أكد الروائي الكويتي خالد النصر الله أن كل القضايا قابلة للاهتمام، وأن ما تلتقطه حواس الروائي مصدر للإلهام، موضحاً أن عملية تنفيذ الرواية لا تسهل إلا بعد التخطيط لها، بوضع خطوطها العريضة من البدء إلى الختام، مشيراً إلى أن التأني واجب أساسي وشرط في الكتابة الإبداعية، منوهاً بأن اللغة تشبه الإنسان تنمو طالما يتنفس ويعيش، واصفاً الترجمة بلحظة ترقب للروائي، ولقاء مع قارئ جديد، هذا ويُعد خالد النصر الله من أبرز الشباب المبدعين في الكويت، وقد ترشحت روايته «الخط الأبيض من الليل» عام 2022 إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية، ولديه أعمال إبداعية أخرى، فكان لصحيفة «البيان» معه هذا الحوار:

خالد النصر الله، تتقدم كونك روائياً بخطى رائعة، فكيف كانت بداياتك الملهمة؟

ربما هناك أكثر من بداية، ولع الطفولة بالقصص، مجلات ماجد وبسام وبطوط وسعد، أو الانتقال لقراءة كل ما يخص الكاتب أنيس منصور، أو البدء بكتابة تغطيات رياضية في المنتديات والمواقع الإلكترونية، التي نقلتني للعمل في الصحافة الورقية قبل أن أبدأ بكتابة أولى المؤلفات، أو ربما تلك الورشة، التي انضممت إليها في ملتقى الثلاثاء الثقافي، قبل ستة عشر عاماً، لا أدري، البداية شيء ربما يولد معنا.

ما أكثر القضايا الاجتماعية التي تهمك الآن، وتحاول طرحها في رواياتك؟

كل القضايا معرضة وقابلة للاهتمام، أحياناً تستمع إلى قصة ما، أو تتعرض لها بنفسك، تقرأ عن شيء ما، يحركك من الداخل يجعلك تهتم لأمرها، هناك قضايا عامة ربما من الأهم أن تكتب عنها في اللحظة، التي تشعر أنها بدأت تستفزك وتدفعك أو تجتذبك إليها.

عناوين أعمالك مميزة، «الخط الأبيض من الليل»، و«الدرك الأعلى»... حدثنا عن كيفية انتقائك لتلك العناوين؟

من المعروف أن هذه أصعب مرحلة على الإطلاق، ولا أظن ما أفعله يختلف كثيراً عما يفعله الآخرون، التفكير في العنوان طوال مدة كتابة النص، أحياناً تفلح في اختياره منذ البداية، وغالباً ما يتأخر حتى المنتصف أو بعد انتهاء كتابة العمل، ويتضمن ذاك وضع خيارات عدة، أعرضها على أصدقاء مقربين، لكن الحاسم في هذه المسألة هو هبوط العنوان في رأسك من مكان ما لا تستطيع رصده، وبشكل مفاجئ، وفي لحظة ليست حاشدة التفكير.

ما المصادر التي تلهمك ككاتب؟

كل ما تلتقطه حواسك يُعد مصدر إلهام، كل المشاعر التي تعتريك، كل فكرة تخطر في بالك، كل الناس من حولك، قصصهم، علاقتك بهم، سلوكهم وأخبارهم، كل أنواع القراءات التي تعبرها في رحلة الكتب.

كيف تستثمر اللغة الروائية يا ترى؟

اللغة تشبه الإنسان، تنمو طالما أنك تعيش، تتنفس وتأكل وتلعب، طالما أن هناك مِراناً مستمراً في فعل الكتابة والقراءة، يصحب ذلك إدراك وإمعان في المترادفات والمعاني، في مجانسة كلمة وأخرى، ويلزم أن تراقب تطورها من كتابة إلى أخرى.

هل تتوقع أن يؤثر الكتاب الإلكتروني (الاصطناعي) على صناعة الكتابة في المستقبل؟

نعم أتوقع ذلك، التنامي التكنولوجي السريع سيقودنا إلى مرحلة جديدة، مثلما أثرت في الصحافة والمجلات، أصبح اعتمادنا في قراءة الأخبار والمقالات والتحقيقات على الأجهزة الإلكترونية.

ماذا تقول هنا للكاتب الشاب المقبل على الكتابة من حيث ابتكارك لأحداث الرواية، وكيف تخطط لها؟

التخطيط الذي يسبق الكتابة يسهل عملية تنفيذها، وضع خطوط عريضة للعمل قبل الخوض في كتابته يسهم في وصولك إلى لحظة الختام، التأني واجب أساسي وشرط في الكتابة الإبداعية، لا تقع في فخ محاولة إنهاء العمل من أجل اللحاق بمعارض الكتب أو أية مناسبات وأسباب أخرى، كثف قراءاتك واختر تلك التي تضيف إلى مخزونك الفني واللغوي.

بين القصة القصيرة والرواية، ما الخطوات التي اتخذتها في كل منهما؟ خاصة في التفاصيل الإبداعية، التي تمنح العمل بُعداً جمالياً؟

القصة القصيرة أكثر صعوبة على الطرفين، الكاتب والقارئ، لأن القصة تعتمد على عنصر الحدث الراهن، ويمكنك إغفال الشخصيات والبيئة والزمان والمكان وغيرها من العناصر، الكلمة الزائدة في القصة تعتبر عيباً أساسياً، أما الرواية فهي تمنحك حرية أكبر في رسم كل العناصر وبتفاصيل حسب متطلبات النص.

ماذا عن ترجمة أعمالك؟

حتى اللحظة، أنتظر ترجمة رواية «الخط الأبيض من الليل» إلى اللغة الروسية والإنجليزية والفارسية، وهناك وعود بترجمتها إلى لغات أخرى، وهذا يمنحني لحظة ترقب مقبلة، ولقاء مع قارئ جديد، وكأنني كتبت رواية جديدة وأنتظر تفاعل القراء معها.

حدثنا عن عوالمك وطقوسك أثناء الكتابة؟

ليس ثمة طقوس محددة، أنا رجل لديّ وظيفة نظامية فترة الصباح، وأدير دار نشر للكتب العربية، وأخرى للترجمات، وأنا رب أسرة لثلاثة أطفال، بصراحة لا أملك ترف خلق الطقوس والأجواء، أية أوقات سانحة، في أية أماكن أستطيع أن أحتشد فيها للكتابة، سأكتب فيها، ربما الطقس الوحيد الذي يجب أن يتمتع فيه كل روائي هو الالتزام والمواظبة على الكتابة بشكل متواصل.