خلال جلسة حوارية في «مساحتكم عبر البيان»:

دبلوماسية الإمارات الثقافية.. قوة ناعمة نبضها تقارب الحضارات وخير الإنسانية

ت + ت - الحجم الطبيعي

«تناغم الشعوب ولقاؤها ورفاهيتها بموازاة استقرار وأمن عالمنا، أهداف وغايات أساسية تشكل جوهر استراتيجيات عمل الدبلوماسية الثقافية لدولة الإمارات العربية المتحدة، والتي أثمرت جملة مشروعات ومبادرات ثرية تصون حضارات البشرية وتحمي تراثها، مجسدة بهذا رؤى وتوجيهات قادة الدولة». هذا ما أكدته خلاصات نقاشات المشاركين في جلسة «مساحتكم عبر البيان» على «تويتر space» والتي نظمتها «البيان»، أول من أمس، تحت عنوان «دبلوماسية الإمارات الثقافية.. قوة ناعمة نبضها تقارب الحضارات وخير الإنسانية»، حيث جمعت نخبة دبلوماسيين ومسؤولين ومتخصصين من داخل الدولة وخارجها، إذ استشهدوا بمجموعة خطوات محورية اتخذتها الإمارات في هذا الخصوص، وفي مقدمتها إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، عن تشكيل مجلس القوة الناعمة لدولة الإمارات سنة 2017، بهدف ترسيخ مكانة الدولة إقليمياً وعالمياً وزيادة معرفة شعوب العالم بها وتعزيز تقارب الشعوب.

شارك في الجلسة، كل من: الدكتور مطر حامد النيادي سفير دولة الإمارات لدى الكويت، علي عبيد الهاملي، مدير مركز الأخبار في مؤسسة دبي للإعلام، الدكتور محمد كامل المعيني رئيس المعهد الدولي للدبلوماسية الثقافية في دبي، الدكتورة فاطمة الصايغ، كاتبة وأستاذة في جامعة الإمارات العربية المتحدة، إيمان اليوسف كاتبة إماراتية ومتخصصة في الدبلوماسية الثقافية، فيصل سلمان الحويل، مستشار ومختص بالقوة الناعمة والدبلوماسية العامة (السعودية). وأدارت الجلسة الإعلامية في مؤسسة دبي للإعلام نوفر رمول.

واستعرض المشاركون، ضمن حديثهم عن أهم مقومات وقواعد الدبلوماسية الثقافة والقوة الناعمة للدولة، وعبروا عن ماهيات وقيمة إطلاق الإمارات لاستراتيجية القوة الناعمة التي تعتبر خطوة تاريخية في الإمارات والمنطقة، مشددين في محاور حديثهم في الجلسة، على أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مؤسس الدولة، أرسى هذا النهج والمفهوم من خلال عدة مبادرات، حيث سارت عليه وكرسته وتكفلته بالرعاية والتطوير، قيادة دولتنا الغراء. كما حددت نقاشات الجلسة، جوانب تفصليلة في مفاهيم وميزات الدبلوماسية الثقافية في الدولة، واصفين إياها بأنها عميقة متقنة وكفيلة بالقدرة على الوصول إلى عقول البشر، في كل دول العالم، وتقديم الفكر المتنور والمبادرات الجاذبة وكسب العقول والإبداع والابتكار والإنتاج، عبر القوة والعودة إلى الجذور ومن ثم استراتيجيات التسويق وخلق مساحة مشتركة.

قصص النجاح

الدكتور مطر حامد النيادي، قال في حديثه بالجلسة: «إن الدبلوماسية الثقافية كانت وتبقى إحدى المبادرات والبرامج الرئيسية التي أصبحت جزءاً من العمل الدبلوماسي لدى سفارات الدولة في الخارج، وباتت جزءاً لا يتجزأ من مهامنا اليومية. وفي هذا السياق، حققت سفارة الإمارات في دولة الكويت الشقيقة، نجاحات مهمة جسدت معها رؤى قادتنا الكرام في شأن تعزيز رسالة دولة الإمارت الحضارية والثقافة والإنسانية، على صعيد منطقتنا والعالم أجمع، فعلى سبيل المثال، تمكنا، وخلال فترة جائحة كورونا، من تعزيز الانشطة الثقافية والتواصل المعرفي عبر السبل الممكنة، حيث أقمنا في رمضان 2021 أول ندوة عن الديوانيات في دولة الكويت الشقيقة وعن المجالس الرمضانية في الإمارات، وساعدت هذه الحلقات النقاشية التي كانت بمشاركة مختصين من البلدين في الإضاءة على سمات وتميز علاقة الإمارات والكويت وخصوصية العلاقة الجوهرية والثرية التي تربط مجتمعي البلدين». وأكد النيادي أن الإمارات أرض الفرص وواحة الخير وتلاقي الثقافات، كما أن قصص النجاح في مختلف الجوانب ضمنها، تجعلها جديرة بأن تسمى أرضاً للأحلام التي يطمح الجميع للعيش والإقامة فيها والإسهام في مسيرة التنمية.

وتابع: «تميزت الإمارات بالعمل الخيري، وهو ما أبرزها كدولة تسعى دائماً للخير، موظفة مبادراتها تلك لدعم الشعوب ونشر المحبة والسلام. وقد أدركت دولتنا مبكراً أهمية الدبلوماسية الثقافية ومفردات القوة الناعمة، لتقديم صورة واقعية وحقيقية عن مجتمعنا. إننا في دولة الإمارات، نتميز بتعاضد مجتمعنا وبتجانسنا ونفاخر بإقدامنا على الأفكار والمشاريع الابتكارية والخيرة، واستشرافنا للمستقبل والتجديد وكسر الروتين وتقبل الآخر، وهذه معايير نتفرد بها بحق وهي التي تكتب كقصص نجاح نروجها وننافس بها».

العمل الثقافي

بدوره، لفت علي عبيد الهاملي إلى أن دبلوماسية الإمارات الثقافية تأتي في إطار القوة الناعمة وقيادة الإمارات بحد ذاتها قوة ناعمة بما لها من مكانة مميزة بين قيادات العالم. وقال: «عندما نتحدث عن القوة الناعمة وهي ذات جوانب كثيرة ومتعددة، نبدأ بالدبلوماسية الثقافية والفنية والرياضية الناعمة لدولة الإمارات التي قامت على المحبة والتسامح والتضحية وعلى البذل والعطاء من قبل الآباء المؤسسين وشعب الإمارات الذي عاش وشارك في بناء هذه الدولة قبل 50 عاماً على خلاف الكثير من الدول التي قامت بعد حروب وصراعات». وأضاف: «قامت دولة الإمارات على المحبة والعطاء والتسامح والتضحية هذه الروابط القوية التي جمعت بين أبنائها، والدبلوماسية الثقافية قائمة على محاور رئيسية كبيرة مثل معارض الكتب، إذ نجدها دولة رائدة في إقامة معارض الكتب الكبيرة، وضيفة دائمة لمعارض الكتب العالمية في الخارج، وكذلك نجدها موطناً للعلم والمكتبات وكان آخرها مكتبة محمد بن راشد التي افتتحت أخيراً، وتمثل هذه المكتبة الدرجة الأولى من القوة الناعمة وتستقطب الكثير من الرواد من داخل الدولة وخارجها». وتابع: «إن الدولة اهتمت بالمتاحف، مثل اللوفر أبوظبي، وهو الفرع الوحيد الذي أقيم خارج فرنسا، كما يمثل آرت دبي، ودبي أوبرا جزأين مفصليين من القوة الناعمة، وكذلك معرض «إكسبو 2020 دبي».

دبلوماسية الجمال

وعرف الدكتور محمد كامل المعيني أهمية ومفاهيم الدبلوماسية الثقافية: «باعتباري أحد الدارسين والمتخصصين في حقل العلوم السياسية وحضرت المحاضرات والمؤتمرات الدولية في هذا الجانب، وجدت أن جانب الدبلوماسية الثقافية عضد وجوهر الحياة في دولة الإمارات العربية وفي سياساتها وعلاقاتها، ومن المؤكد أن هذا الميدان في الدولة يوفر الارتقاء بفاعليتها أكثر وأكثر في ظل ما نمتكله من مقومات نوعية في هذا المجال، فعناصر القوة الناعمة تقوم بعملية التأثير الجذري على أكمل وجه، وتجعل من الدولة نموذجاً يحتذى به».

ثم انتقل للحديث عن رؤى وأنشطة معهد الدبلوماسية الثقافية في دبي قائلاً: «تبنينا في معهد الدبلوماسية الثقافية في دبي، مفهوم عملية تبادل المعلومات والنظم والمعتقدات وغيرها من جوانب الثقافة للوصول للتفاهم المتبادل، فهناك نوع من التكامل والارتباط الجوهري بين الدبلوماسية الثقافية والدبلوماسية الرسمية، خاصة وأن الأولى تضم جميع الجوانب الحياتية، وعلى رأسها الفكرية والمجتمعية والرياضية والثقافية والسياحية، وركزنا على موضوع جديد وهو دبلوماسية الجمال فمن خلال الفكر الجميل تستطيع أن تجذب الآخرين ومن ثم بناء جسور من التواصل». وأضاف: «أقمنا مؤتمرين داخل الدولة ونظمنا مؤتمرات خارجية ونوعاً من الاتفاق مع بعض المؤسسات الخارجية لتعزيز برامج عمل دولتنا في هذا الحقل».

تمكين الإمارات

وقالت الدكتورة فاطمة الصايغ: «أدركت الإمارات منذ قيام الاتحاد بأن القوة ليست هي القوة العسكرية فقط، بل هناك دعائم قوة أخرى ممكن أن تُمكن الإمارات وتعزز مكانتها ودورها، بين دول العالم، وعلى رأسها الدبلوماسية الثقافية». وتابعت: «لن ننسى أن ثقافة «السنع» الإماراتي الشعبي والرسمي القائم على الخير والعطاء، وهو ما مكن الدولة منذ بداية ولادتها وخلال الخمسين سنة الماضية وحصن تفوقها، فاستطاعت أن تبني أدوات أخرى مثل الثقافة التي تمتلك مقومات عدة منها التسامح، وهو ما جعل للإمارات مكانة في قلوب البشر بين دول العالم جميعها».

وأكدت أن الإمارات مهتمة بالتراث الإنساني ككل وتعتبر الإمارات حامية وحافظة للتراث الإنساني محلياً ودولياً لتكريس ما يسمى لقاء الحضارات. ولفتت إلى وجود مؤسسات تضع برامج للشباب لصنع المستقبل، مثل مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية التي وضعت برنامجاً لإشراك جيل الشباب بهدف الاهتمام برفع الوعي الثقافي.

وجهة عالمية

«إن القوة الناعمة تواصل مع العامة لتحقيق أهداف السياسة الخارجية، بالتالي اختلفت قواعد اللعبة وأصبح التواصل مع الشعوب أهم بمراحل من التواصل الرسمي مع عدم التقليل من أهميته، لكن تواصل الشعوب، أصبحت لها أهميتها عبر الفنانين والممثلين وغيرهم، والدبلوماسية الثقافية واحدة من ركائز القوة الناعمة» بهذه الكلمات بدأ فيصل الحويل، حديثه خلال الجلسة.

وتابع: تتميز الثقافة عن غيرها، بأنها من الناس وإلى الناس، والشعوب تحب ما يلامسها، وخلال «إكسبو 2020 دبي» تنافست الدول على عرض ثقافتها. وحسب رأي الحويل فإن نجاح الدبلوماسية بتعاون المنظمات العالمية مع الدولة ولا يمكن نشر الثقافة دون التعاون مع هذه المنظمات مثل «اليونسكو» الغنية بمجالات الثقافة والتعليم والعلوم. وأشار إلى أن الإمارات وجهة من الوجهات التي يقصدها الناس، حيث تميزت الإمارات بمجال الطيران الذي لا يستهان به بمجال الدبلوماسية الثقافية.

قصة الوطن

وأكدت إيمان اليوسف، أن الدبلوماسية الثقافية موجودة كممارسة بين الحكومات والأفراد والمؤسسات منذ مئات السنوات، بطريقة الممارسة الحالية وبدأت بعد الحرب العالمية الثانية خلال الحرب الباردة بطريقة الممارسة الحالية. وتابعت: «القصة الحضارية وروح العمل الثقافي الشيق والفعل في تأثيره جوهرا ومكمنا تميز دولة الإمارات في هذا الحقل. إذ تعتبر القصة من أهم الأمور في الدبلوماسية الثقافية. ومن المؤكد أن قصة الدبلوماسية الثقافية ومضامينها لدى دولة الإمارات، غاية في الفرادة إذ تروي جماليات وعظمة دولة الاتحاد منذ النشأة وفي مراحل التطور المتواصلة. وأضافت: إن تجربة دولة الإمارات فريدة من نوعها، فهي دولة قامت على دعائم المحبة والخير والجمال والتسامح، وهذا ما يميز نهج دبلوماسيتها الثقافية التي تستمد رونقها من مضمون قيم هذه الدولة. وتابعت: «عرف العصر الحالي المنصة الفردية، التي تعتبر أقوى أحياناً حتى إعلامياً إذ يمكن لأحد الشباب أن يكون سفيراً لوطنه من خلال قناة على يوتيوب أو حساب على مواقع التواصل الاجتماعي».

كما استشهدت اليوسف بالجائزة العالمية للرواية العربية كوجه من أوجه الدبلوماسية الثقافية، وبينت أنه «لا يكون تأثير إلا إذا كان نابعاً من الهوية ومن التراث، وفكرة الاهتمام باللغة العربية والترجمة».

ميثاق

أشار علي عبيد الهاملي إلى أن العمل الثقافي يتوزع على كل إمارات الدولة وتأسس فيها بشكل أهلي قبل أن يتأسس بشكل رسمي. ونوه الهاملي إلى وجود ميثاق غير مكتوب بين المقيمين على أرض الدولة سواءً مواطنين أو غير مواطنين يتفق على عدة مبادئ نبضها تمثيل الدولة على أحسن الصور وأصدقها، فالكل حريص على إبراز الوجه الجميل لهذه الدولة والجوانب الإيجابية فيها.

Email