السوق العالمية.

أما عن مستقبل الطائرات الكهربائية، فأوضح العوضي أن تحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050، يعتمد بدرجة كبيرة على الوقود المستدام SAF، مشيراً إلى أن الدفع الكهربائي «لا يزال غير قابل للتطبيق على الرحلات الطويلة»، بسبب قيود تقنية لدى البطاريات، وبنية تحتية غير مكتملة، ومعايير تنظيمية قيد التطوير. وأضاف أن الطائرات الكهربائية قد تجد مكاناً في «الرحلات القصيرة والمتوسطة مستقبلاً»، لكن الوقود المستدام يبقى «الحل الأكثر قابلية للتوسع، والأثر الفوري في تقليل الانبعاثات».

وحول أهمية معرض دبي للطيران، قال العوضي إن المعرض يعتبر منصة حيوية، تجمع أطراف صناعة الطيران من مختلف أنحاء العالم، مضيفاً أن الحدث يسهم في جذب الاستثمارات والتقنيات الحديثة، ويعزز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، ويؤكد الدور المحوري لدبي في رسم مستقبل الطيران والفضاء على المستويين الإقليمي والدولي.