روايته «خبز على طاولة الخال ميلاد» فازت بالجائزة العالمية للرواية العربية 2022

محمد النعاس: سيرتي الذاتية متوزعة في الرواية على كامل الشخصيات

ت + ت - الحجم الطبيعي

يقودنا هذا الحوار مع المبدع القاص والروائي الشاب محمد النعاس، الذي سرد روايته «خبز على طاولة الخال ميلاد» بعد كل الذكريات التي شكلت فكرتها الإبداعية، وكأنها أتت من بهو الذاكرة، ومن تلك الشقوق السرية، ليؤسس الهاجس الذي انتابه ليروي، فتعلم كيف يخبز ليروي، وكيف يسأل الأسئلة بمكامنها التخيلية ليجيب، وكيف يدخل في روح كل إنسان مسحوق لتأسيس وجوده، حتى تم تخييل المجهول ليرويه من الواقع المعاش، فماذا يقول عن روايته التي كتبها، وعن العمل المقبل، وعن وطنه ليبيا... فكان لـ«البيان» معه الحوار التالي:

روايتك الرائعة «خبز على طاولة الخال ميلاد»، الفائزة بالجائزة العالمية للرواية العربية 2022، حدثنا عنها كيف بدأت معك وكيف انتهت؟

بدأت القصّة في لحظة تجلٍّ لمثل شعبي يقول «عيلة وخالها ميلاد» سمعته مراراً دون أن أتمعّن فيه، تلك الليلة من شتاء 2018 جاءني المثل وحده، ولأول مرة أفكر في الشخصية المحورية التي يدور حولها، ومن تلك اللحظة بدأت رحلة من الإخفاقات المتكررة مع الرواية حتى تعلّمت الخبيز، في اللحظة التي بدأت فيها خبز أول رغيف لي، انفتحت الشخصية وعالم الرواية بأكمله أمامي، وصارت سهلة.

ولم أتوقف حتى انتهيتُ منها. أما كيف انتهت؟ لا أعلم الحقيقة، ولكن ربما أجيب بسؤال آخر: هل ينتهي الكاتب من كتابة عمل له حقاً؟ حتى اليوم أفكر في حكايات وتفاصيل كان عليَّ إضافتها في الرواية.

بعد الفوز وانتشار الرواية، اتهمك البعض بأنك صادم للمجتمع، على الرغم من أنها رواية عميقة برأيي، فكيف ترى ذلك؟

رأيي أن العمل الروائي الذي لا يملك مشهداً واحداً لا يزلزل مشاعر القارئ بأي طريقة كانت هو عمل ناقص، كما أن الواقع، في أغلب الأحيان، أكثر صداماً من الخيال.

جاءت الرواية صادمة للبعض، أو الكثيرين، فقط لأنها كانت تنقل واقعاً ما، واقعاً قد لا يحب بعض القراء وجوده على صفحات كتاب، وهو من حقّهم بالطبع، علينا أن نفهم أن الكِتاب مثل الموسيقى، هو مجرد عمل فني قد يروق لأناس ولا يروق لآخرين.

ما نصيبك من سيرتك الذاتية في متن رواياتك؟

الكاتب الشجاع هو من يكتب سيرته الذاتية بكل صدق دون تزيين، كما فعل محمد شكري وغيره، أما الكاتب الخائف، فهو الذي يستعين بالخيال. سيرتي الذاتية متوزعة في الرواية على كامل الشخصيات، لا على ميلاد نفسه، بل في عبد السلام والمادونّا أيضاً، إذ إن كل الشخصيات يرسمها الكاتب من خلال ما عاشه، حتى وإن كانت تلك الشخصية ضفدعاً.

هل أنت من النوع الذي يطرح التساؤلات في سرده، أم لديك الإجابة المقنعة سلفاً؟

في العادة لا أبحث عن الإجابة عندما أكتب أي نص، بل أبحث عن السؤال، رواية «خبز على طاولة الخال ميلاد» لا تملك أية إجابة لأية قضية، بل تطرح مجموعة من التساؤلات، وللقارئ في النهاية تأويله الذي يولّد منه الإجابات.

الوطن بوصفه حباً لا مثيل له، كيف أصبح يتجلى لك في الرواية التي كتبتها؟ وما المشروع القادم؟

أنا مهووس بليبيا، لا بوصفها وطناً فقط، بل بوصفها المكان الذي شكّل تاريخي الشخصي ومعتقداتي وطريقة تفكيري ونظري للعالم؛ ولهذا عندما أكتب، أجعلها محوراً أساسياً لعوالم مشاريعي حتى أفهم كيف صار الإنسان الليبي، ومنها كيف صرتُ أنا.. أنا على ما هو عليه.

مشروعي القادم هو رواية أخرى تدور أحداثها في العالم نفسه الذي دارت فيه أحداث «خبز على طاولة الخال ميلاد»، سيكون بطلها الغائب الحاضر هو المخرج «لطفي الملوي» ابن خالة عبدالسلام، وعودته إلى الوطن.

متى تكتب وأين؟ أو دعنا نقول: متى تنصت لعزلتك وانتصاراتك وخساراتك؟ حدثنا عن طقوس الكتابة.

أحاول دائماً الكتابة يومياً، أشعر بأن الزمن لا يكفي لكتابة كل ما أود كتابته، ولهذا أجلس يومياً للكتابة، ولو لعشر دقائق، هذا التدريب ينسف الحاجة إلى العزلة والطقوس، إذ يجبرك على خلق عزلتك، بالطبع الأمر لا ينجح دائماً، هناك إخفاقات كثيرة من قبيل أن تظل متفحصاً الشاشة البيضاء أمامك دون أن تخرج من بين يديك ولو كلمة واحدة.

ولكن المهم أن تبقي نظرك على الشاشة. تجدر الإشارة إلى أن محمد النعاس (31 سنة) كاتب ليبي يكتب في الصحافة العربية والعالمية، ومن أهم أعماله: مجموعة قصيرة بعنوان: «دم أزرق» 2019، ورواية «خبز على طاولة الخال ميلاد» 2021، ومجموعة قصصية بعنوان: «مكان لا تجوبه الكلاب» 2023. وحاز جائزة الرواية العربية العالمية 2022 عن روايته «خبز على طاولة الخال ميلاد».

 

Email