خياطة الفريج فنون التطريز والحياكة

ت + ت - الحجم الطبيعي

الملابس لها جذور تاريخية عند البشر منذ أن خلق الله تعالى آدم عليه السلام وأنزله إلى الأرض، خلال تلك المدة تطورت ملابس الإنسان، وخياطة الملابس ترتبط بالحشمة، فلا يمكن أن يعيش الإنسان عارياً مثل الحيوانات، ومع وجود الإنسان وتطوره فقد عمل على تطوير استخدامه للملابس التي يرتديها على جسمه من أوراق الشجر وريش الطيور التي يستر بها عورته إلى الجلود التي يرتديها ثم إلى الأقمشة التي اهتدى إليها أثناء سعيه المتواصل لتوفير حاجاته الأساسية من مشرب وملبس ومأكل.

ونتحدث اليوم عن خياطة الفريج وما يرتبط بها من فنون التطريز والحياكة والأدوات التي تستخدم في ذلك الوقت، وفي الإمارات العربية المتحدة دلّت المكتشفات الأثرية على أن خياطة الملابس ليست وليدة العهد، لكنها قديمة جداً ترجع إلى 7000 سنة تقريباً، حيث كان الإنسان في العصور القديمة يرتدي قطعاً معينة من الجلود والقماش.

وتطورت خياطة الملابس خلال القرون الماضية بدءاً من الخياطة بالإبرة إلى الآلة وهي (الكرخانة)؛ ماكينة الخياطة التي استُخدمت بعد ذلك في خياطة الملابس، وبما أن الملابس وخياطتها مرتبطة بالمرأة إذاً هي المسؤولة عن خياطة وتجهيز الملابس، وقد تطورت الخياطة المحلية لملابس الرجال والنساء والأطفال بتطور حياة الإنسان في الإمارات، وأصبحت النسوة في الإمارات متخصصات بهذه الحرفة التي تُعتبر من الحرف اليدوية الجميلة التي امتهن بها، ولعلّنا نذكر أشهر الخياطات في إمارة رأس الخيمة على سبيل المثال، وهُن: مريم وسعيدة بنتا العيان، شيخة بنت محمد (زوجة الأبلم)، وموزة بنت محمد بن جمعة، وهؤلاء من النسوة اللواتي اشتهرن في الفرجان المحلية بخياطة الملابس بأنواعها المختلفة، ومن الأدوات التي استخدمنها أدوات القياس مثل «الذراع والشبر والفتر»، حيث لا توجد أدوات قياس، إنما تستخدم اليد والذراع في تحدي القياس مثل الطول والعرض، والرجال كانوا يُحضرون كندورة مثلاً وتقوم الخياطة بأخذ القياس منها.

أدوات الخياطة تمثلت في الإبرة والهدب أو الخيط، ويتم جلبه عادةً من الهند على شكل رول ويطلق عليه اسم مطوى، وهناك فنون مهارية تقوم الخياطة بممارستها مثل تطريز الملابس ونقشها أو استخدام الزري، والتي هي عبارة عن خيوط من الحرير الأصفر اللماع تُحلى به الملابس، ويعتقد أن اللفظة فارسية مُشتقة من كلمة «زر» وتعني الذهب، وقد كانت تُطرز الملابس بالزري فيُقال «ثوب مزرّاي»، وأما الخوار الذي كان يُزين صدر الثوب هو تطريز بالإبرة والخيط، والتّلي والذي يعتبر نوعاً من النسيج تستخدم فيه أنواع من الخيوط المُلونة الصفراء والحمراء والذهبية إلى جانب خيوط القطن أيضاً، وتجري عملية النسيج باستخدام أداة تُسمى (كجوجة) وهي عبارة عن شكل من المعدن مخروطي وفي أعلاها «موسدة» دائرية تلف عليها خيوط الزري التي تتدلى في عددٍ من المطاوي ذات الألوان المختلفة وتتفنن المرأة التي تنسج التلي في تشكيل البادلة، وتلي البتول الذي يستخدم في الثوب.

تضع الخياطة أدواتها التي تستخدمها في خياطة الملابس مثل المقص في قُفة من سعف النخيل، وقد تطورت عملية الخياطة منذ الخمسينيات عندما استخدمت «الكرخانة» في خياطة الملابس بدلاً من الإبرة التي ظلّت تستخدم بعد ذلك بشكل محدود في الأشياء البسيطة.

كانت النساء يجتمعن في أحد البيوت ويقمن بالخياطة أو تقوم كل واحدة بعملها في منزلها ولكل فريج في الفرجان الإماراتية القديمة نساء يمارسن الخياطة يأتي الأهالي إليهن لخياطة ملابسهم، وكانت مجالس الخياطة منتشرة في الفريج (يقيطن ويبخن).

يتم وضع الملابس قديماً في الشت الذي يُجلب من البصرة وتتم صناعته من الخيزران وسعف النخيل، ويعتبر الشت بمنزلة خزانة للملابس مثل (الكبت) وإلى جانب خياطة الملابس اشتهر بعض الرجال في ترتيب أو (تجبين) خياطة البشوت، وكان أشهر الرجال في إمارة رأس الخيمة ممن يقومون بهذا العمل سلطان بن حميد بن عدي وحسن بن علي الزعابي والبشوت مفردها بشت وهي العباءة التي يرتديها الرجال، ومنذ ظهور المحال التجارية وتدفق بعض الأقوام من إيران والهند تطورت الخياطة في الإمارات وانتشرت في محال الخياطة الرجالية والنسائية واختفت خياطة الفريج، وذكريات زمان أول.

Email