الإثمد.. كحل العيون خزينة الليل وزينة النهار

ت + ت - الحجم الطبيعي

الإثمد نوع من أنواع الكحل، وهو أجودها، ويوجد بكثرة في الحجاز والمغرب وأصفهان، وغيرها من المدن، وهو في الأصل «حجر» أسود يميل إلى الحُمرة يُدق ويُصنع منه كحل للعين.

ولمعرفة معلومات عنه بشكل أشمل فقد قُمنا بلقاء الراوية (أمينة بنت خميس الشميلي) من إمارة رأس الخيمة، وهي تابعة لجمعية شمل للفنون والتراث الشعبي والمسرح، وقد حدثتنا عن الإثمد وفوائده وطريقة صناعته قديماً، حيثُ إنه يعتبر حرفة من الحرف اليدوية التي اختصّت بها النساء قديماً، وفي بداية حديثنا معها قالت: يقول المتوصف (الإثمد في الليل خزينة وفي النهار زينة).

ومن فوائده أنه ينفعُ العين ويُقوّيها ويشد أعصابها ويحفظ صحتها، ويذهب اللحم الزائد في القُروح ويُدملها ويُنقِّي أوساخها، وكانت النساء قديماً يضعنه في (سِر) المولود الصغير بعد ولادته حتى لا يدمي السِر فهو يعتبر علاجاً مفيداً جداً حتى لا يتعرض سِر المولود للتعفن، ومن فوائده أيضاً قالت لنا الراوية: إنه يُذهب الصداع إذا اكتحل المرء به.

مناسبات

الكحل من أنواع الزينة التي تتزين بها المرأة، وقد استخدمت النساء هذا النوع من الكحل في الأعراس والمناسبات مثل العيدين والعزائم لإظهار زينتهن أمام بعضهن البعض، حيثُ إنه يُضفي عليهن جمالاً عُرفن به بين الجميع.

الإثمد يميل إلى الإحمرار وله خاصية تقوية البصر كما ذكرنا آنفاً، ويستحب استخدامه للرجال والنساء، إلا أنه لا ينبغي للرجال استعماله إذا قُصد به الزينة.

وعند سؤال الراوية (أمينة الشميلي) عن طريقة صناعة الإثمد؟ قالت: يوضع حجر الإثمد مع ماء زمزم في وعاء، ويتم تغطيته لمدة 21 يوماً، وبعد انقضاء المدة يتم إخراجه من الوعاء وتنشيفه جيداً.

ومن ثم يوضع في (المْنحاز) الهَاون ويُدق جيداً حتى يصبح ناعماً تماماً، ثم يوضع في (المسحنة)، ويتم سحنه حتى يصبح أنعم فأنعم، ولا بدّ أن يكون كذلك، لأنه لو لم يكن ناعماً لا يصح وضعه في العين، ولا يصلح للتكحيل أبداً؛ لأنه سيؤدي إلى جرح العين وأذيتها، وبعد «سحن» الإثمد تقوم المرأة بإحضار وعاء (ملّه) تُغطيه بغطاء رأسها «وقاية» وتربطه جيداً من الأسفل وتضع الذي «سحنته» فوق الغطاء وتقوم بتحريكه حركة دائرية حتى ينزل الإثمد الناعم في «المَلّه» ويبقى الخشن فوق.

وتقوم بعد ذلك بإعادة سحنه ثانيةً وتكرار العملية حتى تتوفر لها كمية وفيرة من الإثمد الناعم، وعندما يصبح جاهزاً لديها تقوم بإحضار «المضارب» الصغيرة التي تكون قد جهزتها فتعمل على تعبئتها بالكحل، ويتم تسكيره جيداً حتى لا يتعرض للرطوبة، وبهذا يكون الكحل جاهزاً للاستعمال بعدها.

جودة

وعن عملية بيعه قالت: تتم عملية بيعه بعد ذلك بين النساء ويتم التَكحل به باستخدام (المراود) المصنوعة من الصدف الأملس، حيثُ إنها تكون آمنة على العين ولا تجرحها. وقالت لنا أيضاً إن السعر الذي كان يُباع به الكحل (آنتين أو ثلاث) وهي العُملة التي كانت متداولة سابقاً في المنطقة، ويُعدّ باهظ الثمن على البعض في ذلك الزمان، ومع تغير الزمن أصبح باهظاً بالفعل مع تغير العُملة.

أجود أنواع الإثمد هو الإثمد الأصفهاني، ولعلّ من أهم خصائصه العلاجية أنه يدخل في علاج الكثير من الأمراض الجلدية، ولندرة هذا الكحل الآن وعدم توافره بسهولة فقد أصبح باهظ الثمن كما ذكرنا آنفاً، ونادراً ما يتم الحصول على الأصلي منه.

 
Email