رواد الفنون الشعبية يدعون إلى توثيق الموروث

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تمثل جمعية دبي للفنون الشعبية منذ تأسيسها في سنة 1974 منبراً ثقافياً ملهماً للتنوع الموسيقي والفن الشعبي الإماراتي وإيقاعاته، والتي تحمل عنفوان البحر وثبات الصحراء وبهجة الواحات ورسوخ الجبال الشامخة، لتنتقل أنغامها وكلماتها الملحمية عبر حناجر أبنائها المبدعين إلى عالمية المشهد، وبيان الاستمرار عبر الأجيال صوناً لها من الاندثار، الذي يُخشى منه نظراً لغياب المؤدين والحفظة من جيل الشباب بمساندة آباء المهنة، الذين يدعون إلى عودة مهرجان الفنون الشعبية الإماراتية انطلاقاً من إمارة دبي.

وفي السياق، يؤكد الفنان وعازف المزمار الوالد درويش محمد أن الموسيقى الشعبية جزء من التراث الشعبي لدولة الإمارات، فالرقصات والأشعار والأهازيج والأغاني الشجية لا تمارس من دون دوافع، بل ترتكز على أصالة ابن الإمارات، فكل وصلة أو شلة غنائية تمثل قصة ابن الإمارات واعتزازه المستمر بنفسه وبيئته، وتوضح ارتباطه الوثيق بتاريخه وهويته الخليجية والعربية.

ويضيف الوالد درويش محمد: ما نحفظه من ذاكرة الفنون الشعبية، التي انتقلت لنا عبر الجيل الذي سبقنا من الممارسين للفنون الشعبية، بات مهدداً بالاندثار نظراً لعدم وجود جيل جديد يحمل رسالتنا ويحفظ عنا أكثر من 3000 لحن وأغنية من التراث الشعبي الإماراتي الذي يختلف باختلاف المنطقة أو البيئة، كما ترصد مراحل مختلفة من تاريخ الإمارات في المناسبات والأحداث المهمة.

ويقول الوالد درويش محمد: لم نفقد الحماس أو الرغبة في تدريب ونقل هذا التراث لجيل اليوم والأجيال المقبلة، ولكن ما يشعرنا بالقلق تناقص عدد المؤدين الحاليين من جيلنا لظروف الوفاة أو المرض أو بفعل عامل السن، وهو ما يحملنا الكثير من المسؤولية في سرعة إيجاد حلول عملية لتوثيق هذا الإرث الكبير من الموروثات الشعبية الاستثنائية، التي ما يزال الكثير منها حبيس ذاكرتنا نحن أبناء المهنة فقط، نسترجعها في ما بيننا كي لا نفقد بريق كلماتها ونغم معانيها الأصيلة.

 

توثيق الموروث

ومن جانبه، أكد الفنان عبدالله صالح أمين السر في جمعية دبي للفنون الشعبية أننا بحاجة ماسة اليوم إلى توثيق مسيرة وتاريخ هؤلاء الفنانين الكبار في مجال الفنون الشعبية في الإمارات، إلى جانب توثيق إرث الرقصات والأشعار والأهازيج والأغاني الشجية، وذلك لأن رواد الفن الشعبي من أمثال درويش محمد وحسن لاغر أشخاص مبدعون لكل ما نراه ونسمعه من موروثات شعبية، ولكنهم يبقون مجهولين وغير معروفين، ولا يتم ذكرهم حتى من قبل معاصريهم ذلك لأن كل راوٍ أو مؤدٍّ يحذف من النص أو يضيف إليه لتشويق جمهوره أو بما تقتضيه ظروف المحيط البيئي والزمن، وبذلك يشارك المجموع في تطوير الموروث الشعبي.

ويوضح صالح: تعد الفنون والأغاني الشعبية الإماراتية نمطاً من أنماط التفاعل الاجتماعية، وترسيخاً للعادات والقيم المتوارثة، في مختلف المناسبات والأحداث التي تقع في محيط الحياة اليومية، ولذا كانت الفنون الشعبية وما يرتبط بها أو ما تسجله من عادات وتقاليد من الملامح للتراث الحضاري للمجتمع. ولم تنبع الفنون الشعبية من فراغ، بل نتاج التفاعل بين الأفراد والجماعات والبيئة المحيطة.

 

مشاركات عالمية

وعن أهمية حفظ التراث الشعبي للفنون الإماراتية، يقول الفنان،الوالد حسن لاغر: إن مشاركتنا العالمية، التي تزيد على 200 مشاركة في مناسبات مختلفة على مستوى الوطن العربي والعالمي، كانت جزءاً من ثقافة التواصل الحضاري التي طالما كانت وما زالت الإمارات تسعى إلى تعزيزها للتعريف بالعادات والتقاليد والموروث كذلك، وكنا نقوم كفرق كثيرة في ذلك الوقت بأداء صنوف من هذه الفنون التي تنقسم إلى 4 أقسام فمنها البحرية والبدوية والسهلية والجبلية وكل واحدة منها مختلفة عن الأخرى.

 

انحسار المؤدين

ويشير الوالد لاغر: كانت تلك المهرجات والفعاليات العالمية بوابة انطلاق ثقافة الفنون الشعبية الإماراتية، وتعبيراً عن خصوصية هويتها التي نمت عبر الأجيال، وأضم صوتي إلى صوت أخي درويش محمد بضرورة استثمار ما تبقى من فنانين شعبيين، وقد باتوا يعدون على أصابع اليد الواحدة، في مجال تدريب وتكوين فرق شبابية تحمل رسالة ذلك الجيل القائمة على الفرادة والتنوع.

Email