كشف علماء بريطانيون عن أحفورة استثنائية لدودة ألفية عملاقة عاشت على الأرض قبل أكثر من 326 مليون سنة، في اكتشاف وُصف بأنه من الأهم في تاريخ علم الحفريات، لما يحمله من دلالات علمية تعيد النظر في تصورات راسخة حول تطور الكائنات الحية قبل ظهور الديناصورات.
الأحفورة، التي عُثر عليها بالصدفة داخل صخرة من الحجر الرملي على شاطئ ناءٍ في شمال إنجلترا، تعود إلى جنس منقرض يُعرف باسم Arthropleura، والذي تأكد الآن أنه أكبر لافقاري بري عرفه كوكب الأرض، وفقا لـ dailygalaxy.
وتشير التقديرات إلى أن هذا الكائن كان يصل طوله إلى نحو 2.7 متر، أي ما يعادل طول سيارة صغيرة، ويزن قرابة 50 كيلوغراما.
وجرى اكتشاف العينة في خليج هاويك بمقاطعة نورثمبرلاند، بعدما أدى انهيار جزء من جرف صخري إلى انقسام صخرة بشكل مثالي، كاشفا عن جزء محفوظ بصورة نادرة من الهيكل الخارجي للكائن، وسارع فريق من جامعة كامبريدج إلى دراسة الأحفورة، مؤكدين أنها تمثل أكبر مفصلي أرجل معروف عاش على اليابسة.
وتعود الأحفورة إلى العصر الكربوني، وهي فترة سبقت ظهور الديناصورات بعشرات الملايين من السنين، عندما كانت بريطانيا الحالية تقع قرب خط الاستواء وتتميز بمناخ استوائي غني بالنباتات، وعلى عكس الاعتقاد السائد سابقا، تشير طبيعة الموقع الجيولوجي إلى أن هذه الكائنات لم تكن تعيش حصريا في مستنقعات الفحم، بل في غابات مفتوحة قريبة من مجاري الأنهار، حيث كانت تتغذى على النباتات المتحللة وربما على كائنات صغيرة أخرى.
ويمثل هذا الاكتشاف تحديا مباشرا لنظرية علمية راسخة ربطت تضخم حجم مفصليات الأرجل القديمة بارتفاع مستويات الأكسجين في الغلاف الجوي، إذ تُظهر التحليلات أن Arthropleura عاش في فترة كانت فيها نسبة الأكسجين تقارب 23% فقط، وهي نسبة أعلى قليلا من المعدلات الحالية، لكنها أقل من الذروة التي سُجلت لاحقا في العصر الكربوني المتأخر.
ويرجح الباحثون أن عوامل أخرى لعبت دورا حاسما في وصول هذه الكائنات إلى أحجامها الهائلة، من بينها وفرة الغذاء النباتي، وغياب المفترسات البرية، واستقرار المناخات الاستوائية لفترات طويلة.
ورغم سيطرته على البيئات الاستوائية لنحو 45 مليون سنة، انقرض Arthropleura خلال أوائل العصر البرمي، قبل نحو 290 مليون سنة، على الأرجح بسبب التحولات المناخية التي أدت إلى ظروف أكثر جفافًا، ما قلّص موائله الطبيعية وأثر في دورات نموه المعتمدة على الرطوبة.
وتُعرض الأحفورة المكتشفة حاليا في متحف سيدجويك لعلوم الأرض، حيث تمنح الزوار لمحة نادرة عن عالم ما قبل الديناصورات، وتؤكد أن تاريخ الحياة على الأرض كان أكثر تنوعا ودهشة مما كان يُعتقد سابقا.


