حَيّوا الخليج

ت + ت - الحجم الطبيعي

حَيُّوا الخليجَ وحيُّوا شعبَهُ أبَدَا

أهلٌ لهمْ في ثنايا الرّوحِ رجْعُ صَدى

نِعْمَ الجوارُ الذي قد كان يجمعُنا

في روضةِ الحِّب والإخلاصِ ما رَكَدا

منذُ القديمِ وحتى عصرِ حاضِرنا

أسْدى لنا خيرَهُ وفّى بِما وَعَدَا

أهْدى لنا سائغاً من فيضِ نعمتِهِ

من اللآليءِ كمْ أعطى ومَدَّ يَدا

عِشْنا على خيرِهِ نقتاتُ من سِعَةٍ

يُهدي لنا الفضْلَ والإحسانَ والرَّغَدَا

من خيرِهِ جَلَّ منْ خيْرٍ نتيهُ بِهِ

عِشْنا بهِ في الوَرى من فضلِهِ سُعَدا

نرى الحياةَ بهِ مَلْأى بما وهَبَتْ

من العطايا التي ما بارحتْ أحَدَا

يا بحرُ يا ساحرَ الشطآنِ يا أمَلاً

كأنَّهُ الدرُّ في الأعناقِ منتَضَدَا

يصفو لنا كالمعيِن العذبِ في فمِنا

أو رَشْفةِ النَّحْلِ يُهدي للدُّنا شَهَدَا

يا نشوةَ الحبِّ في الأحداقِ ماثلةٌ

تنهَلُّ عِشْقاً ودَمْعاً سالَ متَّقِدَا

خريرُ أمواجِهِ ينسابُ في دَمِنَا

كالنَّايِ يَعْزِفُ في الآذانِ لَحْنَ حِدَا

كمْ ذا نثَرْتَ منَ الآلاءِ سابغةً

من فَيْضِ بحرِك تُحي الناسَ والبَلَدَا

أغرقْتَهمْ في سجايا الخيرِ ما بَرِحَتْ

تَهْمي يداكَ المُنى والحبَّ والرَّفَدَا

دُرّاً فريداً من الأعماقِ تنْسُجُهُ

عِقْداً نَضِيداً بعنْقِ الغادةِ انْفَرَدَا

كمْ ذا حَضَنْتَ منَ الأسرارِ طائفةً

تَغْفو بقاعِك في الأعماقِ طولَ مَدَى

كم ذا بِهِ قد رفَدْتَ الحالمينَ رُؤَى

من القصيدِ الذي قد ظَلَّ فَيْضَ نَدَى

يَرْوي ملاحِمَ من عِزٍ ومن جَلَدٍ

ومِنْ غَرَامٍ يُذِيبُ القلْبَ والجَسَدَا

إذ قد غدَوْتَ لهمْ حينَاً مغامَرَةً

ذاقوا بها الويْلَ والشدَّاتِ والنَّكَدا

كم سطَّروا قصةً بالأمسِ خالدةً

بقتْ لنا عبرةً تشدو بهم وَحِدا

يا موجُ يا آسرَ الألبابِ يا نَغَمَاً

من الوفاءِ الذي في الرُّوحِ قد خَلَدا

أغْفو على صوتهِ الحاني وما بَرِحَتْ

أصداؤهُ في شغافِ القلْبِ نبضَ هُدى

ويا شراعَ المُنى في بحْرِ لجّتِهِ

كالنجمِ يومضُ في وجهِ الدجى رَشَدَا

أقبلْ فديتُكَ فوقَ السيفِ أفئدةٌ

تَهوى لقاءَكَ في شَوْقٍ قد اتَّقدا

أسْرِعْ فانَّ جماحَ الحبِّ ما فتئَتْ

أشواقُهُ تبعثُ الآلامَ والسُّهُدَا

ترنو إلى طيفكَ الميمونِ في وَلَهٍ

قد جرّحَ العينَ والأحشاءَ والكَبِدا

وتنثرُ الدمعَ فيّاضاً بِهِ حُرَقٌ

من شدّةِ الوجدِ يحدو الهمَّ والكَمَدَا

يا بحرُ يا رائعاً في لونِ زرقتِهِ

غنّى بك الطيرُ في الأجواءِ حين شَدَا

ويا شراعاً غدا للعينِ طيفَ رؤىً

نَخْتالُهُ كالسَّنا وَمْضَاً إذ ابتَعَدا

ويا سفينُ الأولى ذاقوا حلاوتَهُ

غَوْصاً وصَيْداً وأسْفاراً تجوبُ مَدى

قد دامَ بحرُكَ فيّاضاً لقاصدِهِ

طَبْعُ الكريم ِالذي للناسِ مَدَّ يَدا

يُعطي الهنا رَيِّقاً من كفِّ سانحةٍ

من الكرام ِالأُلى مَدّوا كفوفَ نَدى

يبنون َمجْدَ خليج ِ العرب ِ قاطبةً

حتى غَدَوا في الحياةِ الحُضْنَ والسَّنَدا

يعْطونَ من خيرِهِ لا يبخلونَ بِهِ

سخاءَ نفسٍ لهم تكفي لمن قَصَدا

قد أوْصَلوا خيرَهُمْ في كلِّ ناحيةٍ

يكفونَ ذا عَوَزٍ في كلِّ ما نشدا

يَهْدونَ يَبْنونَ يَعْطونَ من رَغَبٍ

كمْ قدّموا خِدْمةً أحيَوْا بها بَلَدا

كمْ وفّروا لذوي الحاجاتِ رغبتَهُمْ

كمْ هَدْهَدوا ألَماً كمْ خَفَّفوا سُهُدا

أهلُ الخليجِ لهمْ فَضْلٌ ومنزِلَةٌ

أصفى القلوبِ وأسخى كلِّ من رَفَدا

فَكَمْ لهمْ في ربوعِ الأرضِ من أثَرٍ

معروفُهُمْ دافقٌ في قلبِ مَنْ شَهَدا

وخيرهُمْ ساطعٌ كالبدرِ في ألَقٍ

يضيءُ أفقَ الدجى نوراً لمن فَقَدا

أكرِمْ بهم في خليجِ الحبِّ عائلةً

يحدونَ دنياً وتاريخاً ومعتَقَدا

لهمْ روابطُ لا تَنْفَكُّ تجمَعُنا

رَغْمَ الظُّروفِ فإنّا أخوةٌ أبَدَا

نحنُ الألى كتبوا أمجادَ سيرتِهِمْ

في صفحةِ البحْرِ تاريخاً لمن جَحَدا

كمْ قد حَفِظْنا خليجُ العرْبِ صافيةً

أمواجُهُ حيث كنّا لِلْعِدا أُسُدا

خليجُنا في شغافِ القلبِ مسكنُهُ

نهواهُ حُرّاً كعشْقِ العاقرِ الوَلَدا

بإذنِ ربِّ الوَرى تبقى محبَّتُهُ

في وَجْدِنا شعْلةً تَغْدو لنا رَشَدَا

خليجُنا يا رَعاهُ اللهُ أعطِيَةٌ

من خالقٍ جلّ مَنْ أهدى ومنْ رَفَدا

يا قادةَ الشّعْبِ يا نِبْراسَ وَحْدتِنا

يا حِكْمَةَ الرّأيِ إذْ قدْ عاد مُتّحِدا

نبَذْتُموا أيَّ خُلْفٍ حَلَّ بينَكُمُ

حتّى تَوارى عن الأنْظارِ وابْتَعَدا

وعُدْتُموا مِثْلَما قدْ كنْتمُ سَلَفاً

مثلَ النسيمِ الذي قدْ كانَ مُبْتَردا

أبناءُ عائلةٍ جادَ الزمانُ بِهِمْ

يا حَيَّها لُحْمةً صِرْتُمْ لها وَتَدَا

آنسْتُمُ الأهلَ أنْساً مالَهُ ثَمَنٌ

أزلْتُمُ الهَمَّ والتَّسْهيدَ والكَمَدَا

جَلَبْتموا فرْحَةً عُظمى نَتيهُ بها

غَنّى بها الطّيرُ في أنحائِنا غَرِدَا

بَلْسَمتُموا الجُرْحَ جُرْحاً لا شبيهَ لهُ

تأثيرُهُ قد أقَضَّ الرّوحَ والجَسَدا

ونورسُ البحرِ فوقَ السِّيفِ في فَرَحٍ

يناظرُ المشْهَدَ الميْمونَ طولَ مَدى

شعر:

إبراهيم محمد بوملحه

Email