الراوي

مريم اليماحي.. سيدة حكايات التوابل والبهارات

ت + ت - الحجم الطبيعي

الراوي، زاوية تبرز الرواة ممن توارثوا مهارة السرد ونقل المضامين من الذاكرة إلى الواقع، وذلك عبر المجالس والاجتماعات والفعاليات، متناولين التراث المحلي الإنساني عبر السنوات أباً عن جد، ومعالجين عدداً من القضايا الاجتماعية، ليسلطوا الضوء على التراث والشخصيات والقبائل، خاصة أن لكل منهم أسلوبه المميز للحديث عن الأماكن والقبائل. وفي الشعر والقصص والمواقف البطولية، يعتبر الراوي الذاكرة الحية التي تضيء لمن أُشكل عليه أمر أو معلومة ما، وهو المعلم في مجال سرد المعلومات التي تناقلتها الأجيال. ليكون الراوي بذلك الوجهة التي يقصدها الباحث للحصول على أصل المعلومة، فضلاً عن الجهات الرسمية التي تقصده في مناسبات كثيرة لذات الهدف، ولكن اليوم ومن هنا نتوجه للرواة لنقدم نبذة عن حياتهم؛ توثيقاً لسيرة مختصرة عن كلٍ منهم، تكريماً لهم ولدورهم الإنساني.

 

بين عبق العود ورائحة البهارات كبرت مريم أحمد عبدالله اليماحي، وهي من مواليد دبا الفجيرة، حيث استقر عبق الأيام المفعمة بحب التعلم وممارسة ما تفعله الأمهات في ذاكرة مريم وهي طفلة، فتعلمت معظم الحرف اليدوية التي تتقنها الأمهات ومنها التعرف على البهارات أو التوابل، وكانت أجمل اللحظات تلك التي تجلس فيها إلى جوار أمها في عمر الثامنة، إذ كانت تعمل على مساعدة الأم لتتعلم منها صنع البهارات.

من هنا بدأت حكاية مريم اليماحي مع مزج البهارات لتصنيع (البزار) وهي عملية تبرز من خلالها مهارة كل فتاة عن أخرى من حيث سر الخليط، ولكل فتاة أسرارها التي أخذتها من أمها أو جدتها، وفي عمر العاشرة كانت اليماحي تجيد صنع البزار الخاص بها وتروي تجاربها لقريناتها الصغيرات، ثم بدأت في تسويق منتج العائلة، ووجدت طلباً خاصةً في شهر رمضان، وأتيحت لها الفرصة لعرض منتجاتها وأيضاً لتقص حكاية التوابل والبزار مدة أسبوعين في دبا الفجيرة، وأيضاً في مهرجان الذيد للرطب، حيث تمنح الحرفيات أركاناً خاصةً لبيع منتجاتهن وللراوية مريم اليماحي حصة في تلك المشاركات، وأيضاً من أهم مشاركاتها تلك التي تتحدث فيها عن التراث والحرف والعادات الخاصة بالبهارات.

شاركت خلال أيام الشارقة التراثية ولمع اسم مريم اليماحي وهي تتحدث هناك للرواد عما ورثته من مهارات، وتجد الفرصة في المهرجانات لعرض البزار الإماراتي، وتخبر زوار المهرجانات حول تجاربها والبهارات، وكيف تنتقي ربة المنزل التوابل الصحيحة، وتذهب بها للمنزل لتقوم السيدات أو الفتيات في الأسرة بعملية التنقية من أي مواد لا بدّ أن تزال، ثم عملية غسل التوابل، لتأتي بعد ذلك مرحلة التجفيف تحت الشمس، ثم التحميص.

وتروي اليماحي لزوار الفعاليات في الدولة أسراراً تخص المقادير والنكهات، وتعرّفهم على البزار الإماراتي وأنواعه، فضلاً عن أنواع العود والبخور الذي أيضاً تصنعه وتتحدث عن أسراره خلال مشاركاتها، لأن كل ذلك من ضمن أسرار المرأة الإماراتية والتي لا تخفيها بل تفخر بها.

Email