المخزون الراكد.. عالم أزياء ضخم ومهمل

ت + ت - الحجم الطبيعي

أزمة نفايات من المنسوجات تلوح في الأفق. وهي أزمة تتفاقم وتزداد تعقيداً بسبب موجات الأزياء التي تخنق كوكبنا الأم. وبحسب خبراء، تبدو المشكلة صعبة الحل، لكنها في الواقع غير مستعصية بوجود ما يعرف بإعادة استعمال المخزون الراكد، الذي تبلغ قيمته 120 مليار دولار سنوياً؛ وهو عبارة عن أقمشة غير مستعملة في المصانع، أو منتجات تبقى مهملة في المستودعات، أو تملأ مطامر النفايات بانتظار الحرق.

وبحسب شركة تُعنى بسوق الأقمشة الراكدة، يمكن لهذه المنجات المهملة أن تشكل مصدراً مستداماً في صناعة الأزياء. بل هي مصدر قابل للإنقاذ والبيع، أو التدوير في تصاميم جديدة تسهم في إنقاذ المزيد من الأقمشة بعيداً عن مكبات النفايات والمحارق قدر الإمكان.

ومن هذاالمنظور، فإن عالم الصناعة يبدو غافلاً عن سوق ضخم من المخزون الراكد في مجال الأزياء والمنسوجات، التي تثقل عليه وعلى قدراته التخزينية.

الفكرة الشائعة في هذا القطاع تؤكد أن إعادة تدوير الملابس المستهلكة أمر صعب وغير ممكن، وذلك بسبب العديد من المدخلات والمواد المضافة التي لا يسهل فصلها عن هذه الملابس، مثل السحابات والأزرار، إلى جانب بعض حالات تداخل الأنسجة الطبيعية مع تلك المصنعة، وما إلى ذلك. إلا أن التعامل مع خيوط المنسوجات، التي لم يتم مزجها أو خياطتها ضمن أزياء معقدة، أسهل من هذه الناحية، وتبدو إمكانية إبعادها عن المطامر واردة.

وفي هذا الصدد، قامت منصة «ريفيرس ريسورسز» لتعقب وبيع الأقمشة بإجراء تحقيق شامل العام الماضي عن نفايات أقمشة المصانع. وبالنتيجة، أشارت توقعات المنصة إلى أن صناعة الأزياء تهدر ما مقداره تسعة ملايين طن من الأقمشة كل عام. وهذه الأقمشة يمكن إنقاذها وصناعة منتجات جديدة منها.

وقد لفتت ستيفاني بينيديتو، مؤسسة سوق المخزون الراكد، «كوين أوف رو» (ملكة المنتجات الخام)، إلى أن هناك نسبة مئوية من المواد المهدورة تصلح لإعادة الاستخدام، إضافةً إلى المواد التي تم طلبها ولم تستخدم قط، تماماً كالفائض من النماذج من الأقمشة. وأشارت إلى أن عدم استثمار هذه الكمية الكبيرة يعود لعدم وجود مرافق لإعادة البيع والتدوير، ولذا ينتهي المطاف بهذه الأقمشة إلى المستودعات أو المحارق.

وتقولبينيديتو إن ملايين الأطنان من مخزون الأقمشة الراكدة، هي نتيجة لما تكدسه دور الأزياء والموضة التابعة لأكبر الأسماء والعلامات التجارية في العالم، الأمر الذي يمكن وصفه بمعضلة الإنتاج المفرط.

من هذه الحقيقة، تنطلق ستيفاني بينيديتو، فتقود الطريق وتكشف لعالم صناعة الأزياء الإمكانات الربحية الكبيرة التي يمكن أن يعود بها المخزون الراكد على أصحابه. وأكثر من ذلك، تشتري مؤسسة «كوين أوف رو» لفائف الأقمشة المرفوضة أو غير المستعملة وتقوم ببيعها لقاعدة عملاء تضم أكثر من 500 ألف شخص، بعضهم من الأفراد الباحثين عن مواد بخسة الثمن أو طلاب في مجال الأزياء، إضافةً لعدد من المصممين المبتدئين والعلامات الناشئة.

وتبيع مؤسسة «كوين أوف رو» المواد المصنفة كمخزون راكد إلى شركات ضمن لائحة فورتشن 500 عبر محرك إعادة البيع ماتيريا إم إكس.

يذكر أن مؤسسة بينيديتو ليست الوحيدة في مجال استخدام وبيع أقمشة المصانع غير المستخدمة والمرفوضة، إذ في الواقع يشهد سوق الأقمشة، المعاد تدويرها، نمواً ملحوظاً، يمكن أن تبلغ قيمته بحلول عام 2027 إلى 7.6 مليارات دولار عالمياً، كما تقول التوقعات.

وفي حين يبدو استخدام المخزون الراكد وسيلة مباشرة لتقليص حجم نفايات الأقمشة، إلا أن هناك سيئات ينطوي عليها الحل. عن هذا تتحدث المهتمة بالمخزون الراكد ومؤسسة إحدى شركات الاستشارة للأزياء المستدامة، سيلينا هو، التي تشير إلى أن بعض الجهات تعوّل على الاستفادة من الطلب على فائض المنسوجات، بما يفاقم الأزمة بدل حلها. كما أن بعض المصانع تستغل الأمر وتتعمد زيادة الإنتاج من أجل بيع الأقمشة لمستنفعين.

Email