جذور

جوا ومنطقة الخليج العربي ملامح وتاريخ وعلاقات

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعود تاريخ إنشاء أرشيف مدينة جوا الهندية إلى إحدى الشخصيات الإدارية المهمة ويدعى ديوغو دو كوتو Diogo do Couto، المولود في لشبونة عام 1542 والمتوفّى في جوا عام 1616.

وهو مؤرّخ مشهور. وقد تعلم اللاتينية ودرس الفلسفة ثمّ غادر لشبونة إلى الهند البرتغالية في مارس 1559 للعمل في الجنديّة، ورابط في بداية أمره في الحامية البرتغالية في سورات، ثمّ تنقّلت به الأحوال إلى أن وصل إلى جوا عاصمة السلطة البريطانية في المحيط الهندي.

وبعدما صدر قرار نائب الملك في Velha Goa، في 25 فبراير 1595، بإنشاء دار المحفوظات جوا، كُلّف دو كوتو بتنظيم السجلّات والمراسلات والتقارير. وظهرت توقيعاته في عددٍ من المراسلات والتقارير. وبقي مسؤولاً عن الأرشيف إلى وفاته عام 1616. وفي هذه الحلقة نتابع التجوال في أجواء ذلك الزمان الذي يذكر به هذا الأرشيف.

كانت جوا بفضل موقعها وتجارتها موضع حسد من بقية جزر وموانئ الهند، بما تتمتع به من مناخ معتدل، وما تزخر به من جوز الهند، ومن نباتات التنبول المستعملة في المضغ، وبما فيها من عيون، وقنوات، ووفرة في قصب السكر، ومن هنا تبوأت المدينة وقراها مكانة عالية في التجارة في أرجاء المحيط الهندي، وتاجر معها أهالي الخليج.

وصدروا إليها الخيول العربية التي كانت لها تجارة رائجة لفترة طويلة من الزمن. وكان تجار الخليج يعودون من جوا محملين سفنهم بمنتجاتها من الأرز والأقمشة والبهارات والحلي، كما اشتهر أهالي جوا بصناعة السفن الضخمة.

الحكم البرتغالي

وحينما احتلها البرتغاليون عام 1510 اتخذوها قاعدة حكمهم في عموم المحيط الهندي، وكانت مدينة جوا إحدى الركائز الكبرى، التي اعتمد عليها الحكم البرتغالي في الشرق، وشيدوا فيها قلعتهم العظيمة المترامية الأطراف، القوية البنيان، فكانت تبث الذعر في الأجواء.

واستعملوا جوا قاعدة لمراقبة تحركات الأساطيل والسفن في المحيط الهندي وبحر العرب، وفرضوا عليها الضرائب، وبضرورة استخراج بطاقة تعريفية بكل سفينة مدون فيها اسم النوخذة وحمولة السفينة، وعدد بحارتها، وحمولتها، ويحتفظ الأرشيف البرتغالي في جوا بكل هذه السجلات المهمة.

وفي هذه المدونات العديد من السفن العربية الخليجية،التي كانت تنطلق من موانئ البحرين والقطيف والبصرة وجلفار وخورفكان وصحار ومسقط.

تقرير مايلز

وفي تقرير زاخر ومركز صادر عن إدارة المقيمية السياسية في الخليج العربي والوكالة السياسية في مسقط للسنة:

1884 - 1885 أعده الوكيل السياسي والقنصل البارز صموئيل مايلز (Samuel Barrett Miles) (1838 - 1914)، ضمن حديث تاريخي عن الوجود البرتغالي في الشرق.

ويؤكد أن البرتغاليين خطوا فصولاً جديدة في تاريخ العالم الحديث، ويلمح من جهة أخرى إلى أنه إلى عام 1884 لم تكتمل عملية كتابة التاريخ البرتغالي، وينوه بما يحتويه أرشيف مدينة جوا من مراسلات وأدبيات هائلة وثرية، كما أطلق البريطانيون على جوا وضواحيها اسم: «الهند البرتغالية».

سفن أهالي الخليج

تشير الوثائق البريطانية إلى أهمية جوا بالنسبة لسفن أهل الخليج، إذ كانوا يتوقفون في مينائها، ويقضون فيها أياماً ليس فقط للمتاجرة، بل للتزود بالمياه العذبة، وكان لبعض أهالي الخليج وكلاء تجاريون في جوا، وخصوصاً في ما يتعلق بتجارة الشاي، ومن المراسلات ما بعثه مدير شركة الشحن في جوا إلى دار الاعتماد في البحرين يستفسر عن بوم يدعى فتح الخير.

لأحد أهالي خورفكان ونوخذة يدعى أحمد عبدالله، غادر جوا إلى البصرة في 20 أبريل 1946، وبعد مرور خمسة شهور لم يصلهم أي خبر عنه، ويسأله أن يزوده بمعلومات حول هذا البوم، ويرد عليه برسالة يخبره بأنه لا تتوفر لديهم أية معلومات حوله.

أهالي جوا في الخليج

وبعد التمدد البريطاني في الهند والمحيط الهندي والخليج العربي وشبه الجزيرة العربية وضعف النفوذ البرتغالي بدأت تحدث هجرة من جوا إلى بعض المدن الهندية الأخرى مع بدايات القرن السابع عشر لتغير الأحوال الاقتصادية والسياسية في منطقة جوا، التي ظلت تحت الحكم البرتغالي إلى عام 1961، فهاجروا إلى بومباي وكاليكوت وكراتشي وموزمبيق، وفي القرن العشرين هاجرت مجموعات كبيرة منه إلى بلدان الخليج العربية.

ومن المعلومات اللافتة ما ورد في تقرير بريطاني يعود للنصف الأول من شهر مايو 1945، وفيه أن طبيب أسنان من أهالي جوا البرتغالية وصل إلى دبي، وافتتح عيادة أسنان في المدينة، وقام بزيارة الضابط السياسي في 2 مايو، ويدعى هذا الطبيب: خوسيه كوريا فرنانديس (Jose Correia Fernandis)، كما عمل من أهالي جوا منذ ما قبل عام 1942 في شركة نفط البحرين.

وكان من ضمن المهاجرين عائلات من قرية صغيرة جنوبي جوا تدعى أسولنا (Assolna)، ومن هذه العائلات: طبيب الأسنان بنيامين بيس، الذي هاجر إلى الكويت، وساعد كثيرين من شباب القرية للهجرة إلى الخليج منذ منتصف خمسينيات القرن الماضي على الرغم من شدة الحر وقت الصيف، وأغلب المهاجرين من الذكور، وينقسم هؤلاء المهاجرون إلى ثلاث فئات: الأولى:

المتعلمون الذين عملوا في البنوك وإدارة المشاريع الخدمية، وقد تمكن أبناء هذه الفئة من التعلم في مدارس بريطانية وأمريكية.

والثانية: من ذوي الدخل المعتدل، الذين تحصلوا على تأشيرات عمل، ثم تمكنوا من إحضار زوجاتهم وأبنائهم إلى أماكن عملهم، وأدخلوا أبناءهم مدارس هندية في ضواحي السالمية وخيطان، وقد تمكن هؤلاء الأولاد من السفر إلى بريطانيا والولايات المتحدة وأستراليا، وبعض بلدان الشرق الأوسط، والثالثة: من ذوي الدخل المحدود، وقد برزت هذه الفئات في أعمال مختلفة في عقدي الخمسينيات والستينيات، وما يليهما من عقود.

دارا

كان غرق دارا هذه الباخرة الكبيرة والشهيرة قبالة ساحل أم القيوين في عام 196١ حدثاً مشهوداً، فقد فيه مئات من المسافرين أرواحهم، وكان من ضمنهم أفراد الطاقم، وأثناء التحقيقات في هذا الحدث اتضح وجود أفراد من جوا يعملون ضمن الطاقم.

 

 

 

Email